اجل ، ان كل ربح تحقق في تجارة البورصة ،
انما جاء نتيجة اتباع استراتيجية علمية موضوعية يقبل بها المنطق ،
ويقرها العقل السليم ؛ وان هو كان على غير ذلك ، فما هو الا ربحا سريعا ،
قائما على الصدفة والحظ ، وعلى الصدفة والحظ فقط ؛

إذ سرعان ما ينجح السوق غدا في استرجاع ما يكون قد وفره لك الحظ اليوم ،
وقد ينجح في استرجاعه مضاعفا مرة ومرات .


وما تراها عزيزي القارئ تكون هذه الستراتيجية السليمة ؟

وما تراها تكون ركائزها المتينة المحققة لربح مستمر ومتنام ؟

وكيف السبيل لبلوغ كنه أسرارها و جوهر خفاياها ؟


لطالما سمعنا قول قائل :
انا اقدّر ان الفرنك الى صعود لذلك ساشتريه مقابل الدولار .

ولطالما وصل الى مسمعنا سؤال سائل :

ماذا تقدّر لليورو مقابل الدولار ؟ أصعود ام تراجع ؟


أنا أقدّر . أنت ماذا تقدّر . تقديرات . تقديرات . تقديرات .

الوعاء ينضح بما فيه . الكلمة توحي بما تحتويه .


هو تقديرٌ ، منك ومني . تقديرٌ يعني تخمينٌ . تخمينٌ إن هو إلا ظنٌ .
والظنٌ عكس اليقين . وفيه مغامرة ، ورهانٌ ، بل قل فيه مقامرة .

ماذا يعني أن تقدّر صديقي القارئ ؟

ما الدافع الذي جعلك تقدّر ؟

ولماذا قدّرت أنّ الفرنك الى ارتفاع ؟


طبعا انت لا تعرف لسؤالي جوابا .

او انك تعرفه وتخجل من البوح به .

تخجل؟

نعم تخجل بكل تاكيد . لا ، لا ، أنا لم أخطئ الكلمة . أنا لا أقصد إهانة ،
ولكنني أعني ما أقول .


انت تخجل بشرح المعطيات التي تدفعك لان تعتقد بأن الفرنك أو غيره
من العملات يسير الى ارتفاع او انخفاض . انت تخجل لانك ،لا تعتقد ،

بل تتمنى ،

نعم تتمنى ان يرتفع الفرنك . انت تحب ان يحصل ما تتمناه . أنت لا تستطيع التقدير .
أنت لست في وضع يسمح لك بالتقدير . لأن معلوماتك قليلة ، هزيلة ،
لا يمكن لاي تقدير مبني عليها ان يكون صائبا وصحيحا .

لذلك بنيت تقديرك على ظن باهت اللون ،وظنك على تمن شاحب المرأى ،
وأمنيتك على سراب ، لا بد ان يزول أمام أول شعاع شمس .


لقد خالجك شعور ناعم بالربح .

ومن لم يخالجه هذا الشعور ؟

لقد دغدغت أحاسيسك نبضات حريرية ناعمة ،
نبضات فرح ناتج عن الحصول على مال سهل .
نبضات الفرح هذه حولتها انانيتك الى حقيقة .
وترجمتها محبة ذاتك الى واقع ،دون ان تعرف ، ودون ان تحسّ ، بأنها مبنية على ظنّ ،

وعلى ظنّ ليس الا .

أنت تريد أن تربح ، عزيزي القارئ .

بل قل تتمنى لو أنك تربح .

ولكي يتمّ لك هذا لا بدّ أن تفعل شيئا. لا بد أن تشتري شيئا ما.
ولا بدّ أن يرتفع هذا الشيء. إذن فليكن الفرنك . أنت تقدر أنه سيرتفع ،
لأنك تريد له أن يرتفع .

لأن عقلك الباطني المتآمر مع مخيلتك ، المترجمة لأحاسيسك ،
والناقلة لأمانيك أوحى لك بأن ترفع الفرنك ليتم الربح . وها أنت تأتمر له ،
إئتمار الاعمى للمبصر ؛ وترتهن له ، ارتهان التابع للمتبوع .

هذه الأحاسيس صارت جزءا منك . أمست تملأ عليك حياتك .
هي ترافقك في كل لحظة .هي انيسك في وحدتك ، وجليسك في وحشتك .

انت تخاف ان تفقدها . تفتقدها ان لم تحسّها . تخاف عليها . تريدها حقيقة .
تتمنى لو تستطيع ملامستها . تحولها الى واقع ، الى قناعة . بمخيلتك ،
بظنك ، باعتقادك ، بتقديرك ، وها نحن قد وصلنا . بتقديرك ،

اذن لا بد لك ان تقدّر ، لا بد لك ان تنحت صنما ، لتعجب بشكله الى حد العبادة .

لقد وقعت في الفخ .

قل لي ما هي الاستراتيجية التي جعلتك تقدر ان الفرنك او غيره الى ارتفاع ؟

لماذا اسرعت الى جهاز الكمبيوتر وسجلت أمر شراء الفرنك ؟


قل لي ما هي المعطيات العقلية ، العلمية ، الموضوعية ، المنطقية ، المقنعة ،
التي جعلتك تقدر ما قدرت ، وتنسج ما نسجت ، وتفعل ما فعلت ؟

قل لي لماذا اخترت الفرنك دون غيره من العملات لترفعه وترتفع معه ؟


ألم يكن اختيارك له مبنيا على خبر سمعته في قناة فضائية -
وما أكثر ما تنقل من اخبار - ، أو قرأته في صحيفة محلية ؟

ألم تكن مستعدا لرفع الدولار ايضا لو ان الصدفة حملتك الى سماع خبر ما ،
أو تصريح ما ، أو تقرير ما غير الذي سمعته ؟

لا ،

انت لن تستطيع الكثير لإقناعي . انت لم تتصرف انطلاقا من استراتيجية ،
ولكن من رغبة . انت لن تربح صديقي ، وان ربحت فلن أهنئك على ما حققت ،
لأن ربحك وليد صدفة ولا يد لك في تحقيقه البتتة .


وعلى أي ربح سأهنئك إذن ان لم يكن على هذا ؟

سرٌ لا بدّ أن أفشيه لك في يوم ،
أرجو ألا يكون بعيدا....