يبدو أن اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي الامريكي القادم خلال يومي 16 و 17 سبتمبر 2015 سيكون لقاءً استثنائياً في أهميته حتى بالمعايير العالية التي سنّها بنك الاحتياطي مؤخراً. فبعد أن أبقى أسعار الفائدة عند مستوىً قريب من الصفر لمدة سبع سنوات ونفذ جولات متعددة من التيسير الكميّ، سينظر بنك الاحتياطي الفيدرالي للمرة الأولى منذ الأزمة المالية العالمية بجدية في مسألة رفع أسعار الفائدة.
وقد انقسم المراقبون في الرأي فيما إذا كان بنك الاحتياطي الفيدرالي سيضغط على الزناد فعلياً في هذا الاجتماع. كما ظلت الأسواق أيضاً في موقف مماثل من عدم اليقين حيال الأمر. وسنقوم فيما يلي بتقييم كل من الحججالمؤيدة والمعارضة لرفع أسعار الفائدة قبل الاجتماع التاريخي الذي سينعقد يوم الخميس القادم.
إن السبب الرئيسي الذي يدعم رفع سعر الفائدة الآن هو أداء سوق العمل الأمريكي، فقد ظل معدل البطالة يتراجع بسرعة وبشكل مطرد منذ أن بلغ ذروته في أبريل2010 عند 9.9%. ففي أغسطس من هذا العام، تراجع معدل البطالة إلى 5.1%، وهو ما يقل عن توقعات بنك الاحتياطي الفيدرالي للمعدّل بنهاية العام.
وقد انعكس الأداء القوي لسوق العمل في الولايات المتحدة أيضاً على الاقتصاد بشكل أوسع. فقد بلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نسبة 3.7% في الربع الثاني من العام، وهو يتجه حالياً للنمو بحدود 2.5%-3.0% في الربع الثالث. ويشير هذا الأداء القوي للاقتصاد وسوق العمل في الولايات المتحدة إلى أنه يتعين على بنك الاحتياطي الفيدرالي أن يعمل الآن لكبح أي ضغوط تضخمية مستقبلية وإبقائها تحت السيطرة.
لكن المعارضون لرفع أسعار الفائدة يجادلون بأن التضخم ليس مرتفعاً في الاقتصاد في الوقت الحاضر. فقد كان مقياس التضخم الأساسي الذي يفضله بنك الاحتياطي الفيدرالي (والذي لا يضم المواد المتقلبة كالمواد الغذائية والطاقة) قد بلغ 1.2% في شهر يوليو، وهو أقل بكثير من معدل 2% المستهدف من قبل البنك الفيدرالي. إذاً في ظل هذا الانخفاض الكبير للتضخم، ألا يجدر ببنك الاحتياطي الفدرالي الإبقاء على أسعار الفائدة منخفضة حتى يعود التضخم قريباً من المعدل المستهدف؟ ليس بالضرورة.
فنظراً لمسؤوليته المزدوجة، يحتاج بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى الانتباه إلى كل من البطالة والتضخم معاً. وتوصي حالياً قاعدة تايلور، التي تحدد سعر الفائدة للبنك المركزي بناء على حجم تباين التضخم والبطالة من المعدلات المستهدفة لهما، بأن يكون سعر الفائدة عند 0.75%, أي أعلى من مستواه الحالي بـ 50 نقطة أساس.