كان التحليل الفني موجودا منذ بداية وجود أسواق منظمة للتبادل , ولكن المجمع التجاري لم
يقبل بالتحليل الفني كأداة صالحة لكسب المال حتى أواخر عام 1970 أو حتى أوائل 1980.
وهنا عرف المحلل الفني أن االتجاه العام لمجتمع السوق قد أستغرق أجياال للحاق به .
يشارك عدد معين من المتداولين في األسواق في كل يوم أو أسبوع أو شهر, والعديد من
هؤالء المتداولين يقومون بنفس المجموعة من األمور مرارا و تكرارا محاولين كسب المال .
15
بعبارة أخرى, األفراد يطورون أنماطا سلوكية , ومجموعات األفراد أثناء تفاعلهم مع بعضهم
البعض بأسس ثابتة يشكلون أنماط سلوك جماعية ,
هذه األنماط السلوكية يمكن مالحظتها و قياسها كميا , وهي تكرر نفسها بحيث يمكن االعتماد
عليها إحصائيا ,
والتحليل الفني هو المنهج الذي ينظم هذا السلوك الجماعي ضمن أنماط يمكن تمييزها , بحيث
تعطي إشارة صريحة بأن احتمال حدوث شيء ما هو أكبر من احتمال حدوث شيء آخر .
بمعنى أن التحليل الفني يسمح لك بأن تدخل إلى عقل السوق لتتوقع ما هو المرجح أن يحدث
الحقا , وذلك اعتمادا على نوع أنماط السوق المولّدة في لحظة سابقة .
وقد تبّين أن التحليل الفني تفوق بأشواط على التحليل األساسي المحض كنهج للتنبؤ بحركة
السعر المستقبلية فهو ُيبقي المتداول مركزا على ما يفعله السوق اآلن بالمقارنة مع ما فعله
في الماضي , بدال من التركيز على ما كان ينبغي على السوق فعله اعتمادا فقط على ما هو
منطقي و معقول بحسب نموذج رياضي ما .
من ناحية أخرى , فالتحليل األساسي يخلق ما أسميه "فجوة في الواقع" بين "ما يجب أن
يكون" وبين "ما هو كائن حقا" ,
هذه الفجوة في الواقع تجعل من الصعب جدا علينا أن نقوم بأي شيء عدا توقعات بعيدة
المدى , والتي من الصعب االستفادة منها حتى ولو كانت صحيحة .
وعلى النقيض من ذلك , فالتحليل الفني ال يغلق فجوة الواقع هذه فحسب , وإنما يوفر أيضا
للمتداول عدد غير محدود من االحتماالت الستغاللها .
المنهج الفني يفتح إمكانيات و احتماالت أكبر بكثير ألنه يحدد ويبين كيفية حدوث نفس سلوك
األنماط المتكررة على كل األطر الزمنية _ لحظة بلحظة_ سواء على اليومي أو األسبوعي أو
السنوي أو على كل فترة زمنية بين هذه الفترات .
بعبارة أخرى , التحليل الفني يحّول السوق إلى جدول ال متناهي من الفرص بما يتيح للمرء أن
يحقق الثراء