بدأت العملات الافتراضية في صنع اسم لنفسها في القطاع الخيري بعيدا عن فكرة "الثراء السريع" المرتبطة بها أو تكنولوجيا البلوكتشين التي يمكن استخدامها في الأعمال التجارية والشركات.
في أبريل الماضي، أعلنت مؤسسة غير ربحية تابعة لموسوعة ويكيبديا على الإنترنت "ويكيميديا" أنها تمتلك بروتوكول الطلب الخاص بقبول التبرعات في شكل العملات الافتراضية، واستقبلت المؤسسة ما يعادل 55 مليون دولار من عملة البيتكوين لمجموعة واسعة من القضايا الخيرية.
وتستمر العملات الافتراضية قي دخول مجالات عديدة وعوالم متفرقة، إذ يتم استخدامها بشكل متزايد كوسيلة للتبرع من قبل المسلمين، على سبيل المثال أعلن مسجد تركي يقع في شرق لندن يدعى "المسجد الرمضاني" في يوم الاثنين الماضي عن قبوله الزكاة والصدقة في شكل بيتكوين أو الإثيريوم.
وقال المسؤول عن المسجد، إيركين جورني، إن هذه الخطوة ستمكن المسجد من تلقي المزيد من التبرعات، مؤكدا أن المسجد ليس قويا من الناحية المالية بما يكفي لدعم الجميع، ويعد التشفير فرصة تعطي للناس منصة للتبرع.
ويعرف التبرع الإلزامي في الدين الإسلامي باسم الزكاة، إذ يجب على المسلمين التبرع ب2.5% من ثرواتهم للأعمال الخيرية خلال شهر رمضان. ومع بدء شهر رمضان في الأسبوع الماضي، يأمل المسجد أن يتمكن من جمع 10000 جنيه إسترليني (13.450 دولار) من تبرعات العملات الافتراضية، ومن المتوقع أن تذهب الأموال نحو الإصلاحات الأساسية للمسجد والمساعدة في تكاليف الجنازة والمأوى للمحتاجين في المنطقة المحلية.
وأوضح رئيس شركة " كومبو إنوفيشن" التي تقدم نصايح للمسجد فيما يتعلق لقبول تبرعات التشفير، غورميت سينغ، أن القيمة المحجوزة حاليا في العملة الافتراضية هي فرصة لمعالجة الفقر الذي يؤثر بشكل كبير على المسلمين الذين يشكلون نسبة كبيرة من فقراء العالم. وقال سينغ أن 23٪ من سكان العالم مسلمون، لكن 53٪ من فقراء العالم مسلمون.
وقال سينغ أن القيمة الإجمالية لسوق التشفير تبلغ 290 مليار جنيه استرليني، وتهمين البيتكوين على السوق بنسبة 36% أو ما يقارب 104 مليار جنيه استرليني، ما يعني أن 1% من البيتكوين أو ما يعادل 1.04 مليار جنية استرليني يتملكه مسلمين. وبالتالي مساهمات الزكاة قد تصل إلى 26 مليون جنيه استرليني.
ولا يعد المسجد الرمضاني رائد في هذا المجال، إذ سبقه مسجدين، أحدهما في ولاية نيوهامبشير الأمريكية والآخر في هولندا، في عام 2017 في قبول الزكاة بالعملات الافتراضية. كما بدأت الجمعية الخيرية الإسلامية بالمملكة المتحدة التي تساعد الأسر الفقيرة في قبول تبرعات العملات الافتراضية في وقت سابق من هذا العام.
وفي نفس الوقت، يتسم التمويل الإسلامي بمبادئ تحظر قبول الأموال التي يتم تحصيلها من الفائدة أو من المضاربة، وبالتالي يعتبر الإسلام على خلاف مع فئة الأصول الرقمية التي تتسم بمستويات عالية من التقلب.
وعن هذه النقطة، قال سينغ أن خطة المسجد تكمن في تصفية أي تبرعات مجهولة بمجرد الحصول عليها، حتى لا تتغير قيمة التبرعات، وسيتم تحويل التبرعات على الفور إلى الجنيه الاسترليني.
إلا أنه لا يزال هناك عدم يقين حول ما إذا كانت العملة الافتراضية مقبولة وفقا للشريعة الإسلامية خاصة مع ظهور شخصيات موثوقة مثل مفتي مصر الذي أعلن تأييده لحظر العملات الافتراضية بسبب استخدامها بين المجرمين وعدم اتباعها للقوانين، في حين أن العلماء في قطر وباكستان واندونيسيا أعلنوا أن العملات الافتراضية حلال.