ما بعد برشلونة:
لقد أظهر إعلان برشلونة أن الشراكة الاورومتوسطية باتت تعبيراً عن مستوى معين من المنافسة في دائرة حوض المتوسط بين الولايات المتحدة التي كانت تسعى إلى الهيمنة العالمية، والاتحاد الاوروبي، وبخاصة بعد إنتهاء الحرب الباردة، ومشروع الولايات المتحدة لإقامة الشرق الاوسط الكبير والذي يضم دول الشمال الأفريقي.
كما ان محاولات سلخ منطقة الشمال الإفريقي واجتزائها وتركيز تفاعلاتها شمالا مع القطب الأوروبي قد يكون على حساب التفاعلات مع الجنوب أي مع دول القارة الإفريقية، حيث يحول هذا الوضع إفريقيا إلى أجزاء جغرافية منفصلة.
كذلك فإن الدور الأمني المتزايد للإتحاد الأوروبي في البحر المتوسط والشمال الأفريقي يتيح له مواجهة التهديدات الأمنية الجنوبية، كما يضمن له مصالحه المتمثلة في تأمين تدفق الموارد البترولية والغاز وسلامة خطوط المواصلات البحرية والجوية والحدِّ من تدفق المهاجرين غير الشرعيين.
ونظرًا إلى عدم تحقيق إعلان برشلونة أهدافه كافة، فقد كانت فرنسا – باعتبارها من أكثر الدول الأوروبية نفوذاً في إفريقيا وبخاصة في شمال القارة – من أول الداعين إلى توطيد التعاون الأورومتوسطي ولكن في إطار جديد سمي في ما بعد بـ«الإتحاد من أجل المتوسط»، (فرنسا والمانيا هما أقوى دول الاتحاد إقتصادياً وسياسياً وأكثرهما تأثيراً).