ما هي معايير تحديد المخاطرة القصوى في كل صفقة من صفقات الفوركس؟ لا يتردد كثير من المبتدئين في المخاطرة بنسبة كبيرة من رأسمالهم في الصفقة الواحدة – حيث يرى هؤلاء أن السبب الرئيسي الذي احتذبهم إلى عالم الفوركس هو قدرتهم على التحكم في قدر كبير من الأموال من خلال استخدام الرافعة المالية. برغم ذلك، فإن الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها هو أن المتداولين المحترفين لا يخاطرون سوى بنسبة صغيرة من إجمالي رصيد الحساب. وبالنسبة لهؤلاء، فإن المخاطرة بنسبة تتراوح بين 5-10% في الصفقة الواحدة تعد مخاطرة مفرطة. النسبة المثلى التي يوصي بها كثير من المحترفين لا تتجاوز 1-2.5%. وبغض النظر عن نسبة المخاطرة التي تنوي تطبيقها، يجب عليك الالتزام بها على الدوام في جميع صفقاتك. الخطأ الأخير الذي يجب تجنب الوقوع به هو المخاطرة في صفقات بنسبة أكبر من صفقات أخرى – وبرغم أن كثيرون يرون أسباب منطقية لاتخاذ مثل هذا القرار، إلا أن الواقع العملي يثبت أنه الطريق الأقصر لتحويل التداول إلى مقامرة غيرة محسوبة العواقب.
لماذا ينصح الجميع بعدم الإفراط في المخاطرة أثناء التداول؟ كلما زاد معدل انخفاض الرصيد أو drawdown، كلما كانت استعادة الحساب إلى وضعه الأصلي أكثر صعوبة. على سبيل المثال، دعنا نفترض أنك فتحت حساب لتداول الفوركس برصيد 1,000$ (هذا المبلغ يكفي بالكاد للبدء، وحتى إذا لم ترتكب أي أخطاء فإنك ستحتاج للتداول بنجاح لفترة طويلة حتى تتمكن من تنمية رأسمالك وتحقيق عائد مجدي في نهاية المطاف). دعنا نفترض أنك قررت المخاطرة بنسبة 50% من رصيد الحساب في الصفقة الأولى. إذا خسرت هذه الصفقة، عندها سيكون معدل تراجع الرصيد هو 50% فيما لن يتبقى سوى 500$ في حسابك. ما الذي ستحتاجه في هذه الحالة للتعافي من خسائر هذه الصفقة والعودة إلى نقطة البداية؟ قد تعتقد للوهلة الأولى أنك تحتاج أيضاً إلى ربح بنسبة 50% — ولكن هذه حسبة خاطئة لأنك في هذه الحالة لن تستعيد سوى نصف الخسائر. واقع الأمر أنك تحتاج إلى ربح 100% من الرصيد الحالي، أي 500$ أخرى، فقط للعودة إلى الرصيد الأولي عند 1,000$ — مع ملاحظة أنك في هذه الحالة ستعود إلى نقطة البداية وسيتعين عليك العمل مرة أخرى للبدء في تحقيق الأرباح.
على الجانب الآخر، إذا قررت ألا تزيد نسبة المخاطرة عن 10%، وخسرت بالفعل أولى صفقاتك، عندها سيتراجع رصيد الحساب إلى 900$. أنت بحاجة في هذه الحالة لتحقيق أرباح بنسبة 11.1% لتعويض هذه الخسارة والعودة بالرصيد إلى 1,000$. بالطبع يمكنك ملاحظة مدى ضآلة هذا الفارق عند مقارنته بالنسب الواردة في المثال الأول، أي 50% و100%؟ في السيناريو الأول ستواجه صعوبة كبيرة في إدارة الحساب بعد تكبد الخسارة الأولى كما أن صفقة أخرى فاشلة ستكون كافية لتصفير الحساب.
النصيحة الأولى التي قد تسمعها من البعض لتحقيق النجاح في الفوركس هو أن تتجنب الخسارة في المقام الأول. هناك حقاً صعوبة بالغة في تعويض الخسائر التي تتكبدها أثناء التداول – ألقي نظرة مرة أخرى على النسب المذكورة في المثال الأول. لا توجد اجتهادات في هذا الأمر لأننا نتكلم عن حقائق رياضية. وكما يقول البعض، إذا اعتنيت بحماية رصيد الحساب وتجنب الخسائر، فإن الأرباح ستعتني بنفسها. يجب أن يكون هدفك الرئيسي منصباً على تقليل عدد الصفقات الخاسرة قدر الإمكان، وأيضاً تقليل الخسارة التي تتكبدها في كل صفقة. تعتبر قواعد إدارة رأس المال واحدة من أهم الطرق التي يلجأ إليها المتداولون لتحقيق هذا الهدف. ولهذا تكشف التجارب السابقة أن استراتيجيات الفوركس المحافظة أكثر قدرة على تحقيق النجاح مقارنة بالاستراتيجيات المغامرة التي تنطوي على المخاطرة بأموال كثيرة. يتطلب النجاح في الفوركس بعض الوقت والكثير من الصبر، خصوصاً إذا كنت تبدأ برأسمال صغير، ولكن تأكد أنك ستجني ثمار الانضباط والمثابرة في نهاية المطاف طالما التزمت بها طوال الطريق.