في خطوة تاريخية٬ اتخذ مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي٬ الأربعاء الماضي٬ قراراً برفع معدلات الفائدة للمرة الأولى منذ نحو عقد من الزمان٬ لُينهي سياسة تسهيل الاقتراض التي اتبعها لدعم النمو الاقتصادي الأميركي بعد الأزمة المالية في عام 2008.
وقررت لجنة السياسة النقدية في ختام اجتماع الأسبوع الماضي٬ استمر لمدة يومين في العاصمة الأميركية واشنطن٬ رفع معدلات الفائدة الرئيسية التي ظلت قريبة من الصفر منذ أواخر عام ٬2008 بـ0.25%٬ لتصل إلى 0.5%.
وعادة ما يكون ارتفاع أسعار الفائدة بمثابة خبر سيئ لأسواق الأسهم والسلع في مختلف دول العالم٬ التي تزدهر على إثر إقبال المستثمرين على الأصول ذات المخاطر العالية٬ والذين يكونون على استعداد لتحمل المزيد من المخاطر من أجل عوائد أفضل. وارتفاع معدلات الفائدة يعني عائدا أفضل على النقد مع انخفاض المخاطر٬ كما أنها عوائد يمكن للمستثمر الحصول عليها في أي وقت.
المدى المتوسط
ويقول دانيال مورجان٬ محلل السلع في شركة الخدمات المالية (ubs): "من الناحية النظرية٬ كل شيء يجري على قدم المساواة. وارتفاع معدلات الفائدة في الولايات المتحدة سترفع قيمة الدولار الأميركي بالنسبة للدول التي تقدم على خفض أسعار الفائدة".
لكن كاثي ليان٬ العضو المنتدب بشركة "bk" لإدارة الأصول٬ ترى أن الدولار من المرجح أن يتراجع على المدى المتوسط.
وتقول كاثي في مذكرة بحثية حديثة: "واحد من الأسباب الرئيسية لاتجاه الدولار إلى أداء ضعيف بعد الارتفاع المتوقع خلال الفترة التالية لقرار رفع الفائدة٬ هو أنه في كثير من الأحيان ما يكون مصحوبا بسياسة نقدية توسعية".
وعمليا٬ يميل الذهب إلى التحرك في الاتجاه المعاكس للدولار٬ ولذلك فإن اتخاذ مجلس الاحتياطي الاتحادي قرارا برفع الفائدة من شأنه أن يدفع الذهب إلى مستويات هابطة.
وتراجع الذهب على مدى الـ11 شهرا الأولى من عام 2015 بنحو 17.2%، ليتراجع من مستوى 1282.93 دولار للأونصة في يناير إلى 1061.90 دولار للأونصة في نوفمبر الماضي٬ وفقا لبيانات مؤسسة سوق السبائك في لندن.
ذروة الطفرة
وتتراجع أسعار المعادن٬ وبخاصة الذهب٬ منذ ذروة طفرة السلع في عام 2011. حيث بلغ سعر الأونصة 1916.25 دولار في أغسطس من العام نفسه٬ واستمر سعر الذهب في الهبوط نتيجة زيادة المعروض وتراجع النمو في الطلب من المشترين الرئيسيين مثل الصين.
وبعد الارتفاع إلى مستوى 1079 دولارا للأونصة٬ قبيل قرار الفيدرالي الأميركي برفع الفائدة الأربعاء الماضي٬ استمرت أسعار الذهب في السير في الاتجاه الهبوطي لتفقد 15 دولارا من قيمتها خلال تعاملات الجمعة لتلامس مستوى 1049 دولارا٬ أدنى مستوياتها منذ 6 سنوات.
وتشير توقعات الكثير من البنوك الاستثمارية إلى أن عام 2016 سيكون عاماً صعباً آخر للذهب وسط انخفاض معدلات التضخم في كثير من دول العالم المتقدم وارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة.
ويتوقع "سوسيتيه جنرال" أن يكون الذهب ضحية لرفع سعر الفائدة٬ ليقع تحت مستوى ألف دولار للأونصة٬ حتى يصل بنهاية عام 2016 إلى 955 دولاراً للأونصة.