darsh
08-09-2014, 00:47
السلام عليكم
مصر مفلسة من الناحية المالية وتعتمد بشكل خطير على سخاء دول الخليج. وخطر العنف قتل صناعة السياحة، التي كانت مصدراً رئيسياً من مصادر الدخل وتوفير فرص العمل. كما تراجعت مستويات المعيشة، وتواجه مصر اليوم أزمة عميقة وعويصة مع نقص الطاقة والمياه والغذاء.بعد عقد من البحث والتفكير، وجدت أوروبا نفسها مجبرة على مواجهة حال عدم الاستقرار القائمة عند حدودها، لاسيما في الشرق والجنوب.على الأقل خمس دول تعاني من الاضطراب وهي مالي وسوريا وليبيا والعراق وأوكرانيا، وتشكل سلسلة متنوعة من التهديدات تتراوح ما بين تدفق اللاجئين وتطرف الأفراد والارهاب، وحدوث انقطاع في امدادات الطاقة.
المشاكل التي تعانيها كل دولة يمكن أن تنتشر الى البلدان والمناطق الأخرى ومنها لبنان والجزائر والبلقان. لكن المزيد من المشاكل يمكن أن تواجهها أوروبا اذا ما طالت قائمة الدول غير المستقرة لتشمل مصر. سيكون عندها التهديد أصبح خطيرا جدا.يمكن أن يغفر للمراقب العادي حينما يعتقد أن مصر قد استقرت بعد انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسي والاطاحة بحكومة الاخوان المسلمين. فقد لا تكون النتيجة قد جاءت بالضبط كما كان يأمل المحتجون الذين تجمعوا في ميدان التحرير في القاهرة قبل ثلاث سنوات ونصف السنة، لكن على الأقل هناك نظام في الشارع.
وتشكل الطاقة صلب المشكلة. قبل أسبوعين فرضت حكومة الرئيس السيسي زيادة بنسبة %78 في أسعار الوقود الأساسية، وهي زيادة خففت جزئيا فقط على ربع سكان البلاد البالغ تعدادهم 82 مليون نسمة الذين يعيشون على أقل من دولارين يوميا. الزيادات، التي صممت لتقليص فاتورة الدعم الضخمة، ستزيد من المشاكل التي يعانيها الأفراد والشركات الذين يعانون أصلا من أجل الاستمرار والبقاء.خفض الدعم الحكومي له ما يبرره، كما هي الحال في البلدان الأخر في المنطقة، لكن وحتى يتم تجنب الاضرار بالاقتصاد، كان يجب أن تتم التغييرات على نحو تدريجي وليس بصورة فورية وقاسية.
زيادة الأسعار ليست سوى مشكلة واحدة. فالمشكلة التالية تتعلق بنقص امدادات الطاقة. فالقاهرة وأجزاء أخرى من البلاد تعاني بالفعل من انقطاع الكهرباء بسبب نقص الطاقة، ولهذا تعمل الصناعة في البلاد بنسبة 60 - %70 من طاقاتها الانتاجية فقط مما يزيد من مشكلة البطالة ويفاقمها. والمشكلة لا تكمن في نقص قدرة توليد الكهرباء، بل في عدم قدرة البلاد على استيراد المواد اللازمة لانتاج الطاقة الكهربائية. وتعتمد مصر اصلا على النفط والغاز الرخيصين من الدول العربية الصديقة، لكنها لا تستطيع تحمل استيراد الامدادات الاضافية التي يحتاجها النظام.
وقد وضعت الحكومة الجديدة وبشكل غير متناسق عددا من الخيارات تتراوح ما بين استيراد الغاز من اسرائيل الى التنقيب عن الغاز الصخري في الصحراء الغربية أو بناء محطة للطاقة النووية في الضبعة قرب الاسكندرية. لكن هذ الخيارات وفي أفضل أحوالها ليست الا حلولا على المدى البعيد. فحقل الغازي البحري الرئيسي لاسرائيل بحاجة الى أن يتم تطويره بداية كما أن المشاكل السياسية والأمنية المحيطة بالموضوع هائلة. أما احتمال التنقيب عن الغاز الصخري في الصحراء الغربية فلم يتم اختباره بعد. في حين يتطلب انشاء محطة للطاقة النووية سنوات طوال بل وحتى عقود، خاصة اذا ما تكررت تجربة الصناعة في أولكيليوتو في فنلندا. ومن بين جميع الخيارات المقترحة، فان الحل الأرخص، والأكثر قذارة وتلوثا، يكمن في العودة الى الفحم المستورد.
واضافة الى النقص في الطاقة، هناك مشاكل أخرى خطرة تتبلور وتتشكل حول المياه والغذاء، فكما هو مبين في مذكرة متقنة صدرت حديثا عن مركز الأبحاث «فيوتشر دايركشين» ومقره استراليا، فان مصر تعتمد على مياه النيل، لكنها تعتمد في المقابل على اتفاقيات تعود الى الحقبة الاستعمارية التي تؤثر على معظم البلاد التي يجري النهر عبرها. ولم تعد هذه البلدان مستعدة ولا حتى قادرة على تحمل والتساهل مع الوضع وتطالب بحصة أكبر من المياه لها.
وتعاني مصر أصلا من نقص في المياه ويمكن للوضع أن يسوء أكثر خلال السنوات الخمس المقبلة. كما تعاني البلاد من نقص في المواذ الغذائية وسوء تغذية مزمن بين الأطفال. والانتاج الزراعي دون المستويات المطلوبة حاليا وتعداد السكان يزداد بنسبة 1.3 مليون نسمة سنويا. والواردات الغذائية مكلفة ومحدودة استنادا الى امكانات البلاد. وتتفاقم المشكلة بسبب فشل الحكومات المصرية المتعاقبة في اصلاح شركات مملوكة للدول والمؤسسة العسكرية تتسم بالفساد وعدم الكفاءة وهي الشركات التي تهيمن على الاقتصاد.
ويمهد ذلك الأمر الى وقوع كارثة انسانية، الا أن للسياسة دورا أيضا فيما يحدث مع استمرار النظام في ملاحقة المعارضة الاسلامية ومحاكمة رموزها. ومن غير المحتمل أن تمر الأحكام القاسية الصادرة بحقهم مرور الكرام في مصر وعند اضافة النقص في المياه والكهرباء الذي تعانيه البلاد، فان ذلك قد يمهد الطريق للجولة المقبلة من التغيير.
يسود شعور بأن سقوط الامبراطورية العثمانية قبل 100 عام أدخل البلاد العربية في أتون الفوضى والصراعات، وأن التراجع الحالي في مستويات السلام النسبي العالمي يعرض المنطقة برمتها الى سنوات من عدم الاستقرار.
الكثير تغير خلال قرن من الزمان، طبعا، ليس أقله زيادة اعتماد الدول المتقدمة على الطاقة ومصادرها في المنطقة العربية. وكما وضحت دراسة حديثة ومفصلة من مركز ويست بوينت حول الارهاب في العالم، فان مصر تقع على واحدة من أهم طرق التجارة في العالم. اذ يمر %8 من اجمالي التجارة العالمية عبر قناة السويس. وفي العام الماضي، أبحر حوالي نصف واردات أوروبا من الغاز الطبيعي المسال عبر القناة، أي حوالي %13 من تجارة الغاز الطبيعي المسال العالمية. كما ينتقل ما يصل الى 3 ملايين برميل من النفط يوميا عبر القناة في كلا الاتجاهين، أي حوالي %7 من تجارة النفط العالمية.وكما يقول مراقبون فان هناك شعورا خادعا ومضللا بالسلام والهدوء في أسواق النفط في الوقت الراهن. لكن لا تتوقعوا أن يستمر هذا الأمر.
مصر مفلسة من الناحية المالية وتعتمد بشكل خطير على سخاء دول الخليج. وخطر العنف قتل صناعة السياحة، التي كانت مصدراً رئيسياً من مصادر الدخل وتوفير فرص العمل. كما تراجعت مستويات المعيشة، وتواجه مصر اليوم أزمة عميقة وعويصة مع نقص الطاقة والمياه والغذاء.بعد عقد من البحث والتفكير، وجدت أوروبا نفسها مجبرة على مواجهة حال عدم الاستقرار القائمة عند حدودها، لاسيما في الشرق والجنوب.على الأقل خمس دول تعاني من الاضطراب وهي مالي وسوريا وليبيا والعراق وأوكرانيا، وتشكل سلسلة متنوعة من التهديدات تتراوح ما بين تدفق اللاجئين وتطرف الأفراد والارهاب، وحدوث انقطاع في امدادات الطاقة.
المشاكل التي تعانيها كل دولة يمكن أن تنتشر الى البلدان والمناطق الأخرى ومنها لبنان والجزائر والبلقان. لكن المزيد من المشاكل يمكن أن تواجهها أوروبا اذا ما طالت قائمة الدول غير المستقرة لتشمل مصر. سيكون عندها التهديد أصبح خطيرا جدا.يمكن أن يغفر للمراقب العادي حينما يعتقد أن مصر قد استقرت بعد انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسي والاطاحة بحكومة الاخوان المسلمين. فقد لا تكون النتيجة قد جاءت بالضبط كما كان يأمل المحتجون الذين تجمعوا في ميدان التحرير في القاهرة قبل ثلاث سنوات ونصف السنة، لكن على الأقل هناك نظام في الشارع.
وتشكل الطاقة صلب المشكلة. قبل أسبوعين فرضت حكومة الرئيس السيسي زيادة بنسبة %78 في أسعار الوقود الأساسية، وهي زيادة خففت جزئيا فقط على ربع سكان البلاد البالغ تعدادهم 82 مليون نسمة الذين يعيشون على أقل من دولارين يوميا. الزيادات، التي صممت لتقليص فاتورة الدعم الضخمة، ستزيد من المشاكل التي يعانيها الأفراد والشركات الذين يعانون أصلا من أجل الاستمرار والبقاء.خفض الدعم الحكومي له ما يبرره، كما هي الحال في البلدان الأخر في المنطقة، لكن وحتى يتم تجنب الاضرار بالاقتصاد، كان يجب أن تتم التغييرات على نحو تدريجي وليس بصورة فورية وقاسية.
زيادة الأسعار ليست سوى مشكلة واحدة. فالمشكلة التالية تتعلق بنقص امدادات الطاقة. فالقاهرة وأجزاء أخرى من البلاد تعاني بالفعل من انقطاع الكهرباء بسبب نقص الطاقة، ولهذا تعمل الصناعة في البلاد بنسبة 60 - %70 من طاقاتها الانتاجية فقط مما يزيد من مشكلة البطالة ويفاقمها. والمشكلة لا تكمن في نقص قدرة توليد الكهرباء، بل في عدم قدرة البلاد على استيراد المواد اللازمة لانتاج الطاقة الكهربائية. وتعتمد مصر اصلا على النفط والغاز الرخيصين من الدول العربية الصديقة، لكنها لا تستطيع تحمل استيراد الامدادات الاضافية التي يحتاجها النظام.
وقد وضعت الحكومة الجديدة وبشكل غير متناسق عددا من الخيارات تتراوح ما بين استيراد الغاز من اسرائيل الى التنقيب عن الغاز الصخري في الصحراء الغربية أو بناء محطة للطاقة النووية في الضبعة قرب الاسكندرية. لكن هذ الخيارات وفي أفضل أحوالها ليست الا حلولا على المدى البعيد. فحقل الغازي البحري الرئيسي لاسرائيل بحاجة الى أن يتم تطويره بداية كما أن المشاكل السياسية والأمنية المحيطة بالموضوع هائلة. أما احتمال التنقيب عن الغاز الصخري في الصحراء الغربية فلم يتم اختباره بعد. في حين يتطلب انشاء محطة للطاقة النووية سنوات طوال بل وحتى عقود، خاصة اذا ما تكررت تجربة الصناعة في أولكيليوتو في فنلندا. ومن بين جميع الخيارات المقترحة، فان الحل الأرخص، والأكثر قذارة وتلوثا، يكمن في العودة الى الفحم المستورد.
واضافة الى النقص في الطاقة، هناك مشاكل أخرى خطرة تتبلور وتتشكل حول المياه والغذاء، فكما هو مبين في مذكرة متقنة صدرت حديثا عن مركز الأبحاث «فيوتشر دايركشين» ومقره استراليا، فان مصر تعتمد على مياه النيل، لكنها تعتمد في المقابل على اتفاقيات تعود الى الحقبة الاستعمارية التي تؤثر على معظم البلاد التي يجري النهر عبرها. ولم تعد هذه البلدان مستعدة ولا حتى قادرة على تحمل والتساهل مع الوضع وتطالب بحصة أكبر من المياه لها.
وتعاني مصر أصلا من نقص في المياه ويمكن للوضع أن يسوء أكثر خلال السنوات الخمس المقبلة. كما تعاني البلاد من نقص في المواذ الغذائية وسوء تغذية مزمن بين الأطفال. والانتاج الزراعي دون المستويات المطلوبة حاليا وتعداد السكان يزداد بنسبة 1.3 مليون نسمة سنويا. والواردات الغذائية مكلفة ومحدودة استنادا الى امكانات البلاد. وتتفاقم المشكلة بسبب فشل الحكومات المصرية المتعاقبة في اصلاح شركات مملوكة للدول والمؤسسة العسكرية تتسم بالفساد وعدم الكفاءة وهي الشركات التي تهيمن على الاقتصاد.
ويمهد ذلك الأمر الى وقوع كارثة انسانية، الا أن للسياسة دورا أيضا فيما يحدث مع استمرار النظام في ملاحقة المعارضة الاسلامية ومحاكمة رموزها. ومن غير المحتمل أن تمر الأحكام القاسية الصادرة بحقهم مرور الكرام في مصر وعند اضافة النقص في المياه والكهرباء الذي تعانيه البلاد، فان ذلك قد يمهد الطريق للجولة المقبلة من التغيير.
يسود شعور بأن سقوط الامبراطورية العثمانية قبل 100 عام أدخل البلاد العربية في أتون الفوضى والصراعات، وأن التراجع الحالي في مستويات السلام النسبي العالمي يعرض المنطقة برمتها الى سنوات من عدم الاستقرار.
الكثير تغير خلال قرن من الزمان، طبعا، ليس أقله زيادة اعتماد الدول المتقدمة على الطاقة ومصادرها في المنطقة العربية. وكما وضحت دراسة حديثة ومفصلة من مركز ويست بوينت حول الارهاب في العالم، فان مصر تقع على واحدة من أهم طرق التجارة في العالم. اذ يمر %8 من اجمالي التجارة العالمية عبر قناة السويس. وفي العام الماضي، أبحر حوالي نصف واردات أوروبا من الغاز الطبيعي المسال عبر القناة، أي حوالي %13 من تجارة الغاز الطبيعي المسال العالمية. كما ينتقل ما يصل الى 3 ملايين برميل من النفط يوميا عبر القناة في كلا الاتجاهين، أي حوالي %7 من تجارة النفط العالمية.وكما يقول مراقبون فان هناك شعورا خادعا ومضللا بالسلام والهدوء في أسواق النفط في الوقت الراهن. لكن لا تتوقعوا أن يستمر هذا الأمر.