PDA

View Full Version : التضخم وعجز المدفوعات يفرضان «التعويم المدار»



gehad87
06-01-2015, 11:11
قال إسماعيل حسن، محافظ البنك المركزى الأسبق، العضو المنتدب لبنك مصر- إيران، إن هناك العديد من العوامل التى تحدد تسعير صرف العملة الوطنية أمام نظيرتها من العملات الأجنبية، أهمها التوازن بين حجم المعروض والطلب على العملة المحلية، وذلك لتخضع العملة لقوى الطلب عليها وما يقابلها من معروض إلى أن يتحدد سعر صرف توازنى.

وأكد أن أغلب دول العالم لم تعد تتحكم كلياً فى تسعير عملتها المحلية بقدر ما تركتها تخضع للتوازن بين العرض والطلب، على أن يكون التوازن مستديمًا وليس مؤقتاً، مشيراً إلى أن التوازن الذى يحدث فى ظروف مؤقتة لا يؤخذ فى الاعتبار، لكونها مواقف استثنائية كإعلان دولة حربًا ما، بما يؤثر بشكل مؤقت على سعر العملة حتى يعود للتوازن مجدداً بعد انتهاء الحدث.

كما لفت إلى أن الأوضاع المؤقتة يسمح خلالها بتدخل البنك المركزى لتحقيق التوازن المنشود سواء كبائع للعملات للحد من الارتفاع المفاجئ فى أسعارها، مستخدماً ما لديه من فائض فى أرصدته من الاحتياطى الأجنبى العام لدى الدولة، أو يتدخل المركزى كمشترٍ للعملة، بغرض الحفاظ على قيمتها ومنع المزيد من التدهور بما يحقق التوازن المنشود فى المركز المالى للنقد الأجنبى.

وأكد «حسن» أن البنك المركزى يتبع نهج البنوك المركزية العالمية فى تسعير الجنيه أمام العملات الأجنبية بخضوعها وفقاً للتوازن بين العرض والطلب، مع محاولة التأثير فى كمية المعروض من النقد الأجنبى بسعر يحقق التوازن فى السوق، لافتاً إلى أن آلية عطاءات بيع الدولار للبنوك التى استحدثها «المركزى» فى السوق المحلية لا تتعارض مع نظام السوق الحرة، مؤكداً أن كل الأدوات متاحة أمام البنوك المركزية للتدخل فى السوق لتحقيق التوازن، ومواجهة الطلبات المتزايدة على العملة الأجنبية.

وأوضح أن السياسات النقدية التى يتبعها المركزى ويسعى لتحقيقها تؤثر تباعاً على تسعير الجنيه أمام العملات الأجنبية، مشيراً الى أنه إذا كان المركزى يستهدف استقرار المستوى العام للأسعار والسيطرة على التضخم، فتنعكس على آلية تسعير الجنيه، فإذا كان هناك نقص للدولار فى السوق المحلية نتيجة زيادة فى الطلب على المعروض، يتم بحث الأسباب الرئيسية لارتفاع الأسعار واختيار أنسب الأدوات المتاحة للوصول إلى التوازن المنشود لتجنب التأثيرات السلبية لارتفاع الدولار على تسعير بعض المنتجات فى السوق وتجنب زيادة التكاليف.

يذكر، أن البنك المركزى لجأ لتعديل أسعار الجنيه أمام العملات الأجنبية فى إطار عوامل عدة، أبرزها اتجاهات التضخم والمستوى العام للأسعار، وخطط تحفيز النمو الاقتصادى، والتغيرات الهيكلية فى حركة التجارة وميزان المدفوعات ما بين الفائض، ليعكس طلباً على الجنيه وعجزًا فى فترات عديدة تعكس نقصاً فى العملات الأجنبية.

فيما يرى مصدر مسئول بالبنك المركزى المصرى، أن هناك عدة عوامل رئيسية تتحكم فى تحديد أسعار الجنيه أمام العملات الأجنبية، أهمها السياسة النقدية التى ينتهجها المركزى والمعلنة عند استهداف استقرار الأسعار وتحقيق معدلات منخفضة للتضخم فى الفترة المقبلة، والتى من شأنها جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، ومن ثم رفع معدلات النمو الاقتصادى، مشيراً إلى أن ارتفاع المستوى العام للأسعار والتضخم ينعكس بشكل أساسى على سعر الصرف، ويؤدى إلى انخفاض القوى الشرائية للعملة المحلية.

ولفت إلى أن هناك عوامل أخرى تتعلق بالمعاملات مع العالم الخارجى، ففائض ميزان المدفوعات يعكس زيادة فى حصيلة ايرادات الدولة من النقد الأجنبى، أما عجز الميزان المدفوعات فيشير إلى الطلب المتزايد على النقد الأجنبى لتغطية الاحتياجات الاستيرادية أو مدفوعات الدين الخارجى، بما ينعكس على تراجع قيمة الجنيه.

وأضاف أن حجم الاستثمارات الأجنبية المتدفقة إلى الداخل والقروض والديون الخارجية على الدولة واذا كانت تستهدف تدعيم صادراتها المحلية عن طريق الاتجاه لخفض قيمة عملتها، كلها عوامل مؤثرة فى تحديد أسعار الصرف المحلى.

واوضح المصدر أن البنك المركزى المصرى يحرص على تحديد سعر الصرف الذى يتناسب مع الاوضاع الاقتصادية ومؤشرات التضخم وعوامل إيرادات النقد الاجنبى ووفقاً للظروف التى تمر بها البلاد، لافتاً إلى صعوبة التحرير الكامل لاسعار صرف الجنيه وفقاً لقوى العرض والطلب فى ظل نقص الايرادات من النقد الاجنبى وتراجع أرصدة الاحتياطى وعدم استقراره.

وأكد أن الاقتصاد المصرى يمر حالياً بظروف استثنائية تتطلب تدخلات متعددة من البنك المركزى للتغلب على أزمات نقص العملات الاجنبية من جهة، ومواجهة المضاربين من جهه أخرى، إلى جانب تحقيق الأهداف الاقتصادية للبلاد، مشيراً إلى أن تحفيز النمو الاقتصادى يتطلب خفض الجنيه لزيادة الإنتاج المحلى وتخفيض تكلفة الإنتاج إلى جانب الحد من الاستيراد من الخارج لضمان تحول الاقتصاد الإنتاجى وتدعيم جاذبية الأصول فى مصر للاستثمار بالداخل.

فيما قال تامر يوسف، مدير إدارة الخزانة فى أحد البنوك الخاصة، إن هناك 3 أنظمة اساسية تتبعها السياسات النقدية لكل دولة فى تسعير عملتها المحلية أمام العملات الأجنبية، الأول: سعر الصرف المدار، الذى يسمح للبنك المركزى بتحديد أسعار بيع وشراء العملة والتحكم فى كل معطيات سوق الصرف.

والثانى: نظام التعويم المدار الذى يتحدد وفقاً لقوى العرض والطلب والحد الأقصى والأدنى المحدد من قبل المركزى لبيع وشراء العملات مع التدخل فى السوق بطريقة مباشرة لتحقيق الاستقرار، إلى جانب نظام سعر الصرف المعوم، الذى يسمح لقوى العرض والطلب بتحديد أسعار العملة.

وأشار يوسف إلى أن البنك المركزى المصرى قرر التحويل من نظام سعر الصرف الثابت إلى نظام «التعويم المدار» منذ عام 2003 حتى الوقت الحالى، والذى يتيح للبنك وضع حدود لأسعار البيع والشراء وتحديد هامش بين السعرين مع التحكم فى بعض الأدوات المتاحة فى السوق والتدخل بطريقة مباشرة؛ بهدف تحقيق التوازن وفقاً للحدود السعرية المنشودة.

وأوضح أن المرحلة الاقتصادية التى تمر بها البلاد تتحكم بشكل رئيسى فى سياسة سعر الصرف التى تنتهجها أى دولة، كما تحدد سياستها النقدية وتوجهاتها مستوى أسعار الصرف الأجنبى اللازم لتحقيق أهدافها الاقتصادية.

واستبعد اتجاه المركزى للتحول لنظام التعويم الكامل فى تسعير الجنيه لعدة أسباب، أبرزها: انخفاض حجم الاحتياطى من النقد بما لا يدعم قدرته على التدخل فى السوق المحلية كالبنوك المركزية العالمية، مشيراً إلى أن الدول المتقدمة التى تتبع نظام التعويم تتمتع برصيد ضخم من الاحتياطى من النقد الأجنبى الذى يسمح لها بالتدخل فى السوق بشكل مباشر والتأثير على حجم المعروض والطلب من العملات.

وأضاف أن غياب الطلب على تداول الجنيه فى الأسواق الخارجية يحول دون التحول لنظام التعويم الكامل لأسعار الجنيه، كما أنه لا توجد سلعة مصرية متداولة عالمياً بما يستوجب تحفيز الطلبات الخارجية على شراء الجنيه، لافتًا إلى أن العملات التى يتم تداولها بيعاً وشراءً فى الاسواق العالمية كالدولار، الذى يعتبر أكثر العملات تداولاً فى العالم، تخضع أنظمتها للتعويم الكامل.

وألمح إلى أن آلية مزادات بيع البنك المركزى الدولار للبنوك المحلية تدعم من نظام التعويم المدار الذى ينتهجه المركزى، لكونها تسمح له بالتدخل فى سوق الصرف المحلية ببيع كميات وبأسعار محددة من الدولار، مشيرًا إلى أن تلك الآلية ينتهجها عدد من البنوك المركزية فى عدة دول كالبرازيل وتركيا، نتيجة تراجع أرصدتها من النقد الأجنبى وانخفاض أسعار العملة المحلية وتراجع قدرة السوق على توفير العملات الصعبة.

وأوضح يوسف أن الأسعار الحقيقية لتداول العملة المحلية أمام العملات الأجنبية تتحقق وفقاً لقوى العرض والطلب فى الأسواق التى تتمتع بنظام التعويم الكامل لسعر الصرف.

وأكد أن النظام الحالى لسعر الجنيه يحدده البنك المركزى، وفقاً لسياسته النقدية، والتى تختلف بتوجهاتها إذا كانت تستهدف التضخم واستقرار المستوى العام للأسعار أو النمو الاقتصادى، مضيفاً أنه إذا أرادت الدولة تحفيز النمو الاقتصادى وزيادة الانتاج فيجب أن يتجه البنك المركزى إلى خفض قيمة الجنيه لتخفيض تكلفة الإنتاج المحلى وتحجيم الاستيراد من الخارج.