PDA

View Full Version : الأزمة العالمية الحالية



704460
06-17-2015, 16:52
يقف العالم مشدوهاً أمام ما يطلق عليه ” الأزمة المالية “ العالمية، فـأكبر اقتـصاد فـي
العالم ( الولايات المتحدة الأمريكية ) مهدد بالانزلاق إلى هاوية الكساد والإفلاس، ومن أكبـر
وأعرق المؤسسات المالية الدولية في أمريكا وأوروبا، فكيف حدث ذلك؟ ولماذا هـي ” أزمـة
مالية “ أكثر منها ” أزمة اقتصادية “ ؟ فهي أزمة في القطاع المالي ولكنها تهدد بإغراق الاقتـصاد
بأكمله . فكيف ولماذا؟
كل هذه أسئلة تقلق القارئ العادي الذي يريد أن يفهم . وقد طلب مني الكثيرون أن
أحاول أن أقدم تفسيراً مبسطاً يساعد القارئ غير المتخصص علي فهم ما يجري أمامه من
أحداث تبدو غير واضحة.
لأن أهم أسباب عدم الفهم ترجع عادة إلي غموض ”البدهيات “ والمبادئ الأولية لعلم
الاقتصاد، فلذلك فلا أجد غضاضة في أن أبدأ بشرح هذه المبادئ الأولية.
وإذا كان الاقتصاد العيني هو الأساس في حياة البشر وسبيل تقدمهم، فقد اكتشفت
البشرية منذ وقت مبكر أن هذا الاقتصاد العيني وحده لا يكفي بل لابد أن يزود بأدوات مالية
تسهل عمليات التبادل من ناحية، والعمل المشترك من أجل المستقبل من ناحية أخري.
ومن هنا ظهرت الحاجة إلي ”أدوات “ أو ”وسائل “ تسهل التعامل في الثروة العينية . لعل
أولي صور هذه الأدوات المالية هي ظهور فكرة ” الحقوق “ علي الثروة العينية . فالأرض
6
الزراعية هي جزء من الثروة العينية وهي التي تنتج المحاصيل الزراعية التي تشبع حاجة
الإنسان من المأكل وربما السكن وأحياناً الملبس.
ولكنك إذا أردت أن تتصرف في هذه الأرض فإنك لا تحمل الأرض علي رأسك لكي
تبيعها أو تؤجرها للغير، وإنما كان لابد للبشرية أن تكتشف مفهوماً جديداً اسمه ”حق الملكية “
علي هذه الأرض . فهذا ”الحق القانوني “ يعني أن يعترف الجميع بأنك ( المالك ) الوحيد صاحب
الحق في استغلال هذه الأرض والتصرف فيها.
وهكذا بدأ ظهور مفهوم جديد اسمه ” الأصول المالية“ Financial*assets ، باعتبارها
حقاً علي الثروة العينية.
وأصبح التعامل يتم علي ” الأصول المالية “ باعتبارها ممثلاً للأصول العينية .
أن ” النقود “ أصبحت أصلا ماليا يعطي صاحبه الحق في الحصول علي ما يشاء من
الاقتصاد، أي من السلع والخدمات المعروضة في الاقتصاد . والنقود في ذاتها ليست سلعة،
فهي لا تشبع الحاجات، فهي لا تؤكل، ولا تشبع حاجة الملبس أو المسكن أو غير ذلك من
متاع الحياة، فقط الاقتصاد العيني من سلع وخدمات يسمح بذلك.
ولكن النقود باعتبارها حقاً علي الاقتصاد العيني تسمح بإشباع الحاجات الحقيقية
بمبادلتها مع الأصول العينية ( السلع ) ، أي أن ”النقود “ هي أصل مالي أو حق علي الأصول
العي نية، فهي ممثل عن الاقتصاد العيني، ولكن وجودها والتعامل بها يساعد علي سهولة التبادل
والمعاملات في السلع العينية.
إن يحصل العميل علي تسهيل البنك فإنه يتصرف في هذا التسهيل كما لو كان نقوداً لأن
البنوك تتمتع بثقة عامة في الاقتصاد . وهكذا فإن البنوك تحول المديونيات الخاصة للعملاء إلي
مديونيات عامة تتمتع بثقة كبيرة لدي الجمهور فيقبل عليها المتعاملون لأنهم يثقون في هذه
البنوك.
وهكذا لعب القطاع المصرفي - والقطاع المالي بصفة عامة - دوراً هائلاً في زيادة
حجم الأصول المالية المتداولة وزيادة الثقة فيها . ومن هنا بدأت بوادر أو بذور الأزمات
المالية وهي بدء انقطاع الصلة بين الاقتصاد المالي والاقتصاد العيني . فالتوسع المالي بإصدار
7
أنواع متعددة من الأصول المالية المتنوعة بشكل مستقل عن الاقتصاد العيني وأصبحت
للأسواق المالية حياتها الخاصة بعيداً عما يحدث في الاقتصاد العيني..
ومن هنا تظهر حقيقة الأزمة المعاصرة باعتبارها أزمة ”مالية “ بالدرجة الأولي نجمت
عن التوسع الكبير في الأصول المالية علي نحو مستقل ـ إلي حد كبير ـ عما يحدث في
” الاقتصاد العيني “ ،
يرجع ذلك إلي المؤسسات المالية التي أسرفت في إصدار الأصول المالية بأكثر من
حاجة الاقتصاد العيني، ومع هذا التوسع الكبير في إصدار الأصول المالية، زاد عدد المدينين،
وزاد بالتالي حجم المخاطر إذا عجز أحدهم عن السداد، وهناك ثلاثة عناصر متكاملة يمكن
الإشارة إليها وتفسر هذا التوسع المجنون في إصدار الأصول المالية.
أما العنصر الأول فهو زيادة أحجام المديونية أو ما يطلق عليه اسم الرافعة المالية
Lever*age، فما هو المقصود بذلك؟
حددت اتفاقية بازل للرقابة علي البنوك حدود التوسع في الإقراض للبنوك بألا تتجاوز
نسبة من رأس المال المملوك لهذه البنوك، فالبنك لا يستطيع أن يقرض أكثر من نسبة محددة
لما يملكه من رأسمال واحتياطي وهو ما يعرف بالرافعة المالية.
ورغم أن البنوك المركزية تراقب البنوك التجارية في ضرورة احترام هذه النسب، فإن
ما يعرف باسم بنوك الاستثمار في الولايات المتحدة لا يخضع لرقابة البنك المركزي،
ومن هنا توسعت بعض هذه البنوك في الإقراض لأكثر من ستين ضعفاً من حجم
رؤوس أموالها كما في حالة UBS ، ويقال إن الوضع بالنسبة لبنك Lyman كان أكبر، وهذه
الزيادة الكبيرة في الاقتراض تعني مزيداً من المخاطر إذا تعرض بعض المدينين لمشكلة في
السداد كما حدث بالنسبة للأزمة العقارية، كما سنشير.
ولكن لماذا تتوسع المؤسسات المالية في الإقراض والاقتراض؟
لسبب بسيط، الجشع greed ، فمزيد من الإقراض والاقتراض يعني مزيداً من الأرباح،
أما المخاطر الناجمة عن هذا التوسع في الإقراض فهي لا تهم مجالس الإدارة في معظم هذه
البنوك، والتي تهتم فقط بالأرباح قصيرة الأجل، حيث يتوقف عليها حجم مكافآت الإدارة، ومن
8
هنا ظهرت أرباح مبالغ فيها ومكافآت مالية سخية لرؤساء البنوك، وهكذا أدي الاهتمام بالربح
في المدة القصيرة إلي تعريض النظام المالي للمخاطر في المدة الطويلة.
ولدت الأزمة الأخيرة نتيجة ما أطلق عليه أزمة الرهون العقارية، فالعقارات في أمريكا
هي أكبر مصدر للإقراض والاقتراض، فالحلم الأمريكي لكل مواطن هو أن يملك بيته، ولذلك
فهو يشتري عقاره بالدين من البنك مقابل رهن هذا العقار، والأزمة بدأت فيما عرف بالرهون
العقارية الأقل جودة subprime ، فماذا حدث؟
يشتري المواطن بيته بالدين مقابل رهن هذا العقار، ثم ترتفع قيمة العقار، فيحاول
صاحب العقار الحصول علي قرض جديد نتيجة ارتفاع سعر العقار، وذلك مقابل رهن جديد
من الدرجة الثانية، ومن هنا التسمية بأنها الرهون الأقل جودة، لأنها رهونات من الدرجة
الثانية،
وبالتالي فإنها معرضة أكثر للمخاطر إذا انخفضت قيمة العقارات، و لكن البنوك لم تكتف
بالتوسع في هذه القروض الأقل جودة، بل استخدمت ” المشتقات المالية “ لتوليد مصادر جديدة
للتمويل، وبالتالي للتوسع في الإقراض.. كيف؟
” المحفظة من الرهونات العقاري ة “ لإصدار أوراق مالية جديدة يقترض بها من المؤسسات عندما يتجمع لدي البنك محفظة كبيرة من الرهونات العقارية، فإنه يلجأ إلي استخدام هذه
المالية الأخرى بضمان هذه المحفظة، وهو ما يطلق عليه التوريق securitization ، فكأن
البنك لم يكتف بالإقراض الأولي بضمان هذه العقارات،
بل أصدر موجة ثانية من الأصول المالية بضمان هذه الرهون العقارية فالبنك يقدم
محفظته من الرهونات العقارية كضمان للاقتراض الجديد من السوق عن طريق إصدار
سندات أو أوراق مالية مضمونة بالمحفظة العقارية، وهكذا فإن العقار الواحد يعطي مالكه
الحق في الاقتراض من البنك، ولكن البنك يعيد استخدام نفس العقار ضمن محفظة أكبر،
للاقتراض بموجبها من جدي د من المؤسسات المالية الأخري،
وهذه هي المشتقات المالية، وتستمر العملية في موجة بعد موجة، بحيث يولد العقار
طبقات متتابعة من الإقراض بأسماء المؤسسات المالية واحدة بعد الأخري، هكذا أدي تركز
الإقراض في قطاع واحد ” العقارات “ علي زيادة المخاطر، وساعدت الأدوات المالية الجديدة
” المشتقات “ علي تفاقم هذا الخطر بزيادة أحجام الإقراض موجة تلو الموجة.
9
ويأتي العنصر الثالث والأخير وهو نقص أو انعدام الرقابة أو الإشراف الكافي علي
المؤسسات المالية الوسيطة . حقاً تخضع البنوك التجارية في معظم الدول لرقابة دقيقة من
البنوك المركزية،
ولكن هذه الرقابة تضعف أو حتي تنعدم بالنسبة لمؤسسات مالية أخري مثل بنوك
الاستثمار وسماسرة الرهون العقارية أو الرقابة علي المنتجات المالية الجديدة مثل المشتقات
المالية أو الرقابة علي الهيئات المالية التي تصدر شهادات الجدارة الائتمانية، وبالتالي تشجع
المستثمرين علي الإقبال علي الأوراق المالية.
وقد تكاتفت هذه العناصر علي خلق هذه الأزمة المالية، ولم يقتصر أثرها علي التأثير
علي القطاع المالي بزيادة حجم المخاطر نتيجة للتوسع المحموم في الأصول المالية، بل إنه
هدد أحد أهم عناصر هذا القطاع وهو ” الثقة “ ، فرغم أن العنا صر الثلاثة المشار إليها ـ زيادة
الاقتراض، وتركيز المخاطر، ونقص الرقابة والإشراف ـ كافية لإحداث أزمة عميقة،
فإن الأمور تصبح أكثر خطورة إذا فقدت الثقة أو ضعفت في النظام المالي الذي يقوم
علي ثقة الأفراد، ويزداد الأمر تعقيداً نتيجة للتداخل بين المؤسسات المالي ة في مختلف الدول،
فجميع المؤسسات المالية ـ وبلا استثناء ـ تتعامل مع بعضها البعض، وأي مشكلة عويصة
تصيب إحدي هذه المؤسسات، لابد أن تنعكس بشكل مضاعف علي بقية النظام المالي العالمي
” العولمة“.
وهكذا نجد أن الأزمة المالية الحالية هي نتيجة للتوسع غير المنضبط في القطاع المالي
في الولايات المتحدة ومن ورائه في بقية دول العالم المتقدم، والسؤال : هل يمكن التجاوز عن
هذا الاقتصاد المالي بأدواته المتعددة ومؤسساته الكثيرة؟ للأسف لا يمكن.
الأصول المالية أصبحت مثل الدورة الدموية في الجسم، فلا يكفي أن يكون في جسم
الإنسان أعضاء رئيسية مثل القلب والمعدة والرئتين، بل لابد من دورة دموية تنقل الغذاء
وتطلق الحركة في جسم الإنسان، وهكذا أصبح الاقتصاد لا يكتفي بالمصانع والأراضي
الزراعية، بل إن ما يحركها هو أصول مالية مثل الأسهم والسندات والنقود، وهناك الادخار
والاستثمار الذي يتحقق من خلال أدوات مالية، ولذلك فإن علاج الأزمة المالية ضروري ولا
يمكن تجاهله

YMTMAX2
01-06-2016, 03:12
ليس المهم أن تكون المعلومات جديدة أو قديمة
الأهم هو أن نسأل أنفسنا هل استفدنا مما هو قديم ؟
وهل سنركز جل أهتمامنا على ما هو جديد ؟ عموما معلومات
رائعة ومشكور على ما قدمت ..

*

نادر صباح الدين
01-06-2016, 11:30
مشكور صديقنا العزيز على هذه المشاركة القيمة بالفعل، فالعالم اليوم يعيش كما اتصور ازمة اقتصادية كبيرة لا تقل في خطورتها عن الازمة الاقتصادية التي سبقت الحرب العالمية الأولى، وعن الأزمة التي سبقت الحرب العالمية الثانية، وهي أزمة كساد وضعف التسويق، ولكم المشكلة اليوم هي أزمة كساد بالنسبة لدول كبير كالدول الأوربية، وبالنظر إلى سوق المنتجات والسلع بات محتكرا في دول الشرق إلى حد ما، كالصين ودول شرق آسيا، فإن الولايات المتحدة ارادت أن تجعل من سوق السلاح بديلا عن سوق السلع، ولهذا فهي تدعم الارهاب على مستوى العالم، وتثير المشكلات عبر اتباعها، وعلى الرغم من ذلك من المتوقع أن تبقى المشكلة قائمة، ومن المتوقع أن تتفجر في أية لحظة.

aymansaleh
01-06-2016, 12:50
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاخ الكريم, الازمه الماليه الامريكيه والتي تهدد الاقتصاد العالمي بكارثه وازمه ماليه واقتصاديه تعم على جميع ارجاء المعموره, ازمة الديون العقاريه ومحاولات لعمل اغلاق حكومي جزئي وسط معرضات من احزاب وموافقة احزاب اخرى
تقبل مروري

alizert2015
01-06-2016, 17:16
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
معلومة مهة و موضوع جيد
نشكرك على هدا المجهود بالتوفيق لك تقبل مروري:)
**والسلام عليكم ورحمة الله*****

yasshalamadrid
01-06-2016, 17:58
تسلم على الطرح المفيد
هذا الموضوع مميز حقا . ارجو لك دوام التقدم والنجاح
في عالم الفوركس . نقص المعرفة مشكلة كبيرة . لدلك مثل هده المواضيع لها اهمية كبيرة جدا
نتمنى للجميع الافضل

douerapark
01-06-2016, 19:08
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
معلومة مهة و موضوع جيد
نشكرك على هدا المجهود بالتوفيق لك تقبل مروري
**والسلام عليكم ورحمة الله*****..................................... ...............................

yousse
01-06-2016, 19:52
نتمن أن لا تحدت أي أزمة أنا في رأي لن تكون لأن أمريكا لديها تجربة في هدا الشأن ولديها خبراء كبار يتميزون بمهنية علي يعطون أفكار ستحسن الإقتصاد

viva
06-01-2016, 05:54
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك اخي على هدا الموضوع الجميل و ربي يجعلو في ميزان حسناتك

الله يهدينا و يهدي جميع المسلمين جزاك الله خيرا وبارك فيك