PDA

View Full Version : البنوك المركزية: دراسة سياساتها وتأثيراتها على السوق



MedMan
02-06-2016, 16:43
المصارف المركزية

المصارف المركزية هي عبارة عن مؤسسات تستخدمها البلدان حول العالم من أجل مساعدتها على إدارة قطاعها المصرفي التجاري ومعدّلات الفائدة والعملة. مع ذلك، ليست فكرة المصرف المركزي بجديدة. برزت الأمثلة الأولى على السلطة المصرفية المركزية في الصين مع الإصدار الأوّل للأموال الورقية منذ حوالى الألف عام. تعود الأمثلة الأخرى الى فرسان الهيكل الذين كانوا يتطلّعون للحصول على الإئتمان بغية تمويل حملاتهم الصليبية. وقد تمّ تنقيح العديد من العمليات التي تمّ اختبارها في الماضي على مدى مئات السنين من الممارسة التي أفضت اليوم الى النظم المصرفية الحديثة.

تشمل الأمثلة على المصارف المركزية اليوم بنك الاحتياطي الفدرالي في الولايات المتّحدة والبنك المركزي الأوروبي وبنك انجلترا، الى جانب بنك كندا وبنك الاحتياطي الأسترالي. من الممكن أن يختلف نطاق سلطة المصرف المركزي وتأثيره من البلد الواحد كبنك الاحتياطي الأسترالي أو يمثّل سياسة تتّبعها منطقة أو مجموعة من الدول كالبنك المركزي الأوروبي. ومن أجل إظهار تاثيرات المصارف المركزية في المجتمع الحديث، سنركّز على بنك الاحتياطي الفدرالي وقرارات فائدته.

بنك الاحتياطي الفدرالي

برزت الجذور الأولى لفكرة إنشاء مصرف مركزي في الولايات المتّحدة في الحرب الثورية. في العام 1775، ظهرت لدى الكونغرس الأميركي الرغبة في تطوير عملة وطنيّة وخطّة لتمويل جهود الحرب. كانت القيمة الوحيدة "للقارّي" تعتمد على تحصيل الضرائب المستقبلية للأمّة المستقلّة المستقبلية. ومع استمرار الثورة وتطوّرها الغامض، أدّت عمليات التزوير والطباعة الفوقية الى تدنّي قيمة العملة القارّية وزوالها نهائيًا. عندما عقد المؤتمر الدستوري في العام 1787، شملت إحدى الأولويات مناقشة النظام المالي الحالي. وفي العام 1791، أصدر أوّل بنك للولايات المتّحدة ميثاقه الأصلي.

أمور كثيرة تغيّرت منذ العام 1787! يعرف النظام المصرفي للولايات المتّحدة حاليًا ببنك الاحتياطي الفدرالي. أنشأ الكونغرس بنك الاحتياطي الفدرالي الحديث في العام 1913 بهدف توفير نظام نقدي مستقرّ وآمن للولايات المتّحدة. يبلغ الاحتياطي الفدرالي اهدافه المنشودة من خلال سياسته النقدية وعبر رقابة المصارف والإشراف عليها.

أنظمة المصرف

يتجسّد السبب الرئيسي الكامن وراء إنشاء نظام الاحتياطي الفدرالي الحديث بدرء المخاوف المصرفية في الولايات المتّحدة. بلغت هذه المسألة ذروتها وبرزت الى العلن بشكل كبير في العام 1907 خلال الأزمة التي تعرف "بالذعر المصرفي". في هذه الفترة، خسرت الأسهم في بورصة نيويورك حوالى 50% من الحدّ الأقصى للقيمة المالية التي حقّقتها في العام 1906. وتبلورت تداعيات هذه الأزمة بإضطرار العديد من المصارف والشركات الى الإقفال أو إشهار إفلاسها. وإذ اعترى الخوف الشعب حيال أموالهم المودعة في المصارف المحلّية، سارعوا الى سحبها ما ولّد نقصًا في رؤوس الأموال.

يسعى بنك الاحتياطي الفدرالي الى تفادي أزمة مماثلة لتلك التي اختبرتها البلاد في العام 1907. تمّ إنشاء نظام بإمكانه تأمين حاجات المصارف المحلّية الصغيرة الحجم في حال حدث أي "هروب" للودائع نتيجة السحب المفاجىء أو حالات الطوارىء الإقليمية. يستطيع بنك الاحتياطي الفدرالي بكلّ سهولة إقراض الأموال الى المصارف الإقليمية الصغيرة وفق تكلفة إسمية يطلق عليها اسم معدّل الخصم. عندما تنتهي الأزمة، تعمد المصارف حينها الى إعادة الأموال التي اقترضتها من بنك الاحتياطي الفدرالي. إنّ هذه السياسة هي واحدة من الأدوات العديدة التي يستخدمها الاحتياطي الفدرالي من أجل ضمان الملاءة المالية للأسواق والمودعين في المصارف.

ما هي السياسة النقدية بالتحديد؟

السياسة النقدية هي أداة أخرى متوافرة في جعبة بنك الاحتياطي الفدرالي ويستعملها لبلوغ أهدافه. تصف السياسة النقدية الخطوات التي يتخذها الاحتياطي الفدرالي من أجل إدارة المعروض النقدي داخل الولايات المتّحدة. وبحسب وضع الاقتصاد، بإمكان بنك الاحتياطي الفدرالي اختيار إمّا السياسة التوسّعية أو الإنكماشية، مع تأثّر المعروض النقدي بطريقين محدّدتين.

في أوقات التباطؤ الاقتصادي، غالبًا ما يطبّق الاحتياطي الفدرالي سياسة توسّعية في السوق. تبدأ هذه العملية بتوسيع القاعدة النقدية وتخفيض معدّلات الفائدة. إنّ النظرية الكامنة وراء السياسة التوسّعية هي بجعل الأموال متاحة أكثر للمصارف والشركات بهدف تعزيز النمو والتطوّر. وفي خضمّ سياسة مماثلة، يتوقّع أن يتحسّن الناتج المحلي الإجمالي على سبيل المثال وأن تتراجع البطالة- الناتج المحلي الإجمالي والبطالة هما من المؤشرات الأساسية.

عندما يبدأ الاقتصاد بالتسخّن، سيدرس بنك الاحتياطي الفدرالي قرار اتّخاذ تدابير انكماشية. في هذه المرحلة، من المحتمل أن تبدأ القاعدة النقدية بالتقلّص وتتمّ زيادة معدّلات الفائدة. تساهم هذه الخطوات بتخفيض رؤوس الأموال الإستثمارية المفرطة ورفع أقساط الإقراض. في هذا الإطار، عندما تتراجع أحجام رؤوس الأموال المتداولة، يصبح من المتوقع أن ينكمش الاقتصاد ويتباطأ. في وقت الإنكماش، من المرجّح أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي وترتفع البطالة.

التأثيرات المترتّبة على معدّلات العملة

من خلال التحكّم بالمعروض النقدي ومعدّلات الفائدة، تتمتّع القرارات التي يتّخذها بنك الاحتياطي الفدرالي بتأثير مباشر على قوّة/ضعف الدولار الأميركي. لقد ناقشنا أعلاه أنّه عندما يتمّ اتّباع السياسة التوسّعية، تتزايد القاعدة النقدية وتنخفض معدّلات الفائدة. عند ضخّ المزيد من الأموال في السوق والمصارف بشكل يفوق الطلبات المتوافرة، ترتفع القيم. تولّد عروض الأموال هذه المفرطة تدفقات من الدولارات الرخيصة الى السوق المفتوحة، لتتراجع بذلك قيمتها. ينطبق المثل على معدّلات الفائدة في المناخ التوسّعي. وسط انخفاض معدّلات الفائدة، يصبح من السهل أكثر اقتراض الأموال وتميل قيمة العملة الى التدهور.

يصحّ السيناريو المعاكس عندما يعتنق الاحتياطي الفدرالي سياسة نقدية انكماشية. يؤدّي انخفاض المعروض المالي في السوق المفتوحة الى الى نقص في رؤوس الأموال. يدفع الشحّ الى رفع قيمة الأموال المتبقّية وزيادة قيمة العملة. تتمتّع زيادة معدّلات الفائدة بالتأثير عينه. تجعل المعدّلات الأعلى الأموال أكثر تكلفة للإقتراض، حاجز الإقراض يخفّض الأموال المتاحة. عندما تشحّ رؤوس الأموال، يتوقّع أن ترتفع أسعار العملة.

ماذا يعني ذلك بالنسبة الى التّجار؟

تعتبر معرفة أي من السياسات يتّبع المصرف المركزي بمثابة أمر إيجابي يصبّ لصالح التّجار. البنك المركزي الأوروبي هو واحد من الأمثلة على المصارف التي تتّخذ تدابير توسّعية. في هذا الإطار، إنّ تخفيض معدّلات الفائدة هو واحد من أدوات السياسة التي استخدمها البنك المركزي الأوروبي. ومن مستويات الذروة التي بلغت 4.25% في العام 2008، تراجعت المعدّلات بنسبة 3.25% وصولاً الى 1.00%. ومع أخذ هذا الأمر بعين الإعتبار بالتزامن مع توسّع القاعدة النقدية وسط إعادة تمويل الديون الجديدة، وجد اليورو نفسه في وضع حرج وأخذ يتراجع مقابل معظم العملات الرئيسية. في الرسم البياني الظاهر أدناه، بإمكانك مشاهدة انخفاض اليورو مقابل الدولار الأسترالي اعتبارًا من العام 2007 حتّى الوقت الراهن. وحتّى الأن، أنشأ هذا الزوج اتّجاه بحدّه الأقصى بأكثر من 8000 نقطة أساسية. بإمكاننا استخدام هذا المنحى الإتّجاهي السائد في السوق من أجل التداول وفق الإستراتيجية التي نختارها.

mourada
02-08-2016, 18:40
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
مشكور اخي الكريم على هذا المجهود و على ما يتضمنه الموضوع من معلومات مهمة حول البنوك المركزية و نحن جد ممتنين لك و نتمنى لك التوفيق

asmaa mahmod
02-08-2016, 19:42
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

موضوع هايل جزاك الله خير يا أخى

فى أنتظار المذيد من الابداعات

تقبل مرورى

foxuian
02-11-2016, 19:23
بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخى الكريم مشكور على هذا الموضوع
لقد اعجبني موضوعك كثيرا فهو منظم و منسق و مليء بالمعلومات الرائعة
شكرا جويلا اخي الكريم

zakiki51
03-12-2016, 18:15
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
بارك الله فيك اخي على هدا الموضوع الجميل و الشرح المتقن
ربي يجعلو في ميزان حسنات وتعم الفائدة ان شاء الله
تحياتي

yanic00
04-30-2017, 02:38
شكرا اخي الكريم على هذا الشرح
نتمنى المزيد من المواضيع تقبل مروري
رغم ان هناك الكثير من المبتدئين لا يعلموع هذا الموضوع
وشكرا جزيلا