PDA

View Full Version : الفكر الاقتصادي في الاسلام



أم مهيرة
02-28-2016, 22:34
بسم الله الرحمن الرحيم
إذا كان المقصود بعلم الاقتصاد : العلم الذى يبحث فى الظواهر الاقتصادية من حيث تفسيرها وربطها بأسبابها وبيان العوامل التى تتحكم فيها واستخراج القوانين التى تحكمها، فإن علم الاقتصاد بهذا المعنى المجرد لا يرتبط بأمه دون أخرى أو بمذهب اقتصادى دون آخر، حيث أنه يكون من نتاج الوقائع والملاحظات والتجارب وإعمال العقل فيها ولا ضرورة لوصفه بأنه إسلامى أو رأسمالى أو اشتراكى وإنما يمكن اعتباره إسلاميا كذلك من حيث أنه يكون داخلا تحت عموم الأوامر الشرعية التى حثت المسلمين على التدبر والتفكر والتعقل لاستنباط القوانين من مختلف الظواهر الاقتصادية وغيرها،
ولا مانع اطلاقا فى هذه الحالة من الاستفادة بنتائج التجارب البشرية سواء قام بها المسلمون أو غيرهم فى زيادة الإنتاج أو تحسين وسائله أو ترشيد الاستهلاك أو غير ذلك
مما يتصل بالمعارف الاقتصادية، بشرط ألا يتعارض ذلك مع نص شرعى ويدلف الأستاذ الدكتور عطية عبد الحليم صقر بقولة "إن النصوص الشرعية لم
تتعرض بالبحث فى الاقتصاد كعلم مجرد بطريق مباشر لأن هذا مجال إعمال العقل، ولا ضرورة لتجميده بنصوص شرعية

إما إذا قصد بالاقتصاد مجموعة المبادئ والقيم المحددة لعلاقات الإنتاج والاستهلاك والتوزيع وغيرها من الظواهر الاقتصادية، والتى تجسد فى مجموعها فلسفة معينة وأهدافا محددة، وتضع معالم وحدودا وقواعد بين ما يجوز وما لا يجوز من أنواع النشاط الاقتصادى، أو ما يعرف بين العلماء بالمذهب الاقتصادى، الذى ينبثق عن مجموعة الأحكام الكلية الحاكمة لعمليات الاستثمار والانتاج والتوزيع والتبادل والاستهلاك

وما تتضمنه هذه العمليات من علالاقت اقتصادية وانسانية، أى ما يعرف بالنظام الاقتصادى أو التطبيقات العلمية والفنية التى يجتهد الفقهاء فى وصفها تنفيذاً للمذهب الاقتصادى وفى داخل إطاره العام، أى بما لا يخرج عن الإطار العام للمذهب الذى انبثق عنه، ويحدد مبانيها وأهدافها، وبحيث يشكل النظام آلية تطبيق المذهب، مسترشدا فى ذلك بالقوانين العلمية الاقتصادية المجردة

فإن المشرع الإسلامى الحنيف قد عنى عناية فائقة بوضع مجموعة المبادئ والقيم والقواعد المكونة للمذهب الاقتصادى، ثم تولى الفقهاء المسلمون باجتهاداتهم تكوين وبناء آلية التطبيق وتنفيذ قيم وقواعد هذا المذهب فيما عرف بالنظام الاقتصادى الإسلامى، وذلك فى صورة مجموعة من الأحكام المنظمة لعمليات الإنتاج والتداول والتوزيع والاستهلاك، بحيث تشكل قواعد المذهب الإطار العام للنشاط الاقتصادى للمسلم ٠ بينما يشكل قواعد النظام ما بداخل هذا الإطار من أحكام تفصيلية، لا تخرج عن إطارها العام، فالمشرع الإسلامى مثلا حرم الربا كطريق لاستثمار المال ثم حدد الفقهاء الأموال التى يجرى فيها الربا وعلة تحريمه وحكمته، والمشرع الإسلامى أباح الملكية الخاصة ثم بين الفقهاء باجتهادهم طرق اكتسابها والقيود الواردة عليها والواجبات التى تقع على المالك بسببها، والمشرع الإسلامى أوجب العمل على كل قادر عليه وأجد له، ثم حدد الفقهاء حدود العمل المباح والمحرم والأجر كعائد على العمل وكل ما يتصل به من أحكام جعلت إيجاب الشارع الحنيف له حكما قابلا للتنفيذ، والمشرع الإسلامى الحنيف أوجب إعمار الأرض ثم تناول الفقهاء فى اجتهادهم أحكام الإجارة والمزارعة والمغارسة وإحياء الموات وأرض العشر وأرض الخراج، وكل ما يتصل بإعمار الأرض، وهكذا فى كل المحاور التى يقوم عليها علم الاقتصاد

والخلاصة هنا أن فن الاقتصاد الإسلامى صرح مكون من جانبين :
- احدهما : تشريعى وهو مجموعة المبادئ والقواعد والقيم الواردة بالقرآن الكريم
والسنة النبوية المشرفة والتى تحكم وتشكل فكر وعقيدة المسلم فى سعيه ونشاطه
الاقتصادى ٠
- ثانيهما : تنظيمى وهو ما توصل إليه الفقهاء بالنظر والاجتهاد ومن أحكام كلية
وتفصيلية محددة لحركة حياة المسلم ونشاطه الاقتصادى