PDA

View Full Version : تحديات متصاعدة: تركيا.. أردوغان من فرصة إلى عبء



badr achkaif
06-09-2016, 22:18
تتعد أوجه التحديات التي تواجهها حكومة حزب العدالة والتنمية، وذلك بفعل تنامي النزعة السلطوية للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الأمر الذي بات يشكل تحديا بالنسبة لاستمرار تماسك حزب العدالة والتنمية، الحاكم، فضلا ما يمثله ذلك من تداعيات سلبية على الصورة النمطية للدولة التركية سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، بسبب ملفات الفساد والتضييق على وسائل الإعلام، وهو الأمر الذي باتت تعكسه العديد من التقارير الدولية، فضلا عن الانتقادات الحادة التي باتت تواجهها العديد من القوى الإقليمية والدولية بسبب نمط العلاقة التي تربط بين الحكومة التركية وبين العديد من التنظيمات الإرهابية والجهادية على مسرح عمليات المنطقة، والتي لم تعد تمثل تحديا لسلامة واستقرار دول الإقليم وإنما أيضا تثير تهديدات متصاعدة الحدة على المستوى الدولي، وهو ما عكسته الأحداث الإرهابية الأخيرة التي شهدتها فرنسا، وما تنبئ عنه من احتمالات تعرض بلدان غربية أخرى لعمليات مماثلة.

هذه التحديات وغيرها باتت تطرح تساؤلات في أوساط الجماعة الأكاديمية إقليميا ودوليا فضلا عن وسائل الإعلام المختلفة بشأن مستقبل حزب العدالة والمسار السياسي لزعيمه، رجب طيب أردوغان، في ظل ما تشهده الساحة التركية من تحولات نحو الراديكالية سواء على مستوى القيادة أو على مستوى قطاعات مؤيدة ومعارضة للحزب الحاكم في تركيا.

أولاً- التحديات الداخلية

تصاعدت خلال السنوات الأخيرة التحديات التي يوجهها حزب العدالة والتنمية على الساحة المحلية، بفعل تنامي الاستقطاب السياسي والاجتماعي، وتزايد الشعور بتحول السلطة الديمقراطية إلى سلطة سلطوية.

1- التحول إلى زعيم سلطوي

على الرغم من السياسات الإصلاحية قانونينا وسياسيا واقتصاديا التي تبناها رئيس الوزراء التركي السابق والرئيس الحالي، رجب طيب أردوغان، غير أن ثمة توجها تصاعد بمرور الوقت للسيطرة على مختلف مؤسسات الدولة، وقد استفاد الحزب في ذلك من ضعف أحزاب المعارضة، والسيطرة على قطاعات واسعة من وسائل الإعلام عبر إستراتيجية "الثواب والعقاب"، ومن خلال التحكم في المجموعات المنظمة لرجال الأعمال بواسطة اتباع الإستراتيجية ذاتها من "التضييق والمنح".

بمرور الوقت تحول حزب العدالة من حزب جماعة يعبر عن توجه إسلامي أكثر اعتدالا إلى حزب أكثر تشددا خاضع لزعيم واحد يسيطر على مختلف مقدراته وتيسير أعماله، هذا مع تنامي نزعته المتشددة، التي نتجت عما حققته تركيا من مكاسب متلاحقة سواء على الصعيد المحلي أو المستويين الإقليمي والدولي، دون مراعاة أن التقدم والتحقق التركي خلال السنوات الخالية لم يرتبط وحسب بنمط التطورات الايجابية نسبيا على مسرح عمليات تركيا، وإنما بالتفاعلات السلبية الحادثة على مسرح عمليات الإقليم، والتي أتاحت لتركيا الترويج لنفسها باعتبارها ليس وحسب قوة إقليمية، وإنما أيضا باعتبارها "نموذجا" للدول العربية السنية التي شهدت ثورات شعبية منذ أواخر عام 2010.

كان من نتائج ذلك أن أصبح كل صوت مختلفا وصاحب رأي معارض وفق رؤية أردوغان وصحبه محض تعبير عن اتجاه يبغى العودة بتركيا إلى مرحلة ما قبل حزب العدالة، بما يشكل إعاقة لتقدم تركيا، وعلى الرغم من انتقال أردوغان من منصب رئيس الوزراء إلى مقعد رئيس الدولة، ذي الصلاحيات الرمزية، غير أن المتابع بدقة لنمط العلاقة بين رئيس الوزراء ورئيس الدولة في تركيا، سيكتشف أن صلاحيات رئيس الوزراء انتقلت معه إلى مقر إقامته في "القصر الأبيض" الجديد، دون أن يسبق ذلك إصلاحات دستورية وقانونية تسمح به وتجيزه، ترافق ذلك مع مظاهر متصاعدة لسيطرة أردوغان على نحو شبه كامل على السلطتين التشريعية والقضائية، هذا مع إعلانه بدء اجتماعات هيئة المستشارين عن قيام النظام الرئاسي عام 2015. هذا التطورات لا تنبئ بظهور زعيم سلطوي في دولة شبه ديمقراطية وحسب، وإنما تنبئ باحتمالات تفجر الأوضاع السياسية في الدولة على نحو فجائي.

ومع أن الحزب استطاع خلال الفترة الماضية السيطرة على مسار الاحتجاجات التي شهدتها تركيا، فضلا عن توجيه المحاكمات والملاحقات القانونية لبعض الأطراف التي وقفت وراء كشف العديد من ملفات الفساد المتغلغل في النظام التركي، والمتورط فيه أردوغان شخصيا، غير أنه ليس هناك ضمانة من حدوث تحول نوعي في أية لحظة يقضي بألا يتحول أردوغان فعليا من حاكم إلى متهم.

2- العلاقة مع الحزب الحاكم

تعتبر علاقات زعيم الحزب الفعلي، رجب طيب أردوغان، بزعيم الحزب الرسمي، أحمد داود أوغلو، بالإضافة إلى بقية العناصر الفاعلة داخل الحزب، أحد العوامل التي أسهمت في تماسك الحزب رغم ما كان يمكن مواجهته من تأثيرات بفعل خروج أردوغان من الحزب، بفعل المقتضيات القانونية لمنصبه الجديد، غير أن هذا لا يعني أن التحديات التي تواجه تماسك الحزب قد انتهت.

ذلك أن الانتخابات المقبلة المقرر إجراؤها في السابع من يونيو القادم تثير العديد من التحديات، خصوصا في ظل تهميش رئيس الوزراء ورئيس الحزب رسميا، وذلك في ظل استئثار رجب طيب أردوغان ومجموعة من مستشاريه بعمليات اختيار مرشحيه في الانتخابات المقبلة، سيما أن الحزب يعتزم تغيير نحو ثلثي أعضائه الحاليين بالبرلمان في الانتخابات المقبلة.

يرتبط ذلك بكون نحو 72 من نواب حزب العدالة والتنمية بالبرلمان سيضطرون إلى ترك مقاعدهم بعد أن استمروا بها ثلاث دورات برلمانية متتالية، وذلك بسبب لائحة الحزب الداخلية التي لا تجيز خوض الانتخابات لأكثر من ثلاث مرات. بينما لن يتم إعادة ترشيح بعض الشخصيات المقربة من رئيس الجمهورية السابق عبد اللـه جول وبعض الأسماء المقربة من الجماعات الدينية (جماعة الخدمة- كولن). والنواب الذي يعتبرهم الحزب أنهم لم يساندوه داخل البرلمان بعد الكشف عن فضائح الفساد والرشوة التي طالت أردوغان ورجاله بالإضافة إلى الوزراء الأربعة المتهمين بالفساد.

ويعتمد أردوغان في اختيار قائمة الحزب على نائب رئيس الحزب بشير أطالاي وبعض القيادات العليا بالحزب التي تبنت خطة إستراتيجية لخوض الانتخابات المقبلة. وتسمح الخطة لرئيس الوزراء أحمد داود أوغلو بتحديد بعض المرشحين المحتملين سواء في منطقة الانتخابات التابعة له وكذلك في بعض المدن، أي أن الخطة تسمح له فقط بأن يشكل كوتة من النواب خاصة به داخل قائمة الحزب