PDA

View Full Version : آفاق الإستراتيجية العربية لمواجهة التحديات والتهديدات



badr achkaif
06-09-2016, 22:23
تسعى هذه الدراسة إلى طرح عديدٍ من التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه الوطن العربي، وأثَّرت بشكلٍ واضحٍ على أداء النظام العربي في الآونة الأخيرة. وتلخَّصت جملةُ هذه التحديات الداخلية والخارجية في الآتي:
يواجه العالم العربي كثيراً من التحديات الداخلية والخارجية، التي كان لها _ضمن ما كان_ تأثير واضح على الاستقرار الداخلي في الوطن العربي وعلى مؤسساته المختلفة؛ وتنقسم التحديات التي يتعرض لها الوطن العربي إلى تحدياتٍ داخلية تتمثل في التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية, حيث تُعَدُّ قضايا الإصلاح السياسي، واستكمال مسيرة التحول الديمقراطي، وأوضاع حقوق الإنسان، ومواجهة التطرف والعنف الداخلي في البلدان العربية, من أبرز التحديات السياسية المطروحة بدرجةٍ أو بأخرى داخل كل دولة عربية. ومن التحديات الداخلية: التطرف والعنف الداخلي, حيث توجد ثمة علاقة عكسية واضحة بين تأثير التطرف والعنف والإرهاب الداخلي على مسارات التحول الديمقراطي والمحافظة على حقوق الإنسان، كما أن إهمال هذين الأخيرين يقود بالطبع إلى انتشار العنف.
ومن ثَمَّ يبدو الإصلاح السياسي والديمقراطية المخرجَ الوحيد من الأزمة الممتدة والشاملة، بما يضمن التطور السلمي للمجتمع والدولة في أكثرية الأقطار العربية، بعد أن عاشت المجتمعات العربية أكثر من نصف قرن في ظل أنظمةِ طوارئ حرمتها من الحقوق والحريات، وأضعفت هياكل المشاركة، وعانى المجتمع السياسي من تشوّهات جوهرية وافتقار لآليات العمل الحزبي المنظم والسلمي.
ومن التحديات الاقتصادية والاجتماعية, قضية الأمن الغذائي العربي, وقضية الأمن المائي، حيث أصبحت أزمة المياه حالياً ورقةً مهمةً في الصراع السياسي والاقتصادي في المنطقة العربية، وربما اعتبرت فتيلَ الأزمة في النزاعات الإقليمية. وكذلك الفقر وسوء توزيع الدخل القومي, حيث إن أكثر من ثلثي السكان يقيمون في الأقطار منخفضةِ الدخل, وهناك أكثر من 70 مليون عربي يقعون تحت خط الفقر.
وأيضاً قضية البطالة في العالم العربي, حيث تتنوع أسباب ارتفاع معدلات البطالة ومعدل نمو القوى العاملة في الدول العربية باختلاف الدول والحكومات، التي أكدت على أن هذه الأسباب هي محصلة لضعف الأداء الاقتصادي من ناحية، وسوء توجهات التنمية وضعف مناهج المؤسسات التعليمية والتدريبية من ناحية أخرى، الأمر الذي استوجب إصلاحات اقتصادية عميقة اتبعت منهاج السوق.
ومن التحديات الخارجية التي يواجهها الوطن العربي, التهديدات والتحديات السياسية الأمنية, وهى أبرز القضايا المطروحة حالياً على الساحة العربية، وتؤثِّر على العالم العربي في مجمُوعِهِ؛ كما أن هذا النوع من التحديات لا يمكن لدولةٍ بمفردها مواجهتها أو وضع حلولٍ لها، لأنها تستلزم تضافر جهود وإمكانات مجموعةٍ من الدول العربية أو كلها، لإيجاد سياسة مشتركة، بعيداً عن عوامل القطرية أو التفرّد الذي حظيت به المجموعة الأولي من التحديات. كما أن الحكومات العربية اتخذت موقفاً إيجابياً من الحملة الدولية على الإرهاب وشاركت بشكل أو بآخر مع الولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب، وَسَعَت في الوقت نفسه إلى إطلاق العديد من التصريحات التي تميّز بين الإرهاب والمقاومة المشروعة للاحتلال.
ومع نهاية الحرب الباردة ودخول الولايات المتحدة طرفاً رئيساً في علمية السلام في الشرق الأوسط، بعد انطلاق "مؤتمر مدريد عام 1991"، فإنها بدأت تلوّح بورقة الديمقراطية في المنطقة، باعتبارها الضمان الجديد لمواجهة مخاطر عدم الاستقرار، ولم تبتعد أهدافها أيضاً عن النفط أو إسرائيل أو مواجهةِ الخطر الجديد المتمثل في ظهور الحركات الإسلامية الأصولية في المنطقة العربية، وضمان عدم عرقلة عملية السلام، والتوجه نحو إقرار صيغة شرق أوسطية تدخل إسرائيل طرفاً إقليمياً مباشراً فيها، ويقبل العالم العربي التطبيع وإقامة علاقات سلمية معه.
ومن هذه التحديات الخارجية, الأمن القومي العربي, الذي يتعلق بتأثير الولايات المتحدة وإسرائيل على الأمن القومي العربي, إذ ترفض إسرائيل الاعتراف بامتلاكها أسلحة دمار شامل، وتستند في هذا الرفض إلى التهرب من الالتزامات المترتبة على هذه الملكية.
ومن التحديات الخارجية الاقتصادية والاجتماعية, الديون الخارجية, حيث يواجه الاقتصاد العربي منذ مطلع التسعينيات ضغوطاً وتحديات خارجية قوية للغاية، وذات أبعاد وتأثيرات مباشرة على مسيرة التكامل الاقتصادي العربي،وجاءت تلك الضغوط على إثر قيام الولايات المتحدة الأمريكية بتدشين مفهوم "العولمة" بأبعاده المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهي أبعاد تسعى في عمومها إلى العمل على هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية على مُقدَّرات العالم المتقدم والنامي على حدٍّ سواء. وقد فرضت البيئة الدولية الجديدة تحديات على العالم العربي للشروع في إصلاحات مؤسسية واقتصادية لتجنب سلبيات تلك البيئة؛ ولجَنْي المنافع المتوقعة من التغيّرات الحاصلة، والمساهمة في دمجها في هذه البيئة التي تسير نحو عولمة التجارة وتحريرها بطريقة تؤدي إلى مَثَالب في أداء الاقتصاد العربي, واستنزاف الأموال العربية لصالح العمالة الأجنبية من خلال الهجرة إلى البلدان العربية.