PDA

View Full Version : مراحل تطور النقود



4peace
06-30-2016, 20:50
إرتباطاً بالعلائق الاقتصادية والاجتماعية وديناميكية تطورها التاريخي، فقد أخذت النقود في صيرورة التطور المتشابك بعلائقه الاقتصادية والمالية عدة مراحل
ويمكن تقسيم تطور النقود إلى خمس مراحل أساسية:
المرحلة الأولى مرحلة المقايضة( التبادل السلعي):
لم يكن النمو البشري بمنأىَ عن احتياجه لتطوير نظامه الاقتصادي، فمع تزايد النمو السكاني على الأرض تكونت المجتمعات واستوطنت مناطق مختلفة وتوسعت احتياجاتها للسلع، وتنوعت طرق ووسائل الحصول عليها. وقد أدى ذلك التنوع في السلع إلى أهمية إيجاد نظام للتبادل بصورة عادلة بحيث يستفيد الأفراد من تبادل ما يتوفر لديهم من السلع والخدمات، وكانت تلك البداية في تنظيم عملية التبادل لإشباع حاجات الفرد بأسلوب المقايضة السلعية، وهو النظام الذي يتم فيه تداول السلع وتبادلها بين الأفراد بدون استخدام النقود. وفي هذه المرحلة وضعت معايير لقياس القيم من السلع المطلوبة والمعروضة، مثال ذلك: كمية معينة من الحبوب تعادل عدداً معيناً من الحيوان أو الطيور أو مواد زراعية أخرى.
وبالرغم من ذلك فإن نظام المقايضة أو التبادل السلعي بين الأفراد قد واجه بعض الصعوبات التي أعاقت الاعتماد عليه، ومن تلك الصعوبات مايلي:
1. صعوبة التوافق في العرض والطلب للسلع في كثير من الأحيان.
2. صعوبة تحديد نسب التبادل للسلع المتوفرة أو النادرة.
3. صعوبة تجزئة السلع والخدمات المعروضة والمطلوبة.
إلا أن نظام المقايضة السلعية بالرغم من بدائيته قد مثل خطوة أولى نحو تطور الإنسان في معاملاته التجارية البدائية التي تطورت بعد ذلك بتطور احتياجات وسلوك المجتمعات البشرية.
وهكذا نجد أن المقايضة بأسلوب التبادل السلعي الضيق قد مهد لأسلوب جديد في عملية التبادل السلعي على نطاق أوسع نتيجة لتطور وتوسع المجتمعات البشرية التي أصبحت تشكل تجمعات سكانية متجاورة ومستقرة بالقرب من ضفاف الأنهار وحول الأودية في أطر عشائرية وقبلية. ولقد أصبحت تلك التجمعات القبلية تمثل بداية الحضارة الإنسانية، وباكتشافها لموارد جديدة وممارستها للزراعة وتربية الحيوان التي كانت من أهم العوامل في استقرار تلك التجمعات السكانية. كما نشأت علاقة وطيدة بين الإنسان والأرض حيث كان النشاط الزراعي هو النشاط الرئيسي لديه، وكان ذلك الارتباط دافعاً للإنسان في استعمال وسائل وسيطة تسهل له استغلال موارد بيئته، (كان نتيجة ذلك اكتشافه لصهر المعادن وتشكيلها بأسلوب يساعده على الاستفادة منها) ومع تنوع السلع والخدمات التي يحتاج إليها فقد أصبح من الصعب عليه أن يقوم بإنتاج كل احتياجاته بنفسه، وكان ذلك بداية تقسيم العمل في إطار المجتمع الواحد بما يسمح لهم إنتاج كل ما يحتاجون إليه من سلع وخدمات. كما كان بداية مرحلة جديدة في ممارسة التبادل التجاري حيث أصبح الفرد يقوم بإنتاج سلعة معينة في مجال تخصصه وبكمية تزيد عن حاجته ويبادل بالفائض منها بما يحتاجه من سلع وخدمات من إنتاج الآخرين حسب تخصصهم. وكان ذلك التطور في كمية الإنتاج من السلع في حاجة إلى نظام متطور نسبياً لمواجهة التوسع في الإنتاج .
المرحلة الثانية: مرحلة النقود السلعية:
كانت مرحلة الاستقرار البشري وعلاقة الإنسان بموارد بيئته قد أدت إلى زيادة التخصصات بين الأفراد حيث بدأ استخدامهم تلقائياً لبعض الأنواع من السلع كوسيط في عملية المبادلة للتوفيق بين رغباتهم، وكان من شروط السلع الوسيطة تميزها لأن تكون وسيطاً لتسهيل المبادلة، كأن تكون سلعة ذات منفعة بالنسبة لجميع أفراد المجموعة الواحدة أو عدد من المجموعات المتخصصة، وأن تكون سلعة معمرة لاتتلف بسرعة أو تفقد قيمتها بسبب التداول، وأن تكون سلعة قابلة للتجزئة وذات وحدات متجانسة ولاتتسم بالندرة ولا بالوفرة المفرطة، وأن تكون قيمتها ثابتة ولاتتغير من فترة لأخرى. إلا أنه وبتطور الحياة البشرية فقد اعترى هذا النظام، نظام المقايضة بالنقود السلعية (السلع ذات المنفعة العامة) معوقات تتمثل في صعوبة التوافق المتبادل، فصاحب سلعة القمح يرغب في مقايضة سلعته بأدوات حراثة فلا يجد من يبادله بما يحتاجه في الوقت المناسب الذي يحتاج فيه إلى هذه السلعة، بالإضافة إلى صعوبة احتفاظ السلع بقيمتها لتكون مستودعاً للثروة وقوة شرائية مطلقة. وحتى يتحقق توازن في قيم تبادل السلع فكر الإنسان في وسيط للتبادل ليكون مقياساً للقيم وقوة شرائية مطلقة، ونظراً لعدم وجود مثل هذا الوسيط العام بين المجتمعات المختلفة كان للبيئة أثر على اختيار هذا الوسيط في وسط مجتمعها، وكانت الأصداف تمثل وسيطاً للتبادل في المجتمعات الساحلية، كما كانت أنواع من الفراء وسيطاً للتبادل في المجتمعات الباردة، إلا أنه مع تطور حياة الإنسان ظهر عجز ذلك النظام كأسلوب للتبادل.
المرحلة الثالثة: مرحلة المعادن النفيسة غير المسكوكة:
ظل الفكر البشري مشغولاً بالبحث عن وسيط للتبادل ليتفادى فيه جميع السلبيات التي كانت تستخدم فيها السلع في عملية التبادل، أو ما يسمى بالمقايضة سواء في مرحلتها الأولى، عندما كان يتم التبادل بالسلع مقابل بعضها بعضاً دون تميز السلع المستخدمة في التبادل، أو في المرحلة الثانية من التبادل السلعي وهو نوع من المقايضة. ونظراً للعيوب التي رافقت استخدام السلع كوسيط للتبادل وعجزها عن مسايرة تطور الحياة البشرية التي تعددت مجتمعاتها وكانت كلها في حاجة إلى سلعة معينة تلقى قبولاً عاماً لاستخدامها كوسيط في تسهيل عملية المبادلة، فقد اهتدى الإنسان إلى المعادن النفيسة من ذهب وفضة ونحاس وكان استخدامها كوسيط للتبادل مقبولاً وانتشر التعامل بها فترة من الزمن وفي شكل سبائك وقطع مسكوكة، وكان التعامل يتم على أساس الوزن. إلا أن اختلاف أنواع هذه المعادن واختلاف قيمتها قد أوجد ثغرة في استخدامها بسبب التلاعب في عناصر مكونات كل معدن وخصوصاً الذهب الذي تعرض للغش بسبب عدم معرفة جميع الناس للمادة الأصلية للذهب ومعايير النقاء والوزن، وكان نتيجة لذلك وفي ظل تطور الأنظمة الاجتماعية، وبعد أن حضيت تلك المعادن بالثقة والقبول، وفي إطار نظام اجتماعي منظم سياسياً واقتصادياً واجتماعياً كان لزاماً على السلطات التدخل لمنع التجاوزات والغش والتلاعب.
المرحلة الرابعة: مرحلة النقود المعدنية والمسكوكة:
مما سبق تبين لنا أن الحاجة لإشباع حاجات الفرد كانت سبباً في استخدام أسلوب التبادل للسلع فيما بين الأفراد، ثم تطور ذلك بعد أن أصبح أسلوب تبادل السلع غير كافٍ في ظل تكوين المجتمعات وتوسعها، وقصورها في تلبية توسع وتطور التبادل بين المجتمعات البشرية وهو ما أدى إلى استخدام المعان النفيسة التي كان لها قبولُُ عامُ لتميزها بخصائص معينة، وساعد ذلك على ظهور النقود المعدنية التي أصبحت وسيلة صالحة للمبادلات التجارية وتلبي حاجات المجتمع من خلال الخصائص التي تميزت بها.
وبعد استقرار المجتمعات وتنظيمها كسلطات عامة تدخلت تلك السلطة في تنظيم استخدام المعادن الثمينة بعد ظهور التلاعب والغش فأصبحت السلطة في المجتمع مسئولة عن تشكيل تلك المعادن الثمينة وإصدارها في صورة مسكوكات نقدية لكل منها وزن ومعيار معلوم للجميع مختوم عليه من قبل تلك السلطات، وأصبحت المسكوكات النقدية يمكن عدها بعد أن يتم استخدامها بالوزن، فمثلاً عدد من النقود الفضية ذات وزن معين تعادل عدداً من النقود الذهبية بوزن ومعيار محدد، واكتسب النظام النقدي المعدني الثقة من الجميع للتعامل به.
المرحلة الخامسة: النقود الورقية النائبة:
على الرغم من أن النظام الاقتصادي قد حقق استقراراً في ظل نظام المسكوكات النقدية وتداولها بصورة واسعة شملت التبادل التجاري بين المجتمعات المتباعدة. إلا أن التطور الاقتصادي المتلاحق قد أظهر بعض الصعوبات في نظام التبادل التجاري بالمسكوكات النقدية، ويرجع ذلك إلى التوسع في التبادل التجاري وعقد الصفقات بين تجار الشعوب المختلفة( الدول المختلفة). وتتمثل تلك الصعوبات في حمل ونقل تلك الأموال النقدية من بلد إلى آخر براً أو بحراً، فضلاً عن المخاوف في ضياعها أو سرقتها ناهيك من أن النقود المعدنية النفيسة أصبحت تمثل قوة للدولة بما تملكه من معادن نفيسة، فانتهجت الدول سياسة جمع أكبر كمية منها وحرصت على اكتنازها دون خروجها. ولتجنب ذلك اهتدى الكثير من التجار في وضع ما يملكون من مسكوكات نقدية في بيوت خاصة تدعى "بيوت المال" التي تحظى بالدعم بالثقة والسمعة الطيبة والحماية، ويحصلون في مقابل ذلك على الصكوك التي تثبت ملكيتهم لودائعهم.
وأصبح التبادل التجاري يعتمد على تلك الصكوك (الأوراق المصرفية) في إبرام الصفقات التجارية، حيث يقوم الطرف المدين بالتوقيع على صك يؤكد فيه تنازله عن محتوى قيمته لدائنه ويكون لهذا الدائن الحق في أن يحصل على مبلغ الصك عند تقديمه إلى بيت المال أو أحد فروعه، وبهذه الصكوك تم حل الإشكال الذي كان قائماً باتخاذ المسكوكات النفيسة كوسيط مباشر للمبادلة. غير أن هذه الوسيلة الجديدة(الصكوك) لا تعتبر نقوداً في حد ذاتها بل تلعب دوراً نيابياً عن نقود معدنية حقيقية موزعة في بيوت المال (البنوك)، وأصبح يطلق عليها النقود الورقية النائبة وتدارج قبولها في التداول دون الرجوع إلى من أصدرها لسدادها نقداً من الرصيد النقدي المعدني الذي كان يغطي قيمة جميع الصكوك المتداولة (الأوراق المصرفية).
المرحلة السادسة: النقود الورقية الائتمانية:
نظراً لما لقيته هذه الوسيلة من ثقة الأفراد في الجهة التي تصدرها وقدرتها بالوفاء على دفع قيمتها، ونظراً لما تميزت به هذه الصكوك من تسهيل في عملية التبادل والتجارة فقد ازداد استعمالها بصورة مكثفة وأدى ذلك إلى قيام الصيارفة، بيوت المال (البنوك) إلى إصدار كميات كبيرة من أوراق البنكنوت تفوق قيمة الأرصدة النقدية الفعلية الموجودة لديها مما أدى إلى وقوعها في أزمة إفلاس ولم تقدر على صرف كل ماقدم إليها من أوراق بنكنوت لدفع ما يقابلها من نقود معدنية. وكاد ذلك أن يؤدي إلى انهيار العلاقة الجيدة بين بيوت المال وأصحاب الودائع وقيام أزمة اقتصادية حقيقية بسبب ذلك. فكان تدخل الدولة في تلك الفترة قد حدّ من الوقوع في الأزمة، وأصبحت الحكومات تراقب عمليات إصدار أوراق البنكنوت وإشرافها على ذلك عن طريق بنك مختص يسمى البنك المركزي (بنك البنوك)، يستمد سمعته من هيبة الدولة، مما زاد ثقة الأفراد وتقبلهم لأوراق البنكنوت التي يصدرها.

INFOGAIN
06-30-2016, 20:53
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
شكرا لكم وجزاكم الله خيرا على ما تقدمونه من معلومات قيمة حول مراحل تطور النقود
وشكرا لكل من يصهر على تنضيم هذا المنتدى الرائع
موفقين ومزيد من الارباح ان شاء الله..