PDA

View Full Version : وظائف النقود باقتصاد التبادل



4peace
07-01-2016, 01:22
ارتبطت وظائف النقود باقتصاد التبادل. فالنقود إحدى نتائج ظهور التبادل، فضلا عن أنها أصبحت من أهم أسباب تطور شكل المبادلات نفسها. فبعد انتهاء الاقتصاد البدائي المعيشي، اكتشفت المجتمعات أهمية التخصص وتقسيم العمل مما أظهر الحاجة إلى المبادلات. وقد ساعد كل من التخصص وتقسيم العمل على زيادة الكفاءة الإنتاجية وتوسع إطار النشاط الاقتصادي ليجاوز الوحدة الاقتصادية البدائية - عائلة أو قبيلة - ويتسع ليشمل وحدات أكبر من مدينة أو منطقة حتى ظهرت الوحدات الاقتصادية الكبرى في شكل دول وها نحن نتقدم نحوالاقتصاد العالمي. وفي كل هذا كان التبادل هو الأساس في دفع التخصص وتقسيم العمل إلى مداه.
ومع ظهور أهمية التبادل كان لابد من ظهور النقود وتطورها للتخفيف من مشاكل المبادلات العينية - المقايضة - وذلك بتوفير وسيلة سهلة وبأقل النفقات لإجراء عمليات التبادل. وهكذا ظهرت النقود كأسلوب لتقسيم عملية التبادل العيني - المقايضة - إلى عمليتين منفصلتين هما الشراء والبيع ويتوسطهما استخدام النقود. وبذلك فقد كانت الوظيفة الرئيسية للنقود هي الوسيط في التبادل. وقيام النقود بوظيفة الوسيط في التبادل تفترض ضمنا أن ترد كل قيمة السلع إلى مقياس واحد تقدمه هذه النقود، وبذلك فقد ارتبطت وظيفة الوسيط في التبادل بوظيفة أخرى عاصرتها أو حتى سبقتها وهي وظيفة مقياس القيم. فالنقود ليست فقط وسيلة لتقسيم عملية المقايضة إلى عمليتين منفصلتين للبيع ثم الشراء، بل إنها تمثل فضلا عن ذلك أساسا لتقييم السلع محل التبادل وإجراء المقارنة بين قيمها بمعيار واحد. وقيام النقود بهذا الدور يعني أن النقود تقوم بدور هام في الحساب الاقتصادي، والمقارنة بين أسعار السلع المختلفة. فقد وجد أن هناك كسبا حقيقيا من حيث حجم المعلومات المتاحة مع استخدام النقود، ذلك أن استخدام النقود في مقارنة معدلات التبادل يقلل من عدد الأسعار النسبية بشكل كبير دون نقص في المعلومات المتاحة عن قيم السلع. فإذا لم تستخدم النقود فستكون هناك حاجة لمقارنة أسعار كل سلعة بالنسبة للسلع الأخرى، وهو ما يتضمن عددا هائلا من العلاقات تعرفه قواعد التوافيق والتبادل في الرياضيات ن( ن _ 1 ) /2، بعكس الحال عند استخدام النقود حيث يقل عدد هذه العلاقات إلى (ن- ا). فإذا كان لدينا 100 سلعة، فأنت تكون بصدد 4950 علاقة أسعار نسبية بين السلع في حالة عدم استخدام النقود، في حين أن استخدام إحدى هذه السلع كنقود ونسبة كل الأسعار إليها تخفض هذه العلاقات إلى 99 علاقة فقط. وهكذا فإن استخدام النقود كمقياس للقيم هو جزء من تخفيض تكلفة المعلومات. فالنقود أداة لزيادة المعرفة والمعلومات عن قيم السلع. وأخيرا فإن النقود وهي تمثل وسيطا في التبادل بحيث تفصل بين عمليتي البيع والشراء، فإنها تسمح في نفس الوقت بالفصل الزمني بحيث قد تتأخر إحدى العمليتين. عن الأخرى. فالبائع ليس مضطرا لاستخدام النقود حصيلة البيع للشراء في نفس الفترة بل إنه قد يقرر الاحتفاظ بالنقود للشراء في فترات مستقبلة، وهكذا فإن النقود أيضا مخزن للقيم تسمح بالاحتفاظ بالحق في الشراء والحصول على السلع والخدمات في المستقبل، أي أنها تمثل جسرا بين الحاضر والمستقبل بما توفره لصاحبها من قدرة على الحصول على السلع والخدمات في المستقبل.

وهكذا جرت العادة على القول بأن وظائف النقود هي الوسيط في التبادل، مقياس القيم، ومخزن القيم. وبهذه الوظائف أو الصفات تتوافر للنقود خصائصها النقدية وتتميز بها عن غيرها من الأصول الاقتصادية. وإذا كانت النقود تقوم بهذه الوظائف فإنما يرجع ذلك إلى أنها تتمتع بنوع من القبول العام في المعاملات، بمعنى أن كل صاحب سلعة أو خدمة معروضة للبيع يقبل التنازل عن سلعته أو خدمته مقابل الحصول على النقود، وهو يقبل ذلك لأنه يدرك أن الآخرين يقبلون بدورهم الحصول على هذه النقود وتقديم سلعهم أو خدماتهم المعروضة للبيع. وهكذا فإن أساس قيام النقود بدورها هو توافر هذا الإنفاق العام على قبول التعامل بالنقود، وهو من أنواع الظواهر الاجتماعية التي تتحقق بقيام الثقة المتبادلة بين الأفراد على قبول التعامل بشكل من أشكال النقود دون شكل أو أشكال أخرى.