PDA

View Full Version : الطبيعة القانونية للنقود الالكترونية



4peace
07-01-2016, 01:52
تختلف الاوراق النقدية عن بقية انواع الاورق التي تمثل قيمة معينة ويتم التعامل بها فهي تختلف عن الاوراق التجارية والاوراق المالية،ولعل جوهر هذا الاختلاف هو اصدار هذه العملة بقانون وطبعها بشكلية معينة تصدر عن البنك المركزي وهو ما يجعلها ملزمة القبول لدى الفرد بحيث لا يستطيع احد رفضها في التعامل،ان هذا الاختلاف يثير تساؤلا حول طبيعة القيمة المالية المخزنة الكترونيا ذلك انها قد تصدر من البنك المركزي وقد تصدر من مؤسسات مالية اخرى،وهو ما يجعل عدها نقودا يلزم الافراد بقبولها في التعامل امرا محل نظر .
لذا اثارت الطبيعة القانونية للنقود الالكترونية جدلا كبيرا فيما بين فقهاء القانون،على الرغم من اتفاقها على اهمية هذه النقود في التجارة الالكترونية،وانحصر وجه الخلاف في انه هل من الممكن ان تؤدي النقود الالكترونية نفس الوظائف التي تؤديها النقود الحقيقية ؟ وهل هي نوع جديد من النقود ام انها واحدة من النقود الورقية او الافتراضية ؟
إن الفقه اتفقوا في الرأي،على ان الوحدات الالكترونية التي تستخدم في الوفاء عبر الانترنت تتوافر فيها خصائص النقود وتقوم بوظائفها،ولكنهم اختلفوا في مكانة هذه النقود بالمقارنة بنوعي النقود الاخرى (النقود الورقية والافتراضية) . فيرى جانب من الفقه في هذا المقام ان النقود الالكترونية ليست سوى نقود افتراضية او مكتوبة فهي لا تكون في صورة مادية وإنما في صورة ارقام تقيد في جانب المدين للحساب بالنسبة للمستهلك الذي يسدد بها،وتقيد في جانب الدائن بالنسبة للتاجر الذي قبل السداد بها وبذلك يكون المستهلك مالكا وسيلة وفاء حقيقية تبرئ ذمته ويسدد بها ديونه بعملة الكترونية بدلا من الورق.
اما الجانب الآخر من الفقه ،فقد ذهب الى ان النقود الالكترونية نوع جديد من النقود يتمتع بخصوصية تجاه النقود الورقية،ذلك ان التاجر بعد ان يحصل على النقود الالكترونية من المستهلك عند سداده يطلب من المصدر(البنك) ان يحولها له اما نقودا ورقية او نقودا مكتوبة، وكذلك فأن وصول هذه الوحدات الى التاجر لا يعتبر دائنا للمصدر بقيمتها وليس من حقه مطالبة الاخير بالسداد، ولكن له فقط ان يطلب تحويلها الى اموال عادية.
ونحن نرجح ما ذهب إليه أصحاب الرأي الأول ، استناداً إلى ما ورد في الشروط العامة للعقد الذي يبرمه البنك مع زبائنه (Mark Twain Bank) ان حساب النقود الالكترونية لا يعد ممثلا لأي ايداع لعملة جديدة لدى هذا البنك وانما مجرد نقود عادية يتولى الزبون ادارتها من حسابه الآلي بوساطة نظام النقود الالكترونية،لذا فلا وجود لنقود جديدة ولكن الاخيرة تتميز بآلية جديدة في تحريك الأموال عن بعد وتحويلها من جهاز كمبيوتر الى جهاز آخر .
إلا ان التساؤل الذي يطرح نفسه هنا هو هل ان انتقال الوحدات الالكترونية من العميل الى التاجر عن طريق محفظة النقود الالكترونية يبرئ ذمة العميل أم إن هذا السداد يتوقف على تحويل مصدر المحفظة هذه الوحدات الى نقود للتاجر ؟
اختلف الفقه في هذا الصدد الى اتجاهين،فقد ذهب اصحاب الاتجاه الاول:الى ان انتقال الوحدات الالكترونية من محفظة العميل الى التاجر لا يعد دفعا او سدادا بالمعنى الصحيح،وبالتالي لا تبرأ ذمة العميل بمجرد انتقال الوحدات الى التاجر وذلك على اساس ان انتقال الوحدات لا يكون بغرض الدفع النهائي وانما بغرض تحويلها بعد ذلك عن طريق البنك الى نقود حقيقية،ومن ثم فلا تتمتع هذه الوحدات قبل تحويلها الى نقود حقيقية بأي قوة ابراء قانونية .
اما اصحاب الاتجاه الثاني:فيَرون ان انتقال الوحدات الالكترونية من محفظة العميل الالكترونية الى التاجر يعتبر سدادا مبرئا لذمته تجاه التاجر وبالتالي تكون وسيلة دفع نهائية،وذلك لان التاجر بموجب عقده مع العميل قد تم الاتفاق بينهما على قبول السداد بموجبها،وهذا الاتفاق ملزم لهم، وكذلك فإن انتقال الوحدات الالكترونية من محفظة العميل الى محفظة التاجر يترتب عليه زيادة في رصيد التاجر من هذه الوحدات ونقصان في رصيد العميل منها ، وبالتالي فالتاجر اصبح مالكا لهذه الزيادة ولم تعد ملكاً للعميل .
ونحن بدورنا نرجح ما ذهب إليه أصحاب الاتجاه الثاني