PDA

View Full Version : (6 ( ِ تقييم السلع و ًحدة ِوحدة



bahoma310
12-01-2016, 12:34
من أهم التطورات التي حدثت في النظرية الاقتصادية إدراك أن الأفراد يقيِّمون السلع
ً وحدة وحدة، بدلا من مقارنة فئات بأكملها من السلع بعضها مع بعض. وبلغة الاقتصاد،
يقول الاقتصاديون اليوم إن الأفراد يقيِّمون السلع بناء على «املنفعة الحدية».
تُ َّوضح هذه الطريقة الجديدة في التفكري باستخدام ما يطلق عليه «مفارقة
عادةً
املاء واملاس». للوهلة الأولى يبدو غريبً ً ا أن يكون سعر املاء منخفضا إلى هذا الحد —
ٍّ ا! — بينما سعر املاس باهظ جدا. (جرب أن تطلب من
حتى إن املطاعم تقدمه مجانً
النادل كوبًا آخر مملوءًا باملاس.) إذا فكر الاقتصاديون أن قيمة السلع مرتبطة في النهاية
بمحاولات البشر تحقيق أهدافهم الشخصية، فكيف يكون املاس أعلى قيمة من املاء؟
َّ فعلى أي حال، لن تحقق الكثري من أهدافك لو أنك مت ً عطشا.
في مطلع سبعينيات القرن التاسع عشر، عمل ثلاثة اقتصاديني على إيجاد حل لهذه
الإشكالية كل على حدة. صحيح أنه لكي نوضح قيمة شيء ما، لا بد من الدخول إلى رأس
الشخص الذي يقيم هذا الشيء وفهم أهدافه. لكن عندما يجري هذا الشخص اختيارات
في عالم الواقع، فإنه لا يواجه املفاضلة بني «املاء كله» أو «املاس كله». ولو كان ذلك
ٍّ ا، لاختار الشخص املاء على الأرجح. لكن في الحياة العادية، املاء متوافر
هو الاختيار حق
ً بكثرة إلى درجة أن قيمة الجالون منه منخفضة للغاية. في املقابل، املاس ليس متوفرا
بما يكفي لتلبية استخدامات الأفراد كافة. لذلك فإن قيمة قطعة املاس مرتفعة للغاية.
وهنا يقول الاقتصاديون إن املاس أشد ندرة من املاء.
ينطبق هذا املبدأ الخاص بتقييم السلع بواسطة الوحدات الفردية على عالم روبنسون
ً كروزو. فمثلا، تصور أن كروزو لم يأخذ حذره في إحدى الليالي وغلبه النعاس فجأة
والنار لا تزال مشتعلة، فتهب رياح تحمل معها شرارة إلى كوخه البسيط (املبني من
أغصان الأشجار والكروم وأوراق الشجر). عندما يستيقظ كروزو، سيجد الكوخ برمته
ً مشتعلا.
هنا يدرك أن عليه أن يهرع إلى الخارج قبل أن ينهار الكوخ فوق رأسه، لكن
ليس لديه ما يكفي من الوقت إلا لإنقاذ شيء واحد فقط من الأشياء املوجودة في الكوخ
وهي ثمرة جوز طازجة وساعة كان يرتديها وقت تحطم السفينة. أي شيء ينبغي عليه
ً التقاطه وهو يجري فرارا من النريان؟قد يقول رأي سطحي: «ينبغي أن يأخذ ثمرة الجوز، على افتراض أن هدف تحاشي
ً املوت جوعا أكثر أهمية من الاحتفاظ بتذكار عديم القيمة يذكره بحضارته.»
لكن تلك الإجابة خاطئة؛ فثمرة الجوز هذه ليست الفارق بني الحياة واملوت. والواقع
ً أن كروزو لديه بالفعل ٩٩ ثمرة أخرى مخزنة بعيدا عن النريان. وفي أسوأ الاحتمالات،
ً كل ما سيترتب على التضحية بثمرة الجوز هو أن كروزو سيضطر يوما ما (وليس اليوم
ً التالي بالضرورة) لأن يأكل ١٩ ثمرة فقط، بدلا من ٢٠ ثمرة كما اعتاد أن يفعل. وربما
يقرر كروزو أن يعمل ١٢ دقيقة إضافية في وقت ما11 ليجني ٢١ ثمرة ويعوض الثمرة
التي التهمتها النريان.
املبدأ العام أن كروزو سيقيم السلعتني وحدة وحدة. فعندما يقرر قيمة ثمرة جوز
مقارنة بساعة، فإنه يفكر في مدى تأثر أهدافه بكل من هذين الشيئني. لا يهتم كروزو
على الإطلاق بأن مائة ثمرة من الجوز أكثر قيمة له من مائة ساعة؛ فهذا ليس القرار
الذي يواجهه وهو يهرع خارج الكوخ املحترق، بل عليه أن يقرر هل ثمرة جوز واحدة
ً أكثر قيمة من ساعة واحدة. وكما رأينا، فقدان ثمرة واحدة ليس أمر ً ا مهلكا على الإطلاق.
كل ما في الأمر أنه سيتعني على كروزو تناول قدر أقل بقليل مما اعتاد عليه في وقت ما،
ً أو العمل فترة أطول قليلا. الاقتصاديون يقولون إنه عند النقطة الحدية لا يكون فقدان
ً ثمرة واحدة أمر ٍّ ا مهما على الإطلاق. ولذلك من الحكمة أن يلتقط كروزو الساعة التي
يقدرها لأسباب عاطفية.

Yahia Shahen
12-01-2016, 13:40
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

شكرا علي هذا الموضوع المهم ونتمني المزيد من المشاركات هذة

وباتوفيق انشاءا لله