PDA

View Full Version : الرأسمالية: اقتصاد السوق نظام الملكية الخاصة



bahoma310
12-01-2016, 12:39
(1 (حاجة املجتمع إلى القوانني

حتى الآن في هذا الكتاب، أوضحنا أن علم الاقتصاد يدرس عمليات التبادل، وأن أساسيات
َّ علم الاقتصاد توضح الآثار املنطقية املترتبة على الفعل املتعمد. وفي الدرس الرابع عرفنا
بعض املفاهيم الأساسية للاقتصاد، وطبقناها على شخص افتراضي قذفت به الأمواج على
سطح جزيرة نائية. والقوانني أو املبادئ التي وضعناها لروبنسون كروزو تنطبق على
أي شخص آخر، بل على عاصمة صاخبة مثلما تنطبق على جزيرة كروزو النائية. لكن
ً في هذه البيئات الأكثر تعقيدا سيُ ً ظهر لنا علم الاقتصاد أنماطا لم نلاحظها في سيناريو
كروزو املبسط.
لكن ما إن ننتقل من دائرة شخص منعزل إلى عالم يضم فردين أو أكثر حتى
تظهر مشكلة جديدة في تحليلنا؛ فماذا سيحدث عندما يرغب شخصان في استخدام نفس
الوحدة من سلعة ما بطريقتني مختلفتني؟ في حالة كروزو كنا نقول إنه يقوم بعمليات
التبادل مع الطبيعة نفسها. على سبيل املثال: كان يتخلى عن خمس ساعات من وقت
فراغه كل يوم، وفي املقابل تهبه الطبيعة ٢٠ ثمرة من الجوز يوميٍّا. وفي ضوء الواقع
املادي كانت تلك «شروط التوظيف» املعروضة على كروزو.
دروس مبسطة في الاقتصاد
على املستوى النظري لن يتغري املوقف عندما يُنقذ كروزو ويعود إلى الحياة املدنية.
فهو ينظر إلى البيئة من حوله، ويكتشف عمليات التبادل املختلفة املتاحة أمامه، فيبدأ في
اتخاذ القرارات التي تعود عليه بأعلى الفوائد مقارنة بتكاليفها. لكن في نفس الوقت يذكر
علم الاقتصاد أن الجميع يفعلون الشيء نفسه. عندما كان كروزو بمفرده على الجزيرة،
ً كان هو الوحيد الذي يملك عقلا ذكيٍّا، لذا كان الوحيد الذي يقدر قيمة الوحدات املختلفة
من جوز الهند والكروم والصخور ... إلخ.
وفي أي مدينة كبرى نجد ملايني من مختلف العقول تقيِّم كل العناصر املادية التي
تلبي غايات البشر. وعندما يرى رجل ثمرة جوز، ليست املسألة هل تستحق هذه الثمرة
الجهد الذي سيبذله للحصول عليها. ذلك لأنه إذا كانت تلك الثمرة جزءًا من مدخرات
شخص آخر، فإنه لا يمكن تحقيق كلا الهدفني.
وفي املجتمع تؤدي املشكلة الاقتصادية املعروفة بالندرة إلى ظهور الصراع؛ إذ
لا توجد وحدات كافية من السلع لتلبية رغبات أو تفضيلات الجميع. وبالإضافة إلى
املفاضلات والقيود التي تفرضها الطبيعة، هناك قيود أخرى في املجتمع يفرضها الأفراد
بعضهم على بعض.
في هذا الكتاب سنركز على ثلاثة «أنظمة» مختلفة استخدمها البشر على مر التاريخ
في التعامل مع الصراع الاجتماعي الناجم عن الندرة. وفي هذا الجزء الثاني من الكتاب
سنطبق رؤى الاقتصاد ضمن نطاق «الرأسمالية»، أو ما يعرف باقتصاد السوق. وفي
الجزء الثالث سنلقي نظرة سريعة على محاولة علاج الندرة من خلال «الاشتراكية»، وهو
نظام تملك فيه الحكومة كل السلع أو على الأقل كل السلع الإنتاجية. وأخريًا في الجزء
الرابع سنستخدم علم الاقتصاد في تحليل ما حدث فيما يطلق عليه «الاقتصاد املختلط»
حيث تتدخل الحكومة