PDA

View Full Version : (3 (اقتصاد السوق والعمل الحر



bahoma310
12-01-2016, 12:41
كثريًا ما ينظر الاقتصاديون إلى «السوق» كما لو كان كائنً ً ا ذا عقل مستقل. فمثلا:
ربما يقول الاقتصاديون ممن يشككون في جدوى التدخل السياسي: «على البريوقراطيني
الاهتمام بشئونهم الخاصة، وترك اتخاذ القرارات للسوق!»
لكن مصطلح «السوق» أو «اقتصاد السوق» يشري إلى شبكة عمليات التبادل التي
يمارسها الأفراد مستخدمني أملاكهم الخاصة. وعندما يقول الاقتصاديون أشياء مثل:
َّ «وج ً ه السوق عددا أكبر من املعلمني إلى املدينة نتيجة ازدياد عدد السكان ممن بلغوا
ً سن الالتحاق باملدرسة»، فهذا لا يعدو أن يكون اختصارا لقولنا إن الحوافز في مجتمع
ً قائم على امللكية الخاصة دفعت مدرسني أفرادا إلى اتخاذ قرار بالانتقال إلى تلك املدينة.
وفي دروس لاحقة ستتعلم كيف تعمل هذه الحوافز في اقتصاد السوق، لكن الآن علينا
ً أن نوضح أن «السوق» ليس شخصا أو حتى مكانًا، وإنما مصطلح يشري إلى التعاملات
التي تتم بني أصحاب املمتلكات الخاصة.
كثريًا ما يصف الأفراد النظام الرأسمالي بأنه امتلاك «عمل حر». وهذا يعني
أن الأفراد (أو مجموعات من الأفراد) يملكون حرية اختيار الدخول في أي مجال عمل
ً يفضلونه. في العصور الوسطى كانت «النقابات» تتحكم تحكم ً ا صارما في مسألة الالتحاق
ً باملهن املختلفة. فمثلا: لم يكن ممكنًا لأي شخص أن يعلن ببساطة أنه خياط أو نجار
أفضل من غريه في البلدة، وأن يحاول التفوق عليهم في املنافسة. أما في اقتصاد السوق
فيمكن لأي شخص يرغب في امتهان مهنة معينة أن يفعل ذلك. بالطبع عليه أن يحترمحقوق امللكية الخاصة للآخرين: فإذا أراد العمل من خلال متجر، فعليه أن يستأجر
ً املكان أو يشتريه. وإذا أراد أن يصبح خياط ً ا ناجحا، فهو بحاجة إلى أن يقنع زبائنه
املحتملني بدفع أموالهم طواعية نظري الحصول على منتجاته وخدماته. أهم نقطة في
ً العمل الحر أنه ما من حاجز إضافي يحتاج من يريد أن يصبح خياطا أن يتخطاه، بل كل
ً ما يحتاجه هو إقناع أصحاب امللكيات الخاصة الآخرين أن بإمكانهم جميعا الاستفادة
ً من التعامل معه بصفته خياطا.
أخريًا، دعنا نشري إلى أن جسدك هو أهم ممتلكاتك. وسواء كنا نتعامل مع كروزو
َّ على جزيرته، أو مع جراح مخ في مدينة كبرى، تبقى الخدمات التي يؤديها البشر جزءًا
من أكثر العناصر قيمة في الاقتصاد. وفي النظام الرأسمالي يجب أن تنسب هذه العناصر
ُملَّلاك محددين. و«العبودية» تحدث عندما يملك بعض الأفراد الحق القانوني في امتلاك
ً أجساد أفراد آخرين (وما يؤدونه من خدمات). ولأسباب أخلاقية وعملية أيضا، لا تشكل
العبودية جزءًا من نظام رأسمالي خالص. ففي اقتصاد السوق يملك العمال حرية اختيار
أرباب عملهم أو بدء عمل خاص بهم كنتيجة طبيعية لامتلاكهم لأجسادهم.