PDA

View Full Version : (1 (ملاذا يمارس الناس التبادل التجاري فيما بينهم؟



bahoma310
12-01-2016, 12:44
في الدرس الرابع تعلمنا الكثري عن الاقتصاد من خلال دراسة حالة روبنسون كروزو
و«عمليات التبادل» التي كان يقوم بها مع الطبيعة. لكن جوهر علم الاقتصاد يكمن في
دراسة عمليات التبادل التي تتضمن أكثر من شخص واحد. ولفهم اقتصاد السوق نحن
ً أولا بحاجة لأن نفهم عمليات التبادل الفردية بني شخصني، لأنها تمثل حجر الأساس
لاقتصاد السوق بالكامل.
ً في حالة روبنسون كروزو، كان كل «تبادل» يمارسه مع الطبيعة مقصودا منه أن
يعود بالنفع عليه. فهو لم يكن يختار إلا البدائل التي يرى أن فوائدها تفوق تكاليفها.
ً وينطبق ذلك أيضا على عمليات التبادل التي يقوم بها الفرد مع فرد آخر وليس مع
الطبيعة. وبما أننا نفترض (في الجزء الثاني من هذا الكتاب) وجود اقتصاد سوق يؤمن
حقوق امللكية الخاصة، فنحن نعلم أن كلا الشخصني في أي تبادل طوعي ينتظران أن
تفوق فوائد التبادل تكاليفه. وبعبارة أخرى، يتوقع كلا الطرفني أن ينهيا التبادل وهما
على حال أفضل مما كانا عليه قبل البدء فيه.
كيف يمكن ذلك؟ يعتقد بعض من ينتقدون الرأسمالية أنه عندما يربح شخص ما
من عملية تبادل تجاري، فلا بد أن يكون ذلك على حساب الطرف الآخر؛ فهم يعتقدون
أن مكسب شخص ما لا بد وأن يعني خسارة الآخر. لكنهم مخطئون! لعلك تذكر أن
التفضيلات مسألة شخصية. لنفترض أن تينا ذهبت إلى املدرسة ومعها برتقالة، بينما
صديقها سام معه تفاحة. لن يكون غريبًا لو فضلت تينا تفاحة سام على برتقالتها، وفي
نفس الوقت قد يفضل سام برتقالة تينا على تفاحته. إذا علم كل من سام وتينا بمشكلة
الآخر، فيمكنهما أن يصبحا سعيدين من خلال التبادل.
في كثري من الأحيان يخطئ الأفراد بشأن توقعاتهم حول ما سيمنحهم الشعور
بالسعادة. على سبيل املثال: ربما كان سام يعاني حموضة في جهازه الهضمي، ومن ثم
سيسبب له أكل البرتقالة حرقة في املعدة، فينتهي الأمر بإلقائه البرتقالة بعد قضمتني
فقط. في تلك الحالة سيندم سام على إجراء عملية التبادل السابق ذكرها مع تينا. مع
ذلك، ما يهمنا هو أنه في اللحظة التي يحدث فيها التبادل الاختياري يتوقع كلا الطرفني
الاستفادة منه. وما دامت عمليات التبادل طوعية ونزيهة — أي ما دامت غري قسرية أو
ً مبنية على الغش والخداع — يمكن أن يحقق الأفراد مزيدا من أهدافهم من خلال تبادل
ممتلكاتهم فيما بينهم.