PDA

View Full Version : اسعار القايضة الجزء الثاني



bahoma310
12-01-2016, 12:49
حددنا ترتيبات الأفضلية لدى أليس بغرض التنظيم؛ فهي تحب شوكولاتة سنيكرز
ً أكثر من ميلكي واي، وتفضل أيضا امتلاك الكثري من الحلوى على امتلاك القليل منها.
ً لكن لاحظ أن أليس تفضل التنوع أيضا. على سبيل املثال: نجدها تفضل الحصول
على قطعة سنيكرز وقطعة ميلكي واي (املرتبة السابعة عشرة) أكثر من الحصولعلى ٣ قطع سنيكرز وصفر ميلكي واي (املرتبة التاسعة عشرة). في هذه املقارنة
ً تحديدا يبدو للوهلة الأولى أن أليس تخل باثنتني من «قواعد» ذوقها؛ فهي تختار
ً عدد ً ا أقل من شوكولاتة ميلكي واي وعددا أقل من شوكولاتة سنيكرز! لكن هذا
ليس غريبً ً ا على الإطلاق. فاملجموعة الواقعة في املرتبة السابعة عشرة تعطيها مزيجا
متساويًا من شوكولاتة سنيكرز وميلكي واي، بينما املجموعة الواقعة في املرتبة التاسعة
ً عشرة — على الرغم من احتوائها على عدد أكبر من قطع الشوكولاتة — فإنها جميعا
من النوع سنيكرز. لذلك ليس هناك شيء غريب أو «غري عقلاني» في تفضيل أليس
للمجموعة التي تحتوي على قطعة واحدة من كل نوع. وكما لا يمكننا أن نقول إن
ً الأفراد يقدرون املاء أكثر من املاس، لا يمكننا أيضا أن نقول إن أليس تقدر سنيكرز
(أو املزيد من الحلوى) على ميلكي واي (أو القليل من الحلوى). فالأمر يعتمد على
َ عدد الوحدات التي كانت أليس تمتلكها في بادئ الأمر قبل أن تواجه بالاختيار بني
النوعني.
إذا قضيت بضع دقائق في دراسة الجدول السابق، فسترى أنماط التفضيل الخاصة
بأليس. وفي العالم الواقعي لا تخضع تفضيلات الأفراد ملجموعة مبسطة من «القواعد»،
لكننا اخترنا التصنيف املنطقي السابق لنسهل عليك فهم املثال.
والآن وقد تعرفنا على أليس وتفضيلاتها، يمكننا أن نضيف أخاها بيلي إلى املثال.
سنفترض أن ذوقه مشابه لذوق أليس. لكن لأن الطفلني بدآ ومعهما مجموعات مختلفة
من الحلوى، فلا تزال هناك مكاسب يمكن تحقيقها من وراء التبادل. تتلخص هذه
املعلومات (وأكثر) في الجدول التالي.
نؤكد ثانية أننا تعمدنا أن يكون ترتيب التفضيلات الخاصة ببيلي مطابقً ا لترتيب
تفضيلات أليس لتتمكن من رؤية النتائج املترتبة على بدء الأطفال بمجموعات مختلفة
من الحلوى. في العالم الواقعي لا يكون ثمة تطابق تام بني الأفراد، لا سيما عندما لا
ً ا فحسب، بل تشمل عدد ً ا مهولا من
تقتصر تفضيلاتهم على مجرد ٢٥ سيناريو مختلفً
املجموعات لعدد هائل من السلع والخدمات.وبالرغم من أن أذواق الأطفال واحدة فيما يتعلق بالتنويعات املختلفة من شوكولاتة
سنيكرز وميلكي واي، فإنهم يعودون إلى املنزل مساء عيد القديسني ومعهم مجموعات
مختلفة من الحلوى. جاءت أليس إلى طاولة عقد الصفقات ومعها أربع قطع من
شوكولاتة سنيكرز وليس معها أي قطع من شوكولاتة ميلكي واي، بينما لم يكن بحوزة
أخيها أي قطع من شوكولاتة سنيكرز وكان معه أربع قطع من شوكولاتة ميلكي واي.
إذا ألقينا نظرة سريعة على ترتيب تفضيلاتهما، فسيتضح لنا أن هناك مكسبًا سيعود
على كل منهما جراء عملية التبادل. بعبارة أخرى، ومن خلال إعادة ترتيب ممتلكاتهما،
يمكن لكليهما الحصول على مجموعة تضم كلا النوعني من الشوكولاتة، وكلاهما يفضل
املجموعة التي حصل عليها على التي كان يملكها قبل عملية التبادل.
لكن املنطق الاقتصادي وحده لا يمكنه أن يخبرنا بالشروط املحددة التي سيتفق
عليها أليس وبيل فيما يختص بعملية التبادل بينهما. ولتبسيط الأمور دعونا نفترض
أنهما لن يقسما قطع الحلوى، بل سيتبادلان باستخدام القطعة كاملة. بالنظر إلى
املعلومات الواردة في الجدول ماذا يمكننا أن نقول عن عملية التبادل بني أليس وبيلي؟
املبدأ الأول الذي ينبغي أن نتذكره هو أن كلا الطرفني في التبادل الاختياري
ً يستفيدان. إذا افترضنا — ربما يكون افتراضا غري واقعي! — أن الأشقاء لا يسرقون
ً الحلوى بعضهم من بعض، فسنعرف أن أي تبادل سيجعل أليس وبيل أفضل حالا.
وذلك يعني أننا نستطيع أن نستبعد احتمال انتهاء التبادل بحصول أليس على املجموعات
الواقعة ما بني املرتبتني السابعة عشرة والخامسة والعشرين لترتيب تفضيلاتها، ونستبعد
ً أيضا احتمال انتهاء التبادل بحصول بيلي على املجموعات الواقعة بني املرتبتني التاسعة
ً عشرة والخامسة والعشرين. دائما سيكون لأليس وبيلي حرية الإحجام عن إجراء التبادل
والاكتفاء بتناول الحلوى التي حصلا عليها في البداية، ومن ثم سينتهي الأمر بأن يصبح
ً كلاهما على الأقل سعيدا مثلما كان قبل عملية التبادل.ولأن مثالنا بسيط للغاية، يمكننا أن نتعرف سريعا على نتائج التبادل املمكنة من
خلال اختبار «الأسعار» املختلفة. لنفترض أن أليس وبيلي يتبادلان شوكولاتة سنيكرز
وميلكي واي بنسبة ١:١ .هل يبدو التبادل مرضيًا لكلا الطرفني بهذا السعر؟
ً دعونا أولا نلقي نظرة على تفضيلات أليس. تبدأ أليس ومعها في املرتبة السادسة
عشرة ٤ سنيكرز وصفر ميلكي واي. وهكذا يكون السؤال: هل أليس على استعداد
للتخلي عن قطعة أو أكثر من شوكولاتة سنيكرز مقابل عدد مساو من شوكولاتة ميلكي
واي؟ يمكننا أن نرى أن الإجابة نعم. يمكنها استبدال ١ سنيكرز مقابل ١ ميلكي واي،
وبذلك ينتهي الأمر بامتلاكها املجموعة (٣ سنيكرز، ١ ميلكي واي) التي تقع في املرتبة
الثانية عشرة. لكن يمكنها أن تفعل ما هو أفضل من ذلك إذا تخلت عن وحدة إضافية،
َّ ومن ثم تنتقل إلى املرتبة الحادية عشرة التي تحتوي على قطعتني من كل نوع.
وينطبق نفس التحليل على بيلي؛ فبإمكانه الانتقال من املرتبة الثامنة عشرة إلى
املرتبة الثالثة عشرة إذا استبدل بقطعة ميلكي واي قطعة سنيكرز. لكن يمكنه أن يصل
إلى حال أفضل إذا بادل وحدة إضافية، وانتقل إلى املرتبة الحادية عشرة بني مراتب
تفضيلاته.
في هذا الدرس لن نتعمق كثريًا ملعرفة النهج املحدد الذي اتبعه كل من أليس وبيلي
ً عند إجراء عملية املقايضة. يمكنك أن تتخيل أن أليس تعطي بيلي أولا قطعة سنيكرز
مقابل قطعة ميلكي واي، ثم يتوقفان لإعادة تقييم املوقف. أو يمكنك أن تتخيل أن
أليس تعرض على بيلي قطعتي سنيكرز في مقابل قطعتي ميلكي واي. النقطة املهمة هي
أننا إذا ثبَّتنا السعر عند ١:١ ،فستحدث نقطة الاستقرار الوحيدة — «وضع التوازن»
الوحيد — عندما ينتهي التبادل بحصول كل منهما على قطعتني من كل نوع. فأليس
لن تفرط في قطعة سنيكرز ثالثة من أجل الحصول على قطعة ميلكي واي إضافية، لأن
ذلك سيجعلها تتراجع إلى املرتبة الثالثة عشرة (١ سنيكرز، ٣ ميلكي واي).
لكن انتبه! قد يبدو الأمر وكأننا «أثبتنا» أن بيلي وأليس سيحصلان في النهاية على
قطعتني من كل نوع، لكننا أوضحنا فقط أن هذه هي نقطة التوقف املنطقية إذا حدث
ً التبادل بنسبة (سعر) ١:١ .لكن هناك أسعارا أخرى لا تزال تسمح بتحقيق مكاسب
لكلا الطرفني.
على سبيل املثال: لنفترض أن أليس قالت لبيلي: «سأعطيك قطعة سنيكرز إذا
أعطيتني قطعتي ميلكي واي. وهذا هو التبادل الوحيد الذي أرغب في إجرائه معك. لكأن تقبل أو أن ترفض.» هل هذه صفقة جيدة؟ بالطبع هي كذلك لأليس، لأنها ستسمح
2
لها بالحصول على ٣ سنيكرز و٢ ميلكي واي؛ املرتبة السابعة ضمن ترتيب تفضيلاتها.
ً أيضا سيستفيد بيلي من هذا التبادل، إذ سينتهي به الأمر بالحصول على ١ سنيكرز
و٢ ميلكي واي؛ أعلى بثلاث مراتب مما هو عليه إذا أحجم عن عملية التبادل من الأساس.
لكنه لن يقبل بمثل هذا التبادل مرة أخرى، لأنه سيحصل حينئذ على (٢ سنيكرز، صفر
ميلكي واي)، وهذا تراجع في ترتيب تفضيلاته.
ً من ناحية أخرى، يمكن أن يوجه بيلي تحذير ً ا مماثلا ً لأليس قائلا إنه سيتنازل
عن ١ ميلكي واي مقابل ٢ سنيكرز، وإلا سيحتفظ بحلواه كلها لنفسه. وإذا أخذت
أليس هذا التحذير على محمل الجد، فيمكنها أن تحسن وضعها بقبول الصفقة. وتشري
الخانات املظللة باللون الرمادي الداكن في الجدول إلى املجموعات النهائية التي ستنتج
عند التبادل بسعر ٢:١.
ً وهناك احتمال رابع أيضا: سنفترض أن أليس قاسية وطلبت ٣ ميلكي واي مقابل
ً ١ سنيكرز فقط. كما توضح الخلايا املظللة باللون الأبيض، هذا أيضا احتمال وارد. إذا
ظن بيلي أن هذا هو السعر السائد، يمكنه تحسني وضعه بالانتقال من املرتبة الثامنة
عشرة التي بدأ بها إلى املرتبة السابعة عشرة.
يمكنك أن تتحقق بنفسك من أنه لا توجد أسعار أخرى مقبولة في هذا التبادل،
ً إذا استمررنا في افتراض أن الطفلني لا يتبادلان إلا قطعا كاملة من الشوكولاتة. لاحظ
ً أنه على الرغم من إمكانية التبادل بسعر ١:٣ ،فالعكس ليس مقبولا، لأن أليس ستفضل
الاحتفاظ بمجموعتها الأولى أكثر من التخلي عن ٣ سنيكرز مقابل ١ ميلكي واي، ومن
ثم لا يمكن لبيلي أن يقنعها بمثل هذا العرض.
خلاصة القول أننا رأينا أن ترتيب التفضيلات واملجموعات الأولية من قطع الحلوى
تمكننا من تحديد أربع نقاط استقرار (أو مواضع توازن) مختلفة. وهناك طريقة أخرى
د
لوصف النتائج التي توصلنا إليها، وهي القول إننا حددنا أربع نتائج مختلفة «تُستنفَ
ً فيها مكاسب التبادل». أوضحنا أيض ً ا أن هناك سعرا مختلفً ا لكل موضع من املواضع
الأربعة.
ً املنطق الاقتصادي وحده لا يمكن أن يخبرنا تحديدا بعدد قطع الحلوى التي
سيحصل عليها بيلي وأليس بعد انتهاء صفقتهما. فلا نستطيع أن نؤكد هل سيتبادلان
شوكولاتة سنيكرز مقابل ميلكي واي بسعر ١:١ أم ٢:١ أم ١:٢ أم ١:٣ .ستعتمد
النتيجة الفعلية على عوامل أخرى غري ترتيب التفضيلات والتوزيع الأولي لقطع الحلوى.ا
ا من إبرام صفقة مربحة وكان بيلي مهادنً
على سبيل املثال: إذا تمكنت أليس حقٍّ
إلى حد ما، فمن املرجح أنها ستستبدل بقطعة سنيكرز واحدة أو اثنتني أو ثلاث قطع
ميلكي واي من بيلي. ومن ناحية أخرى، إذا كان بيلي وأليس ماهرين بالقدر نفسه في
فن التفاوض، فربما ينتهي الأمر بحصول كل منهما على قطعتني من كل نوع.
في العالم الواقعي من املمكن ألا يلجأ بيلي وأليس إلى التبادل، حتى إذا كان الجدول
الأول يعطي صورة صحيحة عن تفضيلات كل منهما وما يمتلكه من قطع الشوكولاتة.
لنفترض أن أليس قالت: «أعطني قطعتي ميلكي واي وسأعطيك قطعة سنيكرز واحدة،
ً وإلا لن أجري أي تبادل معك.» لكن بيلي يظن أنها تتحايل عليه، فريد قائلا: «كلا، أفضل
عرض لدي أن أستبدل واحدة منك بواحدة مني.» في هذه الحالة، من املؤكد أن أليس
ستغضب وتنفذ تهديدها. في ضوء تحليلنا فإن هذه ليست نتيجة «متوازنة»، لأنه لا تزال
هناك مكاسب من عملية التبادل لم تُ َستغ ً ل بعد؛ يمكن لبيلي وأليس أن يكونا أفضل حالا
ً إذا تبادلا ممتلكاتهما. لذا احرص على ألا تعلق قدرا كبريًا من الأهمية على مفهوم التوازن
من املنظور الاقتصادي، ففي عالم الواقع «انعدام التوازن» موجود طوال الوقت!