PDA

View Full Version : (2 (املنافسة تحمي املستهلك



bahoma310
12-03-2016, 13:33
إذا كان رواد الأعمال هم القوة الدافعة في اقتصاد السوق، فاملنافسة هي التي تنظم
ً عملهم وتحفزهم. تضمن املنافسة أن يبذل رواد الأعمال أقصى ما في وسعهم دائما من
أجل توفري السلع والخدمات للمستهلكني بالجودة التي ينشدونها وبأقل سعر ممكن.
في اقتصاد السوق الخالص تتسم جميع التعاملات بأنها اختيارية. وبصرف النظر
عن الثراء الذي يحققه صاحب العمل، فإنه لا يستطيع أن يرغم املستهلك على شراء
ً منتجاته. لدى املستهلكني دائما حرية اختيار املكان الذي يحصلون منه على السلعة أو
ً الخدمة، مما يعني أنه حتى أكثر أصحاب املشاريع نجاحا عليه أن يواصل محاولة كسب
رضا عملائه على الدوام.
وتجري العملية التنافسية من خلال عملية التقليد والابتكار. ورائد الأعمال الفطن
ِّ هو الذي يعاين الوضع الراهن للسوق ويكون فكرة جيدة من أجل تحسني الطريقة
السائدة التي يقدم بها رواد الأعمال الآخرون خدماتهم للعملاء. وقد تكون هذه الفكرة
ً عظيمة مثل ابتكار منتج جديد تماما. لكن كثريً ً ا ما يكون الابتكار متواضعا إلى حد بعيد
مثل التحول لتعبئة صلصة الطماطم في عبوات بلاستيكية غري قابلة للكسر، أو تغيري
نظام مقاعد املسافرين في رحلات الطريان. وتظهر الكثري من الابتكارات على صعيد
ً الإنتاج حينما يكتشف صاحب املشروع مصدرا أرخص للمواد الخام أو يكتشف وجه
استفادة من املنتجات الثانوية التي لم يكن يستفاد منها من قبل. حتى التخفيضات
الطفيفة في النفقات يمكن أن تترجم إلى زيادة هائلة في الأرباح إذا ما طبقت على نطاق
صناعي واسع.
ولا تنتهي القصة عند هذا الحد. فعندما يتوصل أحد أصحاب الأعمال إلى ابتكار
ناجح، يتمكن من تحقيق أرباح مرتفعة نسبيٍّا. وعندما يرى نظراؤه هذا النجاح يبدءون
تقليده في الوقت الذي يبحثون فيه عن طرق إضافية لإجراء تعديلات بسيطة وتقديم
ً ابتكارات أحدث. وعالم الأعمال التجارية لا يتوقف أبدا. حتى الشركات التي تحتل موقع
ً الصدارة في مجالها تبحث دوما عن طرق جديدة لكي تحافظ على صدارتها للمنافسة.
ومع الوقت تزداد جودة السلع والخدمات مع انخفاض الأسعار.
املستفيدون النهائيون من املنافسة ليسوا رواد الأعمال، بل عملاءهم. فعندما يتوصل
ً أحد رواد الأعمال إلى ابتكار ناجح ويحقق أرباحا استثنائية، يكون هذا النجاح مؤقتًا، لأن
منافسيه يكتشفون بمرور الوقت كيفية تخفيض نفقاتهم، أو تحسني جودة منتجاتهم
مثلما فعل هو من قبل. وكثري ممن ينتقدون اقتصاد السوق تروعهم «هوامش الربح»
الهائلة التي تتحقق في بعض الأحيان، مما يعني أن هناك فجوة هائلة بني السعر الذي
ِ يطلبه املنتج مقابل منتَجه وبني النفقات التي أنفقها لإنتاجه. لكن في ظل املنافسة
ستنخفض الأرباح النقدية (ومن ثم «هوامش الربح») تدريجيٍّا لأن املتنافسني يحاولون
ً كسب حصة من السوق من خلال عرض منتج مماثل بسعر أقل قليلا. ولا يمكن أن
يتمتع رائد أعمال بأرباح نقدية ثابتة إلا بتقديم مزيد من الابتكارات.
من الناحية العملية نجد أن الرغبة في كسب مزيد من الأرباح النقدية هي التي
تحرك معظم رواد الأعمال. لكن في اقتصاد السوق ما من طريقة لجني الأرباح سوى
خدمة العملاء (وفي الوقت نفسه تقليل النفقات). ومن أجمل ما في اقتصاد السوق أنهيكبح جماح بعض الأنانيني والطموحني واملوهوبني في املجتمع ويجعل من مصلحتهم
ً املباشرة أن يحرصوا دائما على إرضاء الآخرين. رواد الأعمال يوجهون اقتصاد السوق،
لكن املنافسة فيما بينهم هي التي تحفظ نزاهتهم.