PDA

View Full Version : (2 (كيف يُزيد الادخار والاستثمار ناتج الاقتصاد في املستقبل



bahoma310
12-03-2016, 13:41
يدرك كل من لديه وظيفة وحساب بنكي الفوائد التي يمكن أن تعود عليه جراء تأجيل
استهلاك اليوم بغرض الاستمتاع باستهلاك أكثر في املستقبل. لكن الكثري من الأفراد
ِ يفسرون هذه الزيادة في دخل املدخر بأنها انخفاض موازن في دخل أحد املقترضني في
الاقتصاد.
ً هذا احتمال قائم قطعا. على سبيل املثال إذا نسي بيل (املقترض) النقود التي
ِ سيتناول بها غداءه يوم الاثنني، فربما يسأل زميلته سالي (املدخر): «هلا أقرضتني ١٠
ً دولارات على أن أردها إليك ١١ دولار ً ا يوم غد؟» إذا وافقت سالي فسيكون واضحا أن
الفائدة التي مقدارها دولار ستُدفع من دخل بيل الذي سينخفض في ذلك الشهر. بعبارة
ً ا على ٤٩٩٩ دولارا
أخرى، إذا كان راتب بيل في ذلك الشهر ٥٠٠٠ دولار، فسيحصل فعليٍّ
ً فقط، لأنه أنفق دولارا في «شراء القرض» من سالي. في الوقت نفسه، إذا كان راتب سالي
٥٠٠٠ دولار، فستحصل فعليٍّ ً ا في هذا الشهر تحديدا على ٥٠٠١ دولار، بسبب حصولها
على دولار مقابل تقديمها «خدمة الإقراض» لزميلها بيل.
َّ ما حدث في السيناريو السابق أن بيل مول استهلاكه بواسطة «سلفة» قدمتها له
سالي. ففي يوم الاثنني املذكور، عندما نسي بيل محفظة نقوده في املنزل، كان على سالي
امتلاك ما يكفي من السيولة النقدية لأن تقرض بيل ١٠ دولارات. وربما اضطرها ذلك
ً لأن تعيد ترتيب خطة إنفاقها لذلك اليوم، أو ربما فقط أصبحت سالي تحمل معها نقودا
احتياطية أقل مما كانت تريده في حقيبتها في ذلك اليوم. على كل حال، قدمت سالي
خدمة محددة لبيل. وبسبب الخطأ الذي وقع فيه بيل، استفاد كلا الطرفني من صفقة
الإقراض التي تمت طواعية بينهما. قد يبدو للوهلة الأولى أن بيل خسر وسالي ربحت،
لكن الواقع أن كلا الطرفني استفادا من وراء ما حدث. انخفض إجمالي استهلاك بيل
الشهري، لكنه اختار دفع دولار كي يحصل على ١٠ دولارات اعتاد أن ينفقها على غدائه
ً في ذلك اليوم. ما من شيء غري عقلاني أو «غري اقتصادي» في اتخاذ بيل قرارا بدفع دولار
مقابل الحصول على القرض من ساللا شك أن عمليات الإقراض التي تتيح للمقترضني أن يمولوا استهلاكهم الحالي
(على حساب استهلاكهم في املستقبل) هي جزء مما يحدث في اقتصاد السوق على نطاق
واسع؛ فهي تشكل جزءًا كبريًا من صناعة بطاقات الائتمان. لكن لا تظن أن كل املدخرات
والاستثمارات تحمل هذا الطابع. فعندما تنظر إلى خطة الادخار املوضحة في الجزء
السابق، تدرك أنه لا حاجة إلى وجود مقترض واحد أو أكثر يتورطون في الدين أكثر
فأكثر بمرور السنوات. الواقع أن أي فرد في اقتصاد السوق يستطيع الحفاظ على مستوى
معيشي لائق خلال سنوات التقاعد عن طريق الادخار والاستثمار أثناء سنوات العمل.
كيف يمكن ذلك؟ في مقابل كل شخص يدخر ويربح مبالغ متزايدة من الفائدة
مثل سالي، ألا يتعني أن يكون هناك شخص في مكان ما يقترض ويدفع مبالغ متزايدة
َ من دخله مثل بيل؟ يمكن الإجابة بنعم ولا في الوقت نفسه؛ فملاك الأمر أن القروض
ِ والاستثمارات يمكن أن تتم في الشركات املنت ً جة، بدلا من الاقتصار على إقراض فرد يزيد
ً استهلاكه في الوقت الحالي. فعندما يجري توجيه املدخرات لخدمة التوسع في الإنتاج (بدلا
من تمويل الاستهلاك فقط)، سينمو «إجمالي الناتج» بمرور الوقت، مما يسمح لكل فرد
في املجتمع بأن يتمتع بدخل أكبر.
ً في الدرس الثاني عشر سنتناول آليات الائتمان والدين على نحو أكثر تفصيلا، أما
الآن فكل ما نحتاج إليه هو فهم الصورة العامة ملا يمكن أن يحدث إذا قرر كل فرد
في املجتمع فجأة أن يدخر نصيبًا كبريًا من دخله. فلكي يزداد الادخار يتعني على كل
فرد تقليل استهلاكه. وهذا يعني أن جميع الأفراد سيقللون من إنفاقهم على ارتياد
املطاعم الفخمة، وشراء السيارات الفارهة، واقتناء الأجهزة الإلكترونية، وارتداء الثياب
الفاخرة. وفي الوقت نفسه، سيزيد الأفراد مقدار النقود التي يُقرضونها ويستثمرونها في
املشروعات التجارية، سواء حدث ذلك على نحو مباشر (بشراء أسهم أو سندات الشركات)
أو على نحو غري مباشر (بإيداع النقود في البنوك التي تُقرضها إلى املشروعات التجارية
فيما بعد).
ستؤدي هذه التحولات الكبرية في كيفية إنفاق الأفراد لدخولهم — بتحويلها من
ً الاستهلاك إلى الاستثمار — في نهاية الأمر إلى توجيه العمالة واملوارد بعيدا عن القطاعات
املخصص إنتاجها للاستهلاك الفوري، وتوجيههم نحو القطاعات املخصصة للإنتاج
ً طويل الأجل. على سبيل املثال: ستشهد املتاجر الراقية ومتاجر الحلي انخفاض ٍّ ا حادا في
مبيعاتها، ومن ثم ستضطر إلى تسريح الأيدي العاملة وتخفيض الكميات املعروضة من
ً السلع. املطاعم الراقية أيضا ستضطر إلى تسريح العمال وإغلاق عدد من فروعها.