PDA

View Full Version : التأثر من خلال أسواق السلع والخدمات



bahoma310
04-13-2017, 19:27
سرعان ما تحولت الأزمة المالية الى أزمة في الأسواق الحقيقية مع تراجع الطلب على السلع، وانقباض الائتمان المصرفي. ولقد تراجعت أسعار المواد الأولية بشكل كبير. ويعد التراجع في الطلب على النفط وانهيار أسعاره أحد العلامات الفارقة في هذه الأزمة حيث فقد النفط ما يزيد على ثلثي سعره خلال أشهر قليلة. ولم يكن التقلب في الأسعار غريبا على أسواق النفط، ومع ذلك فإن المضاربات على أسعار النفط جعلت التقلبات التي شاهدتها السنة الماضية حالة فارقة حيث ارتفعت أسعاره في غضون أشهر قليلة في بداية عام 2008 من 90 دولار الى 148 دولار للبرميل ثم انهارت في الأشهر الثلاث الأخيرة من العام الى ما دون 40 دولار للبرميل ثم أخذت بعد ذلك في التزايد التدريجي لتتعدي حالياً الـ 70 دولار للبرميل. هذا بالإضافة إلي تراجع أسعار الحبوب والسكر والزيوت وغيرها من المواد الغذائية بعدما شهدت زيادة كبيرة في أول العام.

وهكذا انتقلت الأزمة من الدول المتقدمة والصناعية الى الدول النامية المصدرة للمواد الخام، كذلك أدت توقعات الكساد العالمي الجديد، وتراجع الإنفاق الاستثماري في الاقتصادات القوية الجديدة مثل الصين والهند والبرازيل وروسيا الى تراجع الطلب على الحديد والأسمنت ومواد البناء بصفة عامة مما أحدث فائضا مفاجئا في العرض.

أما في أسواق الخدمات فقد ظهر انخفاض كبير في الطلب على السفر الدولي والسياحة، وعلى خدمات النقل بصفة عامة مما سبب ركودا في أسواق السفن، وإلغاء طلبيات السفن والطائرات الجديدة. ويتوقع أن يؤثر انخفاض الطلب على السياحة بصورة ملموسة على الدول العربية المستقبلة للسائحين الدوليين ومنها تونس ولبنان ومصر والمغرب. كذلك سوف تتأثر حركة شركات الطيران العربية العاملة على المستوى العالمي. ويتوقع أن تفقد مصر جزءا ملموسا من عائدات المرور في قناة السويس وتشارك الإمارات والمغرب وقطر في احتمال تراجع إيرادات خدمات النقل والشحن الدولي ورسوم مطاراتها الدولية.

ومن الواضح أن الأزمة المالية وما ارتبط بها من كساد في أسواق الدول الرأسمالية الكبرى سوف ينعكس بشكل أساسي في انخفاض وراداتها من الدول النامية والعربية. ويزيد من حرج موقف الدول العربية اتساع انكشافها على الأسواق الخارجية. وتقدر نسبة انكشاف الاقتصاد العربي على الاقتصاد العالمي (مقاسا بنسبة التجارة الخارجية العربية الى اجمالى الناتج المحلى للدول العربية وفقاً لبيانات عام 2006 ) بحوالي 80%، حيث بلغ حجم التجارة الخارجية العربية نحو 1032,6 مليار دولار خلال عام 2006، وبلغ حجم الناتج المحلى الاجمالى للدول العربية 1291,4 مليار دولار خلال نفس العام.

وتزداد مشكلة ارتفاع درجة انكشاف الاقتصاد العربي على الاقتصاد العالمي إذا أخذنا في الاعتبار انخفاض نسبة التصنيع المحلى بالاقتصاديات العربية واعتمادها على الصادرات الأولية من جهة، وعلى الواردات الاجنبية وعلي الأخص الغذاء والمواد المصنعة من جهة أخرى. حيث لا تقل نسبة صادرات الوقود المعدني الى اجمالى الصادرات العربية عن 75%، وتصل في بعض الدول العربية إلى أزيد من 90% من إجمالي الصادرات. ومن ناحية أخري، تمثل الواردات من الآلات ومعدات النقل نحو 36% من الواردات العربية تليها الواردات الصناعية الاخرى والتي تشكل نحو 28% من اجمالى الواردات العربية وفقا لبيانات عام 2006، وتقارب نسبة الواردات العربية من الأغذية والمشروبات نحو 12 % من الواردات العربية الإجمالية. و تستحوذ أسواق أوربا والولايات المتحدة على نحو 35% من الصادرات العربية على حين يأتي منها نحو 47% من الواردات العربية الإجمالية من هذه الأسواق. وتتأثر هذه الأسواق بشكل أكبر بالأزمة المالية العالمية.

ويبين هذا التحليل كيف أثرت الأزمة المالية العالمية علي مختلف القطاعات المالية والإقتصادية ومختلف القطاعات مما حولها من أزمة مالية إلى أزمة إقتصادية ألقت بظلالها الكثيفة علي سوق العمل فعانت جميع دول العالم من تزايد حاد في معدلات فقدان الوظائف التي أضيفت إلى معدلات البطالة التي كانت موجودة قبل الأزمة فتفاقمت أزمة البطالة وأدت حالات الأنكماش والكساد ليس فقط إلى فقدان فرص العمل بل وتوقف حركة خلق فرص عمل جديدة.