PDA

View Full Version : تأثير الأزمة العالمية علي مستويات البطالة ونماذج للتأثير علي بعض دول العالم:



bahoma310
04-13-2017, 19:29
يعد تقدير أثر الأزمة العالمية على مستويات التشغيل عملية معقدة، حيث تتأثر الدول المختلفة حسب مدي ارتباطها بالاقتصاد العالمي وحسب درجة نموها وهيكلها الإنتاجي. كذلك تتأثر القطاعات الاقتصادية المختلفة بصورة متباينة. ولعل أول القطاعات التى تأثرت بالأزمة العالمية كانت القطاعات المصرفية والخدمات المالية، وأمتد هذا بالطبع الى قطاع التشييد والعقارات، ثم الى قطاع البيع بالتجزئة، ثم قطاع السياحة والترفيه، وأخيرا قطاعات الانتاج الصناعي، والزراعي. وعليه من المتوقع أن تتأثر مستويات التشغيل في مختلف الدول حسب درجة تنوع اقتصاداتها، وارتباطها بالاقتصاد العالمي، وكذلك حسب تفاعل مسببات الأزمة داخليا. فعلى سبيل المثال من المتوقع أن لا تتأثر بعض الاقتصادات الزراعية التى لا تصدر للخارج كثيرا بالأزمة العالمية، حيث أن معظم الانتاج والتشغيل يسخر لتلبية الاحتياجات المحلية. من ناحية أخرى، نجد أن الإقتصادات التي تعتمد بشكل كبير على تصدير الخدمات الى الخارج (كما هو الحال في البلدان السياحية)، أو التي تعتمد على تحويلات العاملين ستتأثر بشكل أكبر من غيرها. ونتوقع أن يكون تأثير الأزمة أكثر حدة على الاقتصادات العربية عنها على الاقتصادات النامية الاخري لعدة أسباب:
- تعتمد الكثير من الدول العربية على صادرات المواد الخام المعدنية وخاصةً البترول والفوسفات، ولقد انخفضت أسعار هذه المواد في فترة وجيزة وبمعدلات قياسية. وانخفض الطلب العالمي أيضا على صادرات القطن والمنسوجات التى تمثل نسبة لا يستهان بها من صادرات دول وادي النيل وتونس وسوريا.

- تـأثرت بعض الدول العربية من تراجع الطلب العقاري وعلي الأخص في دول الخليج العربي، والأردن ومصر.

- تراجع الطلب على صناعة النقل والسياحة العالمية مما يهدد عائدات السياحة الى الدول العربية، ورسوم المرور في الأجواء العربية وفي قناة السويس. كما تسببت أزمة الثقة في المستقبل الاقتصادي انهيارا غير مسبوق في بعض الأسواق المالية العربية، حيث أنخفض مؤشر البورصات العربية بما يزيد على 55% في عام 2008 في سوق القاهرة وعمان، وما يقرب من 80% في سوق دبي. بينما لم تتأثر أسواق تونس والدار البيضاء لقلة نصيب الأجانب في تلك البورصات.

- بالاضافة الي أنه الي جانب توقعات زيادة البطالة المحلية لانخفاض الانتاج والتشغيل في القطاعات الانتاجية، فمن المتوقع كذلك تراجع فرص عمل العمالة العربية في كافة الأسواق المستقبلة للعمالة.
لذا فمن المتوقع أن تتسبب الأزمة المالية العالمية في تراجعاً في مستويات التشغيل في الدول العربية. وزيادة كبيرة في عدد العاطلين عن العمل في العالم والدول العربية حيث يتوقع بعض الخبراء أن يصل إجمالي العاطلين عن العمل فى الدول العربية الى حوالي 20,4 مليون عاطل في غضون السنتين القادمين. ويرجع ذلك الى انخفاض مستوى الطلب على الأيدي العاملة نتيجة لتراجع الطلب الكلي، وأيضا بسبب الزيادة الطبيعية في الداخلين الى سوق العمل التى لا يمكن استيعابهم حتى عند مستويات الطلب الحالية. مما يعني زيادة نسبة البطالة في الدول العربية عن مستواها الحالي البالغ 14% الى حوالي 17% في المتوسط.
ونتوقع تفاقم مشكلة البطالة في الدول غير النفطية بمعدلات أكبر من غيرها. وذلك لقدرة الدول النفطية (وبالذات في دول مجلس التعاون الخليجي) على امتصاص أثر الأزمة عن طريق تخفيض حجم القوة العاملة بترحيل العمالة الفائضة وبالذات في قطاعات التشييد والخدمات. كذلك من المتوقع أن يكون التأثير في الاقتصادات العربية الزراعية منخفضا عن غيرها وذلك لإمكانية تحول المنتجين من محاصيل التصدير الى محاصيل الاستهلاك المحلي، وكذلك لاستيعاب العمالة الفائضة في الانتاج الزراعي. ومع ذلك فمن المتوقع انخفاض دخول العمال الزارعين لانخفاض إنتاجيتهم.
ومن المتوقع أيضا أن تؤدى هذه الأزمة إلى التأثير على أسواق العمل الوطنية بصورة متباينة. ولعل القطاع المالي والعقاري في مقدمة القطاعات المتوقع تأثرها مع احتمال امتداد نفس الأثر إلى قطاعات أخرى مثل المقاولات والاستشاريين والموردين.
ويتعرض قطاع السياحة - الذي يعد واحدا من أهم الدعامات الاساسية لبعض الدول العربية متوسطة الدخل مثل مصر وتونس والمغرب ولبنان - لأزمة حادة نظرا للانخفاض المتوقع في اعداد السائحين مع تفاقم الكساد الاقتصادى.

ومع ارتفاع مستويات البطالة وانخفاض دخول العمال القادرين على الحفاظ على وظائفهم، ومع الخسائر الهائلة التى أصابت المستثمرين في أسواق المال، فأنه قد يكون هناك خطر قائم بتآكل الطبقة المتوسطة وتحولها إلى طبقة فقيرة. وقد يؤدى الضغط الاجتماعي والاقتصادي وتفاقم مشكلات البطالة الى ارتفاع نسبة الجرائم المالية وجرائم العنف في العالم العربي وهو ما يتم تفسيره بتحول الأزمة المالية العالمية ألي أزمة أقتصادية عالمية.

ويوضح الشكل التالي نصيب كل منطقة علي مستوي العالم من خلق فرص عمل جديدة خلال عام 2008 طبقاً لبيانات منظمة العمل الدولية. حيث يتضح من الجدول أن 33% من فرص العمل الجديدة تتوافر في جنوب أسيا وهي النسبة الأعلي علي مستوي العالم، يليها منطقة جنوب أفريقا بـ 21%، منطقة شرق أسيا وجنوب شرق أسيا 12%، أمريكا اللاتينية 11%، الشرق الأوسط 5%، شمال أفريقيا 4% وأقل منطقة من حيث خلق فرص العمل الجديدة هي وسط وجنوب شرق أوروبا حيث تساهم فقط بـ 2%.