PDA

View Full Version : تنظيم وتطوير أسواق العمل في الدول العربية



bahoma310
04-13-2017, 21:10
لعل من أبرز التحديات التي تشهدها أقطار الوطن العربي مثل ما هو الشأن في العديد من بلدان العالم قضية التشغيل لما لهذه المسألة من ارتباط وثيق بالاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية والرقي الاجتماعي باعتبار أن الشغل حق طبيعي لكل مواطن وشرط من شروط تحقيق الذات وحفظ الكرامة وتجسيم المواطنة الفاعلة وحفز الهمم واستنهاضها للمشاركة المجدية وتجسيد الديمقراطية الاجتماعية وضمان التنمية الشاملة.

وفي هذا التوجه الجديد اعتبر التشغيل عاملا من عوامل تحسين الطلب الداخلي الذي يساهم في تحسين مستوى الاستهلاك باعتباره أحد المؤشرات الثلاثة للتنمية البشرية وهي أمل الحياة ومستوى التعليم ومستوى العيش الذي تدخل في احتسابه القدرة الشرائية.

كما أن تحسين مستوى الاستهلاك يؤثر بدوره إيجابيا على الاستثمار وإعادة الاستثمار والتوظيف الأمثل لطاقات الإنتاج وللبنية الأساسية.

وفي ظل تقلبات الاقتصاد العالمي وتباطؤ النموّ وما يحدثه من آثار سلبية على الاقتصاديات المحلية أصبح الطلب الداخلي من العوامل الأساسية للحركية الاقتصادية.
وبصفة عامة يمكن القول أن هذا التطور في المفهوم الاجتماعي للتشغيل حصل في ظل القيم الجديدة ذات العلاقة بحقوق الإنسان والتنمية المستديمة.

وبقدر ما اتسع المفهوم الاجتماعي للتشغيل، اتسع مفهومه الاقتصادي ليشمل مفاهيم الكفاءة المهنية والقدرة على التصور والمبادرة وعقلية الإنتاج ومردودية العمل، متجاوزا بذلك مجرد القدرة البدنية على الإنتاج.
وفي هذا المنظور أصبح الإنسان في منظومة العمل الجديدة هدفا ووسيلة.

ففي الوقت الذي أصبح فيه الإنسان غاية التنمية، بات أقوى أداة للإنتاج إذ بدونه لا يمكن السيطرة على التكنولوجيا والإستفادة منها. وهنا تظهر أهمية أنظمة التعليم والتدريب والتكوين المهني بأشكالها المتعددة وكذلك أنظمة التشغيل وأدوات التصرّف في سوق العمل لتحقيق الهدف المزدوج والمتمثل في الترقية المهنية والاجتماعية لطالب الشغل من ناحية والإستجابة بالسرعة المطلوبة لحاجة المؤسسة من المهارات الضرورية من ناحية ثانية.

ولقد ازدادت إشكالية التشغيل تعقيدا في ظل المرحلة الإنتقالية إلى اقتصاد السوق التي تشهدها البلدان العربية وما تقتضيه من إعادة هيكلة الاقتصاد وخوصصة المؤسسات العمومية ذات الطابع التنافسي وضرورة مراجعة قوانين الشغل.


وبقدر ما كانت هذه الإجراءات ضرورية، بقدر ما يجب تطوير السياسات الاجتماعية والإرتقاء بها من سياسات مصاحبة للتنمية الاقتصادية إلى اعتبارها شـرطا أساسيا من شروط تحقيقها.
وهنا تظهر الأهمية القصوى لتنظيم وتطوير أسواق العمل في الطّرح العام وفي الطّرح العربي.