PDA

View Full Version : بعض عناصر التقييم لسياسة التشغيل النشيطة



bahoma310
04-13-2017, 21:15
بالرغم من المجهود المالي الكبير الذي تبذله البلدان العربية في إطار سياسات التشغيل النشيطة فإنّ مردود هذه الاستثمارات على التشغيل والحدّ من البطالة محدود اقتصاديا واجتماعيا على مستوى الإدماج والأجور وإنتاجية العمل ونسبة التأطير في المؤسسات الاقتصادية.
ويعود ذلك إلى عدّة أسباب منها :
- عدم إحكام هيكلة الإنفاق التي تختلف تماما مع هيكلة الإنفاق في البلدان الغربية التي تركّز بشكل كبير على التدريب الأساسي والتدريب المستمر وإعادة الرسكلة وإحداثات الشغل.
ويمثّل هذا البعد التـدريبي 56 % من مجموع الإنفـاق المقدر بـ 0.9 % من الناتج المحلي الإجمالي، يليه الإنفاق على خدمات التشغيل الذي يمثّل 17 %، والإنفاق على البرامج الموجّهة لذوي الاحتياجات الخاصة بـ 16 %. في حين أن برامج تشغيل الشباب لا تمثّل إلاّ 11 %.

أما المنطقة العربية فهي تركّز بشكل أساسي على برامج تشغيل الشباب وتهميش الجوانب الأخرى كالتدريب والإحاطة بالمسرّحين في حين أن ضمان أوفر حظوظ التشغيلية هو مهام المنظومة التربوية والتدريبية. وحتّى ضمن هذه المهمّة فإنّ برامج تشغيل الشباب لا توفّر بالقدر الكافي الإستجابة لاحتياجات المنشآت الاقتصادية من المهارات، وهو ما يؤدّي بصفة عامة إلى تدنّي معدّلات الاندماج للمستفيدين من هذه البرامج.



وتفيد مختلف الدراسات والتقارير أنّ بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية تحقق نتائج أفضل في مجال السياسات النشيطة بهيكلتها المشـار إليها رغم أنها تنفق أقل بكثير في المعـدّل العام (0.9 %) مقارنة بالدول العربية (1.4 %).

- توجيه النسبة القصوى من الإنفاق إلى الشباب من حاملي الشهادات مع الافتقار الصّارخ في أغلب التجارب العربية إلى إجراءات الدّعم للنّواتات الصعبة من طالبي الشغل الآخرين كفاقدي الشغل والعمّال المهدّدين بالفصل عن العمل وفئات الشباب من المستويات التعليمية المتدنية أو المتواضعة. وينجرّ عن ذلك عدم الإنصاف في تصويب الحوافز حسب حاجيات مختلف فئات السكان النشطين وحسب حاجيّات المناطق (الجهات).

- انعدام الشروط والضوابط للاستفادة من البرامج الموجّهة إلى حاملي الشهادات. وهو ما يعني إعطاء الحق بصفة مطلقة إلى كلّ المتخرجين بصرف النظر عن مدى استجابة مؤهلاتهم لحاجيات سوق العمل ولمدّة انتظارهم في البطالة.

ولهذا التمشّي مفعولات سلبية على سوق العمل منها خاصة :
• عدم الجديّة في البحث عن شغل والإيحاء لطالبي الشغل بأنّ المرور عبر البرامج أمر حتمي. وفي هذا اعتراف ضمني بعدم جودة مخرجات التعليم بشكل مطلق ؛
• الحدّ من إحداثات الشغل التلقائية في المؤسسات بفعل تعويض الإحداثات بتدخلات البرامج. وتفيد مختلف الدراسات التقييمية في هذا المجال أنّ المؤسسات كانت ستحدث مواطن الشغل هذه في غياب برامج الدّعم. وفي هذا نوع من الابتزاز من قبل المنشآت الاقتصادية.

وهذه المفعولات السلبيـة بشقّيـها تـؤدّي إلى سوق عمل مدعّمة (marché subventionné) وتُعيق بالتالي السّير الطبيعي لسوق العمل الذي ينتقل من عرض العمل وطلب العمل إلى عرض الحوافز من قبل الدولة والإقبال عليها من قبل المؤسسات وطالبي الشغل.

ونتيجة لكل ذلك فإنّ برامج التشغيل النشيطة بهيكلتها الحاليّة زاغت بشكل عام عن مبادئها العامة الهادفة إلى تحسين عرض العمل بعناصر تشغيلية جديدة لفائدة طالبي الشغل وإلى تحسين طلب العمل من قبل المؤسسة كنتيجة للرّفع من الكفاءات عن طريق هذه البرامج.

إنّ إعادة هيكلة البرامج باتّجاه مزيد تفعيلها مرتبط بضبط الأهداف وتحديد الأولويات عند صياغة هذه الآليات كما تبرزه مختلف التجارب الغربية.
واستئناسا بتجارب بلدان الإتحاد الأوروبي في مجال السياسات النشيطة