PDA

View Full Version : الاقتصاد الإسلامي يجمع بين الثبات و التطور



bahoma310
05-24-2017, 14:04
لقد جاء الإسلام بمبادئ وقواعد كلية عامة تنظم المجال الاقتصادي وإنه ترك التفصيلات والنواحي العملية لاجتهادات وآراء الفقهاء في ضوء هذه المبادئ والقواعد من خلال ظروف كل مجتمع سواء كانت ظروفا مكانية أو زمنية وأن هذه المبادئ والقواعد الواردة بالقرآن والسنة ثابتة لا تتغير ولا يجوز الخلاف حولها مهما تغيرت الظروف وتطورت الأمور لأنها تتعلق بالحاجات الأساسية اللازمة لكل من الفرد والمجتمع .
ولتوضيح ذلك ذهب بعض الفقهاء إلى أن مصادر التشريع الإسلامي مرنة فيما لا نص فيه وساير مصالح الناس وتطورهم ، فنصوص القرآن فيها ، ولا تتطور أحكامها يتطور البيئات وتطور المصالح ، أما تشريع الأحكام العملية كالأحكام المدنية الاقتصادية مما تختلف باختلاف البيئات وتطور المصالح فلم تتعرض نصوص القرآن لها بالتفصيل حيث اقتصرت على الأحكام الرئيسية والمبادئ العامة التي لا خلاف عليها وترك لكل أمة اجتهادها ففي مجال الإقتصاد ، اقتصرت على بيان حق الفقير وبعض الأمور الأخرى مما يدل على مرونتها1 .
وبناء عليه فإن نظم الحكم الإسلامي صالح لكل عصر في حدود تفكيره . محققا في نفس الوقت للمبادئ التي وضعها أساسا للحضارة الإنسانية لا يحيد عنها . ولا يجري على نقيضها حيث لن يتعرض أحد فيقول : إن مراعاة التطور الفكري والعلمي الذي انتهى الناس إليه والملائمة بينه وبين النظام الإسلامي للحكم ،فيها ما يخالف هذه المبادئ وما دام النظام نفسه يقوم في حدود هذه المبادئ .

ويضيف الفقهاء إلى هذا قولهم : أن القواعد العامة الواردة بالقرآن قليلة وأنها تتناول التفاصيل إلا في أمور محصورة وانه في مجال المبادئ الاقتصادية الواردة لا ترضى عن الفردية المطلقة الواردة بالمذهب الاقتصادي الرأسمالي القائمة على أساس من الأنانية الذاتية التي لا حد لها ، بل على العكس من ذلك فإن مبادئ القرآن تحث على تضامن الجماعة وتدعو إلى مبادئ الرحمة الإنسانية التي تعبر في الإسلام قاعدة مقررة وأنه على الأمة الإسلامية أن تعبر في طريق التطور الطبيعي للحياة الإنسانية والحقيقة أن الإسلام وضع لنظام الحكم في مجال السياسة والاقتصاد مبادئ عامة وترك التنفيذ لظروف كل مجتمع وفي هذه المبادئ وخاصة المبادئ الاقتصادية مبدأ الشورى حيث وردت آيات من القرآن الكريم تشير له بصفة عامة دون التعرض للتفصيل حيث يقول تعالى حاثا رسوله صلى الله عليه وسلم على الشورى :( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ .)*. وقوله أيضا ( وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ)**.
وغيرهم من الآيات التي تدل على المبادئ دون أن نشير لكيفية التطبيق حيث تختلف طرائق تحقهها باختلاف الأمم من غير إهمال لمعناها ومن ثم فالإسلام وضع المبادئ العادلة في مجال السياسة والاقتصاد وفي أن الناس سواء وأنه يجب تهيئة الفرص لكل القوى لكي تظهر الطاقات المختلفة المتفاوتة وتوسد كل طائفة ما تهيئه له طاقتها بحسب ظروف الزمان والمكان ومادامت تحقق في النهاية الصالح العام.