PDA

View Full Version : العولمة المتسارعة في اقتصاديات العرب



bahoma310
05-26-2017, 21:22
من خلال العقدين التاليين للحرب العالمية الثانية أدت الأحداث الدولية الكبرى بالبلدان العربية إلى اتخاذ طريقين مختلفين تماما من حيث درجة الاندماج في الاقتصاد العالمي، بينما شجع قيام الحرب الباردة بين الكتلتين الغربية والشرقية بعض البلدان العربية أهمها: مصر، سوريا، العراق على انتهاج سياسات نمائية وتبني إستراتيجية اقتصادية أقرب إلى الاستقلال والانطواء على النفس، وإعلان صورة أو أخرى من الاشتراكية العربية.
دفع تحقيق العالم العربي معدلات نمو غير مسبوقة في النمو الاقتصادي بدول عربية أخرى وعلى الأخص الدول الغنية بالنفط، إضافة إلى لبنان والأردن اندمجا بدرجة أكبر من ذي قبل بالاقتصاد العربي بأكمله، فإذا بالدول ذات الاقتصاد المتفتح على العالم يزيد انفتاحها عنه أكثر من أي وقت مضى، والبلدان ذات الاقتصاد المنغلق نسبيا تشهد تحولا جذريا نحو الانفتاح الاقتصادي، وتفكك بسرعة نظام كان يقوم على سيطرة الدول على الاقتصاد، كذلك شهد الوطن العربي منذ أواخر الستينات نمو متسارعا في معدل انتقال العمالة من الوطن العربي إلى الخارج، ولكن أهم من ذلك بكثير هو التسارع في هجرة العمالة بين دول عربية وأخرى، وكذلك شهدت الفترة نفسها بالأخص في بداية السبعينات، نمو في تدفق العمالة المهاجرة من جنوب وجنوب شرق آسيا إلى دول الخليج، كذلك في أوائل السبعينات شهد الوطن العربي تسارعا في نقل التكنولوجيا إليه، وخاصة في مجال السلاح، والنفط والبيتروكمياويات والتشييد والنقل والسياحة ووسائل الاتصالات اللاسلكية، وبنمو هذه الوسائل الأخيرة أصبح الوطن العربي معرضا من أي وقت مضى لتدفق المعلومات والأفكار وأنماط الحياة والقيم من الخرج1.
إن نسبة الانفتاح التجاري العربي الدولي، المسجلة خلال حقبة التسعينات كبيرة حقا بالقياس إلى نظيراتها في البلاد النامية الأخرى وحتى في البلدان المصنعة الكبرى، وتشير الإحصائيات المتاحة إلى أن قيمة
مجموع الصادرات والواردات تفوق قيمة الناتج المحلي الخام في أي بلد عربي1 وبالأخص الأقطار العربية النقطية التي هي من أكثر الأقطار العربية اندماجا في منظومة الاقتصاد الرأسمالي العالمي بسبب عمق موقعها في التقسيم الدولي للعمل الذي جعل منها أقطارا تعتمد على مصدر واحد وهو النفط ولذلك فإن درجة انفتاحها على دول المنظومة تصديرا أو استيرادا عالية للغاية2.
ومع ذالك فإن الكثيرين يعبرون عن آمال واسعة في آن تزداد سرعة العولمة ودرجة اندماج الاقتصاديات العربية في الاقتصاد العالمي نتيجة الاتفاقات الجديدة التي ترتبت على انتهاء جولة الأورجواي في المفاوضات التجارية والتي تمت أو ينتظر أن تتم بين عدد من الدول العربية والاتحاد الأوروبي، وسوف يؤدي ذلك بالتأكيد إلى تسارع عملية تحرير التجارة والاستمارات وتدبيرات آثار هذا التحرير في الظهور بالفعل ففي مصر مثلا من بين 548 سلعة كان استيرادها إلى مصر ممنوعا في عام 1986 لم يعد اليوم ممنوعا من الاستيراد إلا الملابس والمنسوجات، وفي تونس خفض عدد السلع التي يشترط الحصول على تراخيص استيراد بشأنها إلى أقل من ثلث ما كان عليه منذ 10 سنوات وفي الجزائر ألغي استيراد هذه التراخيص إلغاءا تاما1.