PDA

View Full Version : البيوع الباتة القطعية ( العقود المستقبلية )



bahoma310
06-01-2017, 21:29
يقصد بالعمليات الآجلة الباتة تلك الصفقات التي تجري بين المتعاقدين ، ويحدد لتنفيذها موعد ثابت لاحق يسمى موعد التصفية ، يتم فيه دفع الثمن وتسليم الأوراق المالية محل الصفقة .
وتسمى : الباتة ، تمييزاً لها عن عقود الاختيارات الآتية ، وذلك لأن العاقدين ليس لهم حق الرجوع أو الخيار في تنفيذ العملية ، ولكن لهم الحق في تأجيل موعد التصفية النهائية إلى موعد آخر .
وتسمى : العقود المستقبلية تمييزاً لها عن العقود الحاضرة التي سبق الحديث عنها .
وقد بدأت العقود المستقبلية في السلع الزراعية ثم تطور الأمر فلم يعـد التعـامل فيـها مقتصراً على السلع الزراعية ، بل امتد للأصول المالية ، فهناك عقود مستقبلية على مؤشرات السوق فضلاً عن الأسهم والسندات والعملات .
وسبب لجوء الطرفين لتلك السوق هو الرغبة في تخفيض مخاطر التقلبات السعرية المستقبلة للأصل محل التعاقد ، فالمزارع الذي سيجني محصوله مثلاً في الشهر التاسع يمكنه بيع محصوله في الشهر الخامس بمقتضى عقد مستقبلي بسعر محدد من الآن بصرف النظر عن السعر السائد في السوق الحاضر في الشهر التاسع ، والذي قد يكون منخفضاً بسبب وفرة المحصول ، كما أن المشتري يمكنه من الشهر الخامس عقد الصفقة وتحديد سعرها من الآن متجنباً مخاطر تقلبات الأسواق .
وتنفيذ هذا النوع من العقود يؤدي إلى خسارة أحد الطرفين وربح الآخر ، إلا إذا كان السعر المستقبلي معادلاً للسعر الحاضر عند التنفيذ ، وهذا نادر .
ويحتاج الطرفان عند إبرام هذا العقد إلى تقديم هامش مبدئي يسلم إلى سلطة السوق ، ولا يتجاوز في العادة 15  من قيمة الصفقة ، والهدف منه ضمان التزام كل منهما
بالعقد ( ).
وما يميز العقود المستقبلية هو أن السلع التي تباع فيها قابلة للتنميط ، أي أنها قابلة
للتداول ، والواقع أن العقد لا يتم بين البائع والمشتري مباشرة ، فلكل سوق من أسواق العقود المستقبلية بيت لتسوية الصفقات يتألف من أعضاء السوق ، ويتم العقد حقيقة بين البائع وبيت التسوية ، ثم بين المشتري والبيت ، فلا توجد علاقة مباشرة بين البائع والمشتري ، بل العقد يتكون من طرفين بينهما بيت التسوية ، يتعهد الأول مثلاً في يناير 1999م بشراء ( 1000 ) سهم لإحدى الشركات بسعر ( 100 ) دولار ، للسهم ، تسليم 30 يونيو 1999م ، ويتعهد الآخر بتسليمه هذه الأوراق في التاريخ المحدد وبالسعـر المتفق عليه .
والذي يجري بين شهري يناير ويونيو هو انتقال هذا العقد بين المضاربين عن طريق بيت التسوية تلك عشرات المرات يومياً ، فالمعاملات كلها تصفى في آخر النهار ، ثم تبدأ في
الغد بيعاً وشراءً ، فمن يمتلك حق الحصول على تلك الأسهم بسعر ( 100 ) دولار سيربح تلقائياً عندما يرتفع السعر لأكثر من هذا المبلغ ، والمتعهد بتسليم تلك الأسهم بالسعر نفسه سيخسر عندما يرتفع السعر المذكور .. وهكذا ، أما التسليم والقبض الفعلي للأصل محل العقد فهذا أمر لا يهتم به المتعاملون إلا في تاريخ القبض أي في 30 يونيو ، حيث يتحول العقد في النهاية إلى المشتري الحقيقي بعد أن يكون قد مر على مئات المضاربين خلال الفترة التي تفصل بين العقد الأول والقبض الفعلي .
أما الحكم الشرعي لها : فإن البيع في العقود المستقبلية الباتة يتضمن عدداً من المحاذير الشرعية التي تجعله من العقود المحرمة شرعاً ، فمن تلك المحاذير :
1- تأخير تسليم العوضين – الثمن والمثمن – إلى أجل محدد ، فهو من بيع الكالئ بالكالئ المجمع على تحريمه .
قال ابن القيم (( ورد النهي عن بيع الكالئ بالكالئ ، والكالئ هو المؤخر الذي لم يقبض ، كما
لو أسلم شيئاً في شيء في الذمة ، وكلاهما مؤخر ، فهذا لا يجوز بالاتفاق ، وهو بيع كالئ بكالئ ))( ).
وقد حكى هذا الإجماع غير واحد من أهل العلم
2- أن السلعة محل العقد تباع قبل قبضها . وهذا محرم إذا بيع بأكثر من قيمته لأنه يتضمن ربح ما لم يضمن ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ربح ما لم يضمن أي يقبض ، ومن المعلوم أن المضارب إنما يبيع الأصل المنمط في العقود المستقبلية إذا ضمن تحقق ربح له من ذلك البيع .
3- ولأن ما يجري في العقود المستقبلية هو مجرد عقد صفقات وهمية على كميات خالية من السلع المؤجلة بأسعار وأثمان مؤجلة ، لا يقصد بها إنتاج ولا تسليم بل مجرد مضاربة بالأسعار ثم المحاسبة في الموعد المحدد على فرق السعر الذي يربحه أحد الطرفين في حالة ارتفاع السعر أو هبوطه ، وهي عمليه - كما يرى - أشبه بالمقامرة منها بالنشاط الاقتصادي والإسلام إنما يهدف إلى تحقيق المصالح الصحيحة فيفتح لها الأبواب التي تنتج نفعاً للمجتمع ويغلق أبواب المضاربة بالحظوظ التي تغري بالكسل وتقعد الفرد عن العمل.