PDA

View Full Version : صناع السوق في الأسواق المالية العربية



bahoma310
06-02-2017, 17:41
في ظل غياب صناع السوق في الأسواق المالية العربية ، فمن المفترض بالإستثمار المؤسسى ، والذي يتكون من المحافظ الاستثمارية الجماعية (صناديق الاستثمار المشتركة) ، وصناديق التقاعد والمعاشات ، إضافة إلي محافظ المصارف وشركات التأمين وغيرها من محافظ الشركات المساهمة العامة ، أن يلعب دوراً مشابهاً لدور صانع السوق من خلال الحفاظ علي استقرار الأسواق المالية العربية ، من حيث شراء أسهم الشركات المساهمة العامة المدرجة عندما تنخفض الأسعار دون قيمتها العادلة وبيع الأسهم عندما ترتفع فوق قيمتها العادلة ، وبالتالي يحافظ على استقرار الأسواق وكفاءتها ومصدقيتها ، إضافة إلي أهميته في تعزيز أداء الأسواق المالية وارتفاع مستوى نشاطها في ظل وجود متخصصين محترفين يشرفون علي إدارة هذه الصناديق والمحافظ الاستثمارية ، وامتلاكها سيولة عالية وحجماً كبيراً من الأسهم المتداولة.

إن محدودية الدور الذي لعبه الاستثمار المؤسسي خلال فترة تصاعد حدة المضاربات التي تعرضت لها الأسواق المالية العربية خلال العام الماضي ، ومحدودية دورها خلال هذه الفترة التي تتراجع فيها اسعار أسهم كثير من الشركات القيادية والواعدة من دون مبررات منطقية. ويعود ذلك إلي أسباب عدة منها محدودية حجم الاستثمار المؤسسى في مقابل حجم أموال المضاربين بمختلف شرائحهم ، وحيث وصلت قيمة أموال المضاربين بعد الاتساع الكبير في قاعدتهم إلى أضعاف حجم الاستثمار المؤسسى ، إضافة إلي أن عدداً كبيراً من مديرى المحافظ الاستثمارية للمصارف وشركات التأمين وصناديق الاستثمار ، تحولوا إلى مضاربين سواء بالبيع أو الشراء بهدف تحقيق أعلي مستوي من الأرباح بغض النظر عن الأسعار العادلة لأسهم الشركات المدرجة والمتداولة ، إضافة إلي تجاهل مكررات الربحية التي تجاوزت الحدود المقبولة في الأعراف الاستثمارية ، وبالتالى أنضم مديرو هذه المحافظ إلي شريحة المضاربين في تجاهل المؤشرات المالية للشركات وتجاهل القيمة الحقيقية لأصولها.

وما تشهده معظم الأسواق الخليجية والعربية خلال هذه الفترة من تصحيحات مؤلمة ، كما يري بعض المحللين ، هو نتاج طبيعي لمجموعة من التطورات السلبية والأخطاء الفنية التي ظلت تتراكم علي هذه الأسواق طيلة الفترة الماضية ، والتي لم يلتفت إليها أحد في ظل ربحية جميع المستثمرين والمضاربين فى الأسواق ، وفى ظل غياب الرؤية الواضحة لدى المتعاملين بالأسهم ، وأستمرار مفهوم المضاربة علي الاستثمار ، حتى بلغت هذه الظاهرة من العمق والحضور والإنتشار درجة أصبحت معها الأصل فى التعامل وليس الاستثناء ، ما أنتج تشويهاً واضحاً لعميلة اتخاذ القرار الاستثمارى.

والملاحظ أن حجم التصحيحات في الأسواق الخليجية والعربية خلال هذا العام ، يتناسب طردياً مع حجم الارتفاعات السعرية في هذه الأسواق خلال العام الماضي ، والسؤال المطروح حالياً هو : ما هي أسباب غياب صناع الأسواق في اسواق الأوراق المالية العربية الثانوية ؟

فعلي رغم تطور هذه الأسواق ، من حيث عدد الشركات المدرجة ، وحجم التداول ، وتنوع الأدوات الاستثمارية في بعضها ، واتساع قاعدة المستثمرين والمتعاملين ، وتطور التشريعات والأنظمة والتعليمات ، التي تساهم في توفير حماية مصالح جميع الفرقاء في عمليات التداول بحيث يكون الهدف من وظيفة صانع السوق إضفاء مزيد من السيولة علي الأسواق الثانوية ، خصوصاً في أوقات عدم توافر أوامر شراء وبيع متطابقة ، أو حين يغيب الاهتمام بالشراء أو البيع ، وبالتالى تكون مهمة صانعى الأسواق الاستعداد دوماً لشراء أو بيع أى ورقة مالية ، كل منهم بحسب ما خصص له من تلك الأوراق ، إضافة إلي عملهم علي الاستقرار النسبي لاتجاهات الأسعار ، وحيث يعتمدون علي الأبحاث والدراسات والمعلومات الضرورية التي تمكنهم من التسعير العادل للأوراق المالية المتداولة ، وبالتالي عدم سيرهم خلف المضاربين أو شراء أسهم الشركات بأسعار مصطنعة.

وإضافة صناع للأسواق المالية العربية هي إضافة نوعية بدلاً من الإضافات الكمية ، حيث يتم يومياً الترخيص لوسطاء جدد بالعمولة بحيث أصبح عددهم يشكل عبئاً علي المتعاملين وعلي الأسواق المالية ، فالحق يقال أن الأسواق المالية العربية أحوج ما تكون خلال هذه الفترة إلي صناع السوق ، في ظل تراجع سيولة الأسواق والتقلب الشديد في مؤشراتها نتيجة حال التخوف والترقب وانتشار الإشاعات وتعرض صغار المستثمرين لخسائر جسيمة.