PDA

View Full Version : الإنفاق على التعليم والمردود



mohammedbash
09-13-2017, 23:23
الإنفاق على التعليم والمردود

التعليم عملية مكلفة تحتاج إلى أموال كثيرة لبناء المدارس والمعاهد والجامعات وتجهيزها، كما تحتاج إلى أجور المعلمين والإداريين، إضافة إلى أنها تتطلب اقتطاع زمن كبير من أعمار الطلبة والمتدربين يمضونه في التعليم بدلاً من صرفه في مجال الإنتاج مما يعد فرصة ضائعة يجب أخذها بالحسبان عند حساب تكاليف التعليم، وهو ما سماه شولتز «الكسب الضائع». فإذا كان التعليمان الابتدائي والمتوسط ضروريين لتوفير القاعدة الثقافية المقبولة للمواطنين، ويمكن عدهما من الخدمات الاجتماعية المطلوب توفيرها للمواطنين ويتم في سنوات العمر الباكرة قبل أن يدخل الشخص مجال الإنتاج، فإن التعليمين الثانوي والجامعي يعدان اقتطاعاً من وقت الإنتاج من جهة وأداة لزيادة التأهيل وكسب الخبرات من جهة ثانية. لهذا كله تحسب تكاليف التعليم على أنها مجموع الإنفاق الذي يصرف على التعليم ومؤسساته مضافاً إليها تكلفة الفرصة الضائعة على الأقل في مراحل التعليم الثانوية والجامعية وما بعد الجامعية.

ويتناول اقتصاد التعليم حساب تكاليف التعليم الإجمالية وحساب تكلفة الوحدة التعليمية، مثل الفرع الدراسي أو المرحلة أو الصف أو الشعبة وأحياناً تحسب تكلفة الفرد الواحد في المرحلة الواحدة أو طوال مدة الدراسة، كما يتناول اقتصاد التعليم البحث في أساليب تمويل التعليم، ومصادره وأعباء التعليم وتوزيعها بين الحكومة والمؤسسات العامة والخاصة وكذلك بين الآباء والطلبة. والهدف من دراسة تكاليف التعليم وتمويله وتوزيع أعبائه هو تحديد مردود التعليم على الفرد وعلى الاقتصاد الوطني، وكذلك توزيع أعبائه بين المواطنين المستفيدين من خدمات التعليم ومن مخرجاته لزيادة دخولهم والحكومة، إذ ينعكس التعليم إيجابياً على نمو الاقتصاد الوطني وعلى إيرادات الحكومة نتيجة لذلك.فللإنفاق في مجال التعليم مردود يتجلى زيادة في النمو الاقتصادي في فروع الاقتصاد الوطني وأنشطته وزيادة في دخل المتعلمين أنفسهم نتيجة ارتفاع إنتاجية عملهم.

يهتم اقتصاد التعليم بدراسة العائدات الاقتصادية المتمثلة في زيادة الدخل القومي والدخل الفردي والمرتبطة بالتعليم والناتجة عنه. ولما كان كل من الدخلين يتأثر بعوامل أخرى غير التعليم فإن عائدات التعليم تنحصر في ذلك الجزء من الدخل الذي يرجع أصلاً إلى تأثير التعليم والتدريب فقط. ويقترح العلماء طرائق مختلفة لتحديد هذا الجزء، مثل طريقة الارتباط بين مدخلات نظام التعليم، وخاصة تكاليف التعليم، والدخل القومي أو الفردي الناتج عن ذلك، أو طريقة البواقي التي تقوم على تحديد إسهام كل من عوامل الإنتاج الأساسية في الناتج وترجع الباقي إلى التعليم. يضاف إلى ذلك أن هناك طريقة مباشرة توازن بين تكاليف تعليم فرد واحد أو مجموعة من الأفراد، والدخل الذي يحصل عليه أو يحصلون عليه جراء هذا التعليم.

ولا يجوز خارج دائرة هذه الحسابات، إهمال أثر التعليم في رفع المستوى الثقافي وزيادة الخبرة وتوسيع أفق المتعلمين، مما يؤدي إلى تحسين فرص الرخاء ورفع مستوى المعيشة وتخفيض معدلات الجريمة، وكذلك رفع مستوى الانضباط والتقيد بسيادة القانون وتنمية حس الانتماء الوطني والقومي والإنساني.

غير أن اقتصاد التعليم يولي اهتماماً أكبر للعلاقة بين تكاليف التعليم ومردوده. وكل الأبحاث، على اختلاف النتائج التي تتوصل إليها، تؤكد أن للإنفاق على التعليم مردوداً عالياً ولقد أكدت دراسة ستروميلن أن تكاليف التعليم في الاتحاد السوفييتي السابق تسترد في غضون السنوات السبع الأولى من عمل العمال المؤهلين بسبب زيادة إنتاجيتهم ودخلهم الفردي، وتبقى أجور سنوات الخدمة الثلاثين التالية ربحاً صافياً. كما توصل كل من والش Walsh وبساكاروبولس Psacharopoulus وودهول Woodhall إلى نتائج مماثلة حول درجة الارتباط العالية بين مستوى التعليم والدخل الفردي. وتنشر منظمة اليونيسكو دراسات كثيرة حول المضمون نفسه. وتقدم هذه الدراسات نتائج مهمة في مجال الموازنة بين نتائج الاستثمار في كل من رأس المال البشري ورأس المال المادي وترتيب الأولويات بين فروع التعليم المختلفة ومراحله بحسب عائداتها الاقتصادية والاجتماعية.