PDA

View Full Version : التعليم والنمو الاقتصادي



mohammedbash
09-13-2017, 23:23
التعليم والنمو الاقتصادي

بدأ الاهتمام بدراسة العلاقة بين التعليم والنمو الاقتصادي بعد الحرب العالمية الثانية، وخاصة بعد أن اتضح عدم إمكانية رد كامل الناتج إلى عوامل الإنتاج المادية من عمل ورأس مال، بحسب النماذج الاقتصادية الرياضية، فعُدَّ التعليم من بين العوامل الأخرى التي تسهم في النمو وأدمجت كلها تحت اسم العامل المتبقي residual factor. واتجهت معظم الدراسات إلى تحري تأثير التعليم في تحقيق الزيادة في الناتج القومي مستخدمة في ذلك أساليب المعالجة الإحصائية مثل حساب الارتباط بين زيادة الإنفاق على التعليم أو زيادة عدد سنوات الدراسة، أو حصول القوى العاملة على تعليم إضافي أو تحسين المستوى التعليمي للعمال من جهة، وزيادة إنتاجية العاملين المتعلمين من جهة أخرى. كما استخدمت أساليب التحليل العاملي Factorial للتوصل إلى حساب دور كل من عوامل الإنتاج، إضافة إلى حساب دور المستوى التقني للآلات وأداء العمال ومهاراتهم ومستوى تعليمهم أو تدريبهم في توليد الدخل وتحقيق النمو. وقد توصلت معظم الدراسات إلى إثبات إسهام التعليم في النمو الاقتصادي إلا أن الشكوك بقيت قائمة حول دقة نتائج هذه الدراسات.

وتبين من الدراسة التي أجراها دنيسون للنمو الاقتصادي في الولايات المتحدة الأمريكية في السنوات 1909 - 1929 و1929 - 1957 أن نحو 10% من النمو الاقتصادي في المدة بين 1909و1929 يرجع إلى تحسن مستوى التعليم سواء في زيادة عدد سنوات الدراسة أو زيادة أيام الدراسة، وأن نحو 21% من النمو الحاصل في المدة من 1929 إلى 1957 يرجع إلى تأثير التعليم أيضاً. كما قام دنيسون أيضاً بدراسة دور التعليم في زيادة النمو في أوربة في السنوات 1950 - 1962، وتوصل إلى إرجاع 5% إلى 15% من النمو إلى تأثير التعليم. في حين أرجعت دراسة قام بها شولتز 20% من النمو الاقتصادي الحاصل في المدة من 1929 إلى 1957 في الولايات المتحدة الأمريكية إلى تحسن مستوى التعليم. وهناك دراسات متعددة توصلت إلى نتائج مشابهة، ولكن ثمة دراسات أجريت على البلدان النامية توصلت إلى أن دور التعليم في النمو الاقتصادي كان ثانوياً، واتجهت بعض الكتابات والدراسات إلى نفي أي دور للتعليم في التنمية الاقتصادية، وعلى العكس من ذلك فقد وجدت بعض الدراسات أن الإنفاق الكثيف على التعليم قد يسهم في الإبقاء على التخلف الاقتصادي والاجتماعي، وهي ترد ذلك الخطأ الذي تقع فيه نظم التعليم عندما تتوسع في التعليم الثانوي والعالي. فتخرج إلى أسواق العمل أعداداً من القوى العاملة تزيد على حاجة هذه الأسواق من اختصاصات محددة أو من الاختصاصات التي لاتتلاءم مع حاجات الاقتصاد أصلاً.

ولكن قناعات الاقتصاديين وعلماء التربية المهتمين بهذا الموضوع بقيت راسخة بأن التعليم يسهم في النمو الاقتصادي وبأن تأثيره يزداد بزيادة مواءمته لحاجات الاقتصاد من مخرجات النظام التعليمي من متخرجين ومتدربين وأطر وكفايات. إضافة إلى التركيز على تقصي تأثير التعليم في المظاهر النوعية للتنمية الاقتصادية وخاصة في المجالات الصحية والثقافية والسكانية إلى جانب الآثار الاقتصادية وضرورة الأخذ بنظم الأولويات في تخطيط التعليم لتعطي الأولوية الأولى للتعليم الابتدائي بسبب ارتفاع عائداته الاقتصادية والاجتماعية.