PDA

View Full Version : اقتصاد السوق في عصر العولمة



mohammedbash
09-15-2017, 23:44
اقتصاد السوق في عصر العولمة

يتضمن مفهوم اقتصاد السوق مجموعة من المتناقضات في ظل هيمنة رأس المال على تنظيم العملية الاقتصادية والغزو الحالي للاحتكارات الرأسمالية الدولية التي تطلق العنان لقوى السوق، وكذلك تفاقم نمط توزيع الدخول بين الشرائح الاجتماعية المختلفة في المجتمع الواحد أو بين المجتمعات المتقدمة والنامية، وتنامي ظاهرة البطالة. وبذلك تزداد الهوة بين رأس المال والعمل، عبر تآكل الطبقات المتوسطة وتراجع أنظمة التأمينات الاجتماعية واتساع دائرة الفقر وانعدام المساواة في المستويات المعيشية للأفراد وسوء استخدام الموارد الإنتاجية، نتيجة توجه الاقتصاد الرأسمالي نحو إنتاج سلع غير مفيدة اجتماعياً، لكنها مربحة مادياً. فالهدف النهائي لأصحاب رؤوس الأموال الذين يسيطرون على السوق هو تحقيق الزيادة في الطلب على منتجاتهم وتسويقها بدلاً من زيادة القدرة الإنتاجية للمجتمع. وقد أدى بروز ظاهرة «العولمة» Globalization إلى تقويض الحدود السياسية والاقتصادية والثقافية بين الدول، بما في ذلك تحرير المبادلات التجارية وانفتاح الأسواق على بعضها. أي إعادة التأكيد على الدور الذي يلعبه اقتصاد السوق على المستوى العالمي. وهذا ما يكرس سيطرة الشركات العالمية على السوق، والتي تتبع بغالبيتها للدول الصناعية المتقدمة. هذه الدول التي تشكل الفاعل الرئيسي في النظام الاقتصادي الدولي، اعتادت على تطبيق معايير مزدوجة، عبر مطالبة الدول النامية بتحرير تجارتها واعتماد اقتصاد السوق، بينما تتمسك من ناحيتها بسياسات الدعم والحماية وإغلاق أسواقها أمام المنافسين، وتكوين التكتلات التجارية. فهي تنادي بتحرير التجارة عندما تقتضي مصالحها التجارية الوطنية ذلك، ولكن عندما تتعارض مبادئ اقتصاد السوق مع مصالحها، فإنها تتجه نحو إقرار قيود تجارية لحماية صناعتها الوطنية. فالدول الصناعية الكبرى ليست معنية بفتح الأسواق، إلاّ لصالح صناعاتها وشـركاتها المتعددة الجنسيات. إن انفتاح الأسواق مع انعدام التكافؤ في القدرات التنافسية للدول، يؤدي حتماً إلى دعم الأقوياء وإضعاف الضعفاء. فالدول النامية تنتج غالباً مالا تستهلك، وتستهلك مالا تنتج، وفتح أسواقها في ظل هذه الظروف سيؤدي على الغالب إلى فشل التنمية الاقتصادية لديها واستمرارها في إنتاج سلع أولية مهيأة للتصدير للدول المتقدمة، بينما لا تستطيع الصناعات لدى الدول النامية مجاراة التطور التقني لدى الدول الصناعية. ومن هنا تبرز تداعيات اقتصاد السوق في عصر العولمة