PDA

View Full Version : كيف تصبح متداول ناجح في سوق الفوركس؟(الجزء الأول)



yanic00
10-17-2017, 02:17
في هذه المقالة (التي تنقسم إلى جزأين) سوف نلقي نظرة فاحصة على كل ما يؤدي إلى صناعة المتداول الناجح في سوق الفوركس. فأنا أتناول فيها مسألة تحمل مسئولية تصرفات المرء وانفعالاته في السوق، وبما فيها قضية التمسك بقواعد تداولك الخاصة.

لقد اكتسب المتداولون الناجحون بعض المهارات والعادات التي عدلوها وضبطوها بدقة مع تفاعلهم في البيئة الفريدة للسوق. كما أن الوراثة لها دور هام في هذه المسألة، فعلى سبيل المثال فإن مهارات التفكير المكاني هي ميزة إضافية، ولكن هذا لا يعني أن الشخص الذي يفتقر إلى المهارات المكانية الجيدة لا يمكن أن يصبح متداولا ناجحا، لأن ما يميز حقا بين الناجحين والفاشلين هو القدرة على تحمل مسئولية كل تصرف من تصرفاتنا وامتلاك القدرة على التعرف على الانفعالات وتقبلها والسيطرة عليها، وهذا يلزمه التدريب وبالأخص التدريب الذهني، وذلك لأن التداول هو أمر يغلب عليه النشاط الذهني أكثر من البدني. تختلف الآراء بنسبة (70% -90%) ولكن أهمية وجهة النظر الصحيحة والإيمان بالنجاح وإحكام السيطرة على العواطف والانفعالات هو أمر له أهميته البالغة.

ولهذا فإن المتداول الناجح يعتمد أولا وقبل كل شيء على تحمل مسئولية كل تصرف يقوم به أو قرار يتخذه أو انفعال يصدر عنه في السوق.

تكرار السلوك يمكن أن يدفع إلى النجاح أو الفشل
حينما نقوم بتكرار سلوك معين مرارا وتكرارا، فإن المسار العصبي يصبح راسخا في الذاكرة، وفي النهاية يصبح هذا السلوك تلقائيا وبالتالي فنحن لا نحتاج إلى استخدام مساحة كبيرة من عقلنا الواعي للقيام بالأمر، خذ عنك على سبيل المثال لا الحصر مثال تعلم قيادة السيارة، فعندما نبدأ في تعلم القيادة، نضطر إلى التركيز في كل خطوة نقوم بها من استخدام: لدواسة تعشيق التروس أو دواسة الوقود أو نقل الغيار، لكن حينما نصبح محترفين، نستطيع القيام بكل تلك المهام بشكل تلقائي.
لكن العواطف والانفعالات تدفع السلوك وتوجهه، فالسائق الغاضب يعد خطرا على الطريق، وقد يتسبب المتداول الغاضب في كثير من الأضرار – إلا أنها لا تصيب سواه، وهذا الاختلاف وحده يؤكد على تفرد الطبيعة الخاصة للتفاعل مع السوق التي هي من جانب واحد فقط.
وبطبيعة الحال يمكن النظر للسلوكيات على أنها جيدة أو سيئة، مفيدة أو غير مفيدة، لقد برمج المتداولون الناجحون أدمغتهم على تنفيذ صفقاتهم بشكل تلقائي وثابت، دون تردد أو تأثير للانفعالات المدمرة، ولقد تمكنوا من فعل ذلك عن طريق تعلم تلك السلوكيات وتكرارها، وبدافع من السلوكيات الإيجابية، التي تساعدهم في الوصول لأهدافهم من ربح للمال. وبالاستمرار في القيام بذلك، فإن تلك السلوكيات التي تعمل في غير صالحهم تتعطل وتتلاشى من خلال التوقف عن ممارستها.
يصعب التراجع كثيرا عن العادات السيئة ويستغرق الأمر فترة أطول حتى يتم استبدالها بعادات أخرى جيدة عما إذا كنت قد تعلمتها من البداية. فعلى سبيل المثال، فإن الشخص الذي علم نفسه لعبة "الغولف" سوف يضطر إلى إلغاء الكثير من الضربات الخاطئة التي تعلمها قبل أن يتمكن من إعادة برمجة دماغه على الضربات الصحيحة، ومع ذلك فإن لاعب "الغولف" المبتدأ ليس مضطرا إلى المعاناة من ذلك الإجراء المستفز إذا كان ما تعلمه من البداية يسوقه إلى طريق النجاح، وهذه المبادئ تنطبق بالطبع على التداول بنفس القدر الذي تنطبق فيه على أي عملية تعلم أخرى.

السوق لا يبالي سواء ربحت أم خسرت
سرعان ما يدرك المتداول – وعادة على حساب الضرر الذي يصيبه – أن السوق هو بيئة ليس لها مثيل. لأنه يتطلب منا الالتزام الصارم بسلوكيات وانفعالات معينة أكثر مما هو مطلوب منا في الحياة اليومية العادية، يفشل معظم المتداولين في هذه المهمة البسيطة الخادعة وبالتالي يفشلون في السوق، فالسوق على خلاف ما نعرفه عن حياتنا اليومية، حيث كل شيء ينفذ حسب القواعد، قواعد الأشخاص الأخرين، فعلى سبيل المثال فهناك قواعد للقيادة وقواعد لركن السيارات. نذهب إلى المدرسة فإذا ذاكرنا جيدا، فإننا نجتاز الفصل الدراسي. هناك قواعد بشأن كيفية التواصل مع الأخرين، فنحن نتفاوض ونصل لحلول وسط أو نطرد إذا لم نتمكن من ذلك.
ولكن في السوق، بإمكان المتداول أن يصيح ويصرخ أمام شاشة الرسوم البيانية دون أدنى تأثير على الإطلاق، فالمتداول باستطاعته أن يبكي ويتوسل ويدعو ويرجو ولكن الرسوم البيانية تظل على حالها الذي لا يتغير يوما بعد يوم، فإن لم يكن بحوزتنا من الأموال الطائلة الكثير والكثير، فليس بوسعنا فعل أي شيء للتأثير على الترند أو الاتجاه، فالقوة الوحيدة التي لدينا هي كيفية اختيار نمط تفاعلنا مع نماذج حركة السعر التي نراها تتكشف أمامنا، فباستطاعتنا أن نقرر إذا ما كنا نريد أن نتداول في اتجاه الترند أو عكسه، أين نقوم بدخول الصفقة وأين نخرج منها، ومتى نوقف نزيف الخسارة حتى ننتقل إلى البحث عن فرصة أخرى أفضل منها.
فهذه الدرجة من الحرية بلا حدود، وهذه الحرية هي التي جذبت الكثير جدا من المتداولين إلى طاولة التداول في المقام الأول، وكل ما يحتاجون إليه كما يعتقدون هو حاسب شخصي ووصلة انترنت و"سوف أصبح من الأثرياء في غمضة عين" ففي النهاية ليس هناك سوى ثلاث إحتمالات، الربح أو الخسارة أو التعادل، وبالتالي فالأمر ليس بتلك الصعوبة، صحيح؟ ولكن أي متداول سوف يخبرك بأن التداول ليس بهذه السهولة على الإطلاق، فالقدرة على الصمود في بيئة بلا قواعد، حيث القرار قرارك مائة بالمائة، وحيث يتم ربح مبالغ طائلة من المال وكذلك خسارتها في ثواني معدودة، وحيث كل متداول قد خرج ليفوز بجزء من الكعكة على حساب غيره، فهو تحدى هائل وليس فيه مكان لضعاف القلوب من المتداولين.

لكي تنجح في التداول ينبغي أن تتحمل المسئولية
هناك قاسم مشترك بين النجاح في التداول وبين النجاح في جميع مجالات الحياة وهو مكون هام، فربما نكون غير مخيرين فيما تفرضه علينا الحياة ولكننا قادرون على اختيار كيفية التعامل والسيطرة على تصرفاتنا وانفعالاتنا، والسوق بلا عواطف على الإطلاق إلا أن البشر ليسوا كذلك، فالانفعالات التي تصعب حياتنا اليومية سوف تقضي عليك تماما في السوق، وسواء كانت الإثارة أم التوقع أم المخاطرة أم البحث عن التشويق أم الذعر أم الخوف أم توقع ثروة لا حدود لها فإن سحابة العواطف والانفعالات هذه تصيبك بالحيرة فإن لم تسيطر عليها، في النهاية تؤدي إلى انهيارك كمتداول، ففي الحياة اليومية قد نفلت من العواقب ولكن الأمر يختلف في السوق.
إن مهارات ضبط النفس والصبر من الأمور الضرورية على الرغم من سهولتها إلا أنه من الصعب تحقيقها باستمرار، وعلى نطاق واسع لأن تعلم وإدارة هذه المهارات لم نتعلمها في طفولتنا، فلقد كنا منضبطين في صغرنا، وكنا نأمر بما نفعل ومتى نفعل وكيف نفعل كذلك، ولكن كم واحد منا خرج من بيت عائلته ولديه القدرة على ضبط الذات؟ كم واحد منا ما زال في حاجة إلى الأوامر من الأخرين حتى يشعر بالأمان، ألا نثق في أنفسنا؟ وفي صبرنا؟ فحينما كنا صغارا كم رغبنا في أن نكبر بأسرع ما يمكن حتى لا نضطر إلى تلقي الأوامر من الأخرين، وكنا نعتقد أننا بإمكاننا أن نقوم بالأمر بأفضل من هؤلاء الذين كانوا يهتمون بأمرنا (أو الذين لم يكونوا يعيروننا أي اهتمام)، فكوننا صغار يعني أننا بلا حول ولا قوة ولذلك كم تمنينا الحرية. التسرع، إن التسرع في أولى سنوات حياتنا حينما كان أبوانا ما يزالان هم أنفسهم صغارا، ويستعجلان في حياتهما الخاصة هم أنفسهم. في عالم حيث اللذة والمتعة العاجلة أمر هام وينظر للصبر على أنه أمر غير ضروري طالما كان باستطاعتنا أن نحصل على كل ما نريد اليوم، وتعلم التعامل مع حريتنا الشخصية بطريقة ناضجة عاطفيا يحدث فقط مع فئة قليلة من الناس.
ومرة أخرى، فإن التداول الناجح يرتبط بتحمل المسئولية إزاء كل سلوك وكل تعبير عن انفعال سلبي أو إيجابي في السوق، فلن تجد أحد المتداولين الناجحين يلوم شخصا أو شيئا ما أخر على خسارة الصفقة، فالاختيار لنا – إما أن نقوم بتنمية وتطوير الأشياء التي تجعلنا ناجحين أم لا.
هل تعتقد أن "وارن بافت" وجد خطأ في ظروف السوق أو في نوبة الصداع التي أصابته أو أن الحظ لم يحالفه حينما خسر؟ كلا، فهو والمتداولين الكبار الأخرين سوف يسألون أنفسهم "هل اتبعت قواعدي الشخصية؟" فإن قالوا نعم، إذن فسوف يقبلون الخسارة ويدركون أن الصفقة الخاسرة ليست فشلا شخصيا، فهي مجرد خسارة عادية، وهي جزء من هذا النشاط والعمل، وهي جزء من أي عمل من الأعمال، وهي ليست انعكاسا لما لتقديرك الذاتي أو إساءة التقدير، فالتداول يهتم بربح المال، وليس بأن تكون صائبا في قراراتك طوال الوقت، ولكن إذا كانت إجابة السؤال "هل اتبع قواعدي الشخصية؟" هي كلا، إذا فإن فرصة التعلم تطل برأسها، لماذا لم اتبع قواعدي الشخصية؟ كيف أتمكن من تجنب حدوث هذا الأمر مرة أخرى؟ لاحظ أن هذه الأسئلة جميعا بصيغة المتكلم : أنا أنا أنا. وهذا هو تحمل كامل المسئولية.