mohamed oukhiti
11-12-2013, 15:01
يشير تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي" الصادر عن صندوق النقد الدولي إلى أن معدل النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تضم الدول العربية من المتوقع بلوغه نحو 3.4% في عام 2013 مقارنة بمعدل متوقع أن يكون قد بلغ 5.2% في عام 2012. وهنا نتعامل مع الدول العربية كما هو معتاد على أساس تقسيمها لمجموعتين مجموعة تضم بلدان المنطقة المصدرة للنفط ومجموعة أخرى تضم تلك البلدان المستوردة له.
ووفقا لهذا التقسيم يتوقع تقرير صندوق النقد الدولي أن يبلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي نحو 4% تقريبا خلال عام 2013 في البلدان المصدرة للنفط في المنطقة (بلدان مجلس التعاون الخليجي الستة بالإضافة إلى العراق وليببا والجزائر واليمن)، بعد أن كان معدل النمو قد سجل حوالي 6.5% في العام الماضي، وهو ما كان يعود بشكل رئيس إلى عودة ليبيا إلى مستويات لإنتاج النفط تقترب من مستويات ما قبل عام 2011. حيث ارتفع إجمالي الناتج المحلي في ليبيا بمستوى قياسي بلغ 122% في عام 2012 بعد انخفاضه بنسبة 60%.
تقريبا خلال عام 2011، وكغيرها من دول الربيع العربي يقول تقرير صندوق النقد الدولي إنه "على الرغم من أن الوضع الاقتصادي يبقى رهنا بتحسن الأوضاع الأمنية، فمن المتوقع أيضا استمرار نمو النشاط الاقتصادي في ليبيا بمعدلات قوية تصل إلى 17% تقريبا خلال عام 2013".
وعلى الرغم من استمرار معدل النمو قويا نسبيا في بلدان مجلس التعاون الخليجي فمن المتوقع انخفاضه إلى 3.75% خلال عام 2013 وهو ما يعزى بشكل أساس إلى انكماش إنتاج النفط. ويتوقع صندوق النقد الدولي على جانب معدلات التضخم أن تظل هذه المعدلات عند مستوى يقل عن 4% في دول مجلس التعاون الخليجي.
وبالطبع ما يزال أهم خطر يواجه البلدان المصدرة للنفط هو في كونها عرضة إلى حد كبير للصدمات الخارجية الناجمة عن تقلب أسعار النفط. ولا تزال الصدمة التي يمكن أن تنجم عن الأوضاع الاقتصادية في منطقة اليورو خلال عام 2013 تشكل -كما يقول تقرير صندوق النقد الدولي- مكمن القلق الرئيس، وتشير تحليلات خبراء الصندوق إلى أن أثر الصدمة المترتب على انخفاض إجمالي الناتج المحلي لمنطقة اليورو بمقدار 1% سيؤدي إلى انخفاض إجمالي الناتج المحلي لبلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المصدرة للنفط بمقدار 0.3% تقريبا خلال العام الأول. والعكس بالعكس، فكما يعلق التقرير، فإن تحسن آفاق النمو العالمي له آثار مهمة على الطلب على النفط، وبالتالي على الأداء الاقتصادي للبلدان المصدرة للنفط خاصة بلدان مجلس التعاون الخليجي، فأي زيادة في الناتج في دول المجلس تكون ناتجة في الغالب عن ارتفاع أسعار النفط، وتتزامن هذه الزيادة مع زيادة الناتج في الاقتصادات المتقدمة وبلدان آسيا الصاعدة، والتي تنعكس في شكل طفرة في أسعار النفط.
أوضاع سوق النفط العالمي المتوقعة وتأثيرها على الدول العربية المصدرة له
والواقع أن تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي" وغيره من التقارير تتناول هذه القضية الشديدة الحساسية بالنسبة لبلدان المنطقة -أي تأثير النشاط الاقتصادي العالمي وخاصة في الدول المتقدمة والصاعدة الأكثر استهلاكا للمواد الهيدروكربونية على مستوى الطلب على النفط وبالتالي على مستوى أسعاره- من منظور ضيق لا يشمل أوضاع سوق النفط العالمي المتوقعة بكافة مكوناتها، أي الإنتاج، والاستهلاك، والصادرات، والواردات، وحركة المخزون... إلخ. ونحاول هنا استكمال هذا النقص بعرض لما هو متوقع من موازين عرض وطلب على النفط خلال العام 2013 وحركة المخزون وآثارها المحتملة على أسعار النفط، وبالتالي على مستوى العائدات في الدول المنتجة والمصدرة في المنطقة.
وهنا يشير التقرير الشهري عن سوق النفط الصادر عن منظمة الأوبك في شهر يناير/كانون الثاني 2013 (4) بعد مراجعته لمعدلات النمو الاقتصادي في العالم والتي تعد بشكل عام في ذات النطاق المعروض في تقريري صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إلى أنه من المتوقع أن يظل نمو الطلب العالمي على النفط في عام 2013 بدون تغيير عن مستوى النمو الذي حدث في عام 2012، أي بزيادة في هذا الطلب تبلغ 800 ألف برميل يوميا. ويتوقع تقرير الأوبك أن يكون أثر التقلبات الاقتصادية في الطلب على النفط خلال العام الراهن معتدلة إلى حد كبير مقارنة بالعام الماضي. ويتوقع أن يستمر تقلص طلب دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية oecd هذا العام بمقدار 200 ألف برميل يوميا، على الرغم من أنه يبلغ نصف مستوى الانخفاض الذي شهده طلب هذه البلدان في العام الماضي. بينما يتوقع أن يرتفع طلب البلدان غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بمقدار مليون برميل يوميا فوق مستوى طلبها بالعام الماضي.
وقدرت منظمة الأوبك أن عرض النفط من البلدان المنتجة خارجها قد ارتفع بمقدار نصف مليون برميل يوميا خلال عام 2012، بينما تتوقع أن يزيد عرض هذه البلدان خلال عام 2013 بمقدار 900 ألف برميل يوميا. وسوف تأتي معظم الزيادة في العرض من الولايات المتحدة الأميركية وكندا وجنوب السودان والسودان والبرازيل وأستراليا، بينما سينخفض العرض الذي ستقدمه كل من النرويج والمكسيك وسوريا والمملكة المتحدة. ويشير التقرير إلى أن إنتاج منظمة الأوبك وفقا لمصادر ثانوية قد بلغ 30.37 مليون برميل يوميا في شهر ديسمبر/كانون الأول 2012، وهو ما يقل بنحو 465 ألف برميل يوميا مقارنة بشهر نوفمبر/تشرين الأول 2012.
ويشير التقرير إلى أن الطلب على نفط المنظمة خلال عام 2012 قد شهد مراجعة هامشية فقط مقارنة بالتقدير السابق حيث بلغ 30.1 مليون برميل يوميا وهو ما يشير إلى انخفاض يبلغ 200 ألف برميل يوميا مقارنة بعام 2011. ويشير التقرير إلى أن الطلب على نفط المنظمة خلال عام 2013 من المتوقع أن يبلغ 29.6 مليون برميل يوميا، وهو ما يقل بنحو 400 ألف برميل يوميا مقارنة بالعام المنصرم.
والواقع أن تقرير منظمة الأوبك لم يشر بالطبع إلى كيفية الاتفاق على خفض حصة إنتاج المنظمة للحيلولة دون انخفاض الأسعار في العام الحالي، كما أن التقرير لم يتعرض بالطبع لقضية بالغة الخطورة تتمثل في تسارع معدلات الإنتاج والصادرات العراقية حيث يطمح العراق إلى زيادة صادراته بنحو نصف مليون برميل إضافية خلال العام الحالي، وهو ما سوف يشكل ضغطا أيضا على أسعار النفط في اتجاه الانخفاض.
إضافة إلى ذلك كله فمن المهم الإشارة إلى الدور الذي تلعبه المخزونات من النفط الخام والمنتجات لدى الدول المستهلكة الرئيسية في التأثير على حركة الطلب على النفط وعلى مستوى الأسعار. وهنا ينبغي أن نشير بداية إلى ضرورة التمييز عمليا بين نوعين من المخزون (5):
المخزون التجاري، وهو المخزون الذي تحتفظ به كل من الشركات والمصافي بغرض تأمين استخدامها لفترة زمنية قادمة. وهذا المخزون كان عرضة للتذبذب الحاد دائما، وذلك بناء على التطورات المختلفة التي يشهدها السوق سواء من حيث الأساسيات (تطورات العرض والطلب والأسعار)، أو في حالة توقع تطورات غير طبيعية تؤثر على السوق بخلاف الأساسيات (مثل الحروب الأهلية والثورات والاضطرابات السياسية داخل الدول المنتجة وبينها وبين غيرها من الدول المحيطة بها ...إلخ). وعلى الرغم من بعض التذبذب في كميات هذا المخزون التجاري، إلا أنه يعد بشكل عام مرتفعا، حيث ذكر تقرير الأوبك السالف الإشارة إليه أنه على الرغم من أن المخزون التجاري لدى بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قد شهد انخفاضا موسميا بمقدار 15.3 مليون برميل فإن المخزن ظل يزيد بمقدار 16 مليون برميل عن المتوسط خلال خمسة أعوام، مع اختلاف فقط في مكونات هذا المخزون حيث ارتفع المخزون من النفط الخام بمقدار 51 مليون برميل بينما تم سحب 29 مليون برميل من مخزون المنتجات. وفيما يتعلق بتغطية هذا المخزون للاستهلاك فإنه يبلغ 58 يوم استهلاك في شهر نوفمبر/تشرين الثاني، وهو ما يعني تسجيل زيادة قدرها يومي استهلاك مقارنة بمتوسط خمسة أعوام. والأكثر أهمية في هذا السياق الذي لم يذكره التقرير أن هذا المستوى يعد مرتفعا نسبيا مقارنة بالمعدل المعقول من وجهة نظر الأوبك لمستوى المخزون حيث ترى المنظمة أن مخزون بحد أقصى يبلغ 52 يوما هو معدل المخزون المناسب.
علاوة على هذا فإن تقرير المنظمة كان يقف عند إحصاءات تتعلق بشهري نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول، بينما تشير تقارير أسبوعية تصدرها الولايات المتحدة الأميركية (6) أكبر مستهلك وأكبر مستورد عالمي للنفط إلى أن مستوى مخزون النفط الخام لديها (المخزون التجاري والمخزون الإستراتيجي) قد بلغ 1058.4 مليون برميل في 18 يناير/كانون الثاني الحالي، وهو من أعلى مستويات المخزون تاريخيا، حيث يغطي أكثر من 60 يوم استهلاك وفقا لمستوى الاستهلاك الراهن، أي أنه يزيد بمقدار ثمانية أيام عن المستوى الذي تراه منظمة الأوبك مستوى مناسبا. ومن المهم الإشارة هنا إلى أنه كلما ارتفع مستوى هذا المخزون يميل الطلب على واردات النفط للانخفاض بتأثير انخفاض الطلب لتكوين المخزون ذاته، ونلاحظ هنا الانخفاض الكبير في الواردات الأميركية بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا خلال فترة الأربعة أسابيع الواقعة بين منتصف شهر ديسمبر/كانون الأول 2012 ومنتصف شهر يناير/كانون الثاني 2013، وذلك مقارنة بنفس الفترة خلال العام السابق.
---------- Post added at 01:01 PM ---------- Previous post was at 12:58 PM ----------
راجع حول أهمية المخزون في معالجة سابقة لنفس الموضوع قام بها الكاتب في: مجدي صبحي، ما هو اتجاه الأوبك في اجتماعها القادم؟! أهمية الاتجاهات الطويلة المدى في اتخاذ القرارات، مجلة عالم الاستثمار، دبي، دولة الإمارات العربية المتحدة،
ووفقا لهذا التقسيم يتوقع تقرير صندوق النقد الدولي أن يبلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي نحو 4% تقريبا خلال عام 2013 في البلدان المصدرة للنفط في المنطقة (بلدان مجلس التعاون الخليجي الستة بالإضافة إلى العراق وليببا والجزائر واليمن)، بعد أن كان معدل النمو قد سجل حوالي 6.5% في العام الماضي، وهو ما كان يعود بشكل رئيس إلى عودة ليبيا إلى مستويات لإنتاج النفط تقترب من مستويات ما قبل عام 2011. حيث ارتفع إجمالي الناتج المحلي في ليبيا بمستوى قياسي بلغ 122% في عام 2012 بعد انخفاضه بنسبة 60%.
تقريبا خلال عام 2011، وكغيرها من دول الربيع العربي يقول تقرير صندوق النقد الدولي إنه "على الرغم من أن الوضع الاقتصادي يبقى رهنا بتحسن الأوضاع الأمنية، فمن المتوقع أيضا استمرار نمو النشاط الاقتصادي في ليبيا بمعدلات قوية تصل إلى 17% تقريبا خلال عام 2013".
وعلى الرغم من استمرار معدل النمو قويا نسبيا في بلدان مجلس التعاون الخليجي فمن المتوقع انخفاضه إلى 3.75% خلال عام 2013 وهو ما يعزى بشكل أساس إلى انكماش إنتاج النفط. ويتوقع صندوق النقد الدولي على جانب معدلات التضخم أن تظل هذه المعدلات عند مستوى يقل عن 4% في دول مجلس التعاون الخليجي.
وبالطبع ما يزال أهم خطر يواجه البلدان المصدرة للنفط هو في كونها عرضة إلى حد كبير للصدمات الخارجية الناجمة عن تقلب أسعار النفط. ولا تزال الصدمة التي يمكن أن تنجم عن الأوضاع الاقتصادية في منطقة اليورو خلال عام 2013 تشكل -كما يقول تقرير صندوق النقد الدولي- مكمن القلق الرئيس، وتشير تحليلات خبراء الصندوق إلى أن أثر الصدمة المترتب على انخفاض إجمالي الناتج المحلي لمنطقة اليورو بمقدار 1% سيؤدي إلى انخفاض إجمالي الناتج المحلي لبلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المصدرة للنفط بمقدار 0.3% تقريبا خلال العام الأول. والعكس بالعكس، فكما يعلق التقرير، فإن تحسن آفاق النمو العالمي له آثار مهمة على الطلب على النفط، وبالتالي على الأداء الاقتصادي للبلدان المصدرة للنفط خاصة بلدان مجلس التعاون الخليجي، فأي زيادة في الناتج في دول المجلس تكون ناتجة في الغالب عن ارتفاع أسعار النفط، وتتزامن هذه الزيادة مع زيادة الناتج في الاقتصادات المتقدمة وبلدان آسيا الصاعدة، والتي تنعكس في شكل طفرة في أسعار النفط.
أوضاع سوق النفط العالمي المتوقعة وتأثيرها على الدول العربية المصدرة له
والواقع أن تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي" وغيره من التقارير تتناول هذه القضية الشديدة الحساسية بالنسبة لبلدان المنطقة -أي تأثير النشاط الاقتصادي العالمي وخاصة في الدول المتقدمة والصاعدة الأكثر استهلاكا للمواد الهيدروكربونية على مستوى الطلب على النفط وبالتالي على مستوى أسعاره- من منظور ضيق لا يشمل أوضاع سوق النفط العالمي المتوقعة بكافة مكوناتها، أي الإنتاج، والاستهلاك، والصادرات، والواردات، وحركة المخزون... إلخ. ونحاول هنا استكمال هذا النقص بعرض لما هو متوقع من موازين عرض وطلب على النفط خلال العام 2013 وحركة المخزون وآثارها المحتملة على أسعار النفط، وبالتالي على مستوى العائدات في الدول المنتجة والمصدرة في المنطقة.
وهنا يشير التقرير الشهري عن سوق النفط الصادر عن منظمة الأوبك في شهر يناير/كانون الثاني 2013 (4) بعد مراجعته لمعدلات النمو الاقتصادي في العالم والتي تعد بشكل عام في ذات النطاق المعروض في تقريري صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إلى أنه من المتوقع أن يظل نمو الطلب العالمي على النفط في عام 2013 بدون تغيير عن مستوى النمو الذي حدث في عام 2012، أي بزيادة في هذا الطلب تبلغ 800 ألف برميل يوميا. ويتوقع تقرير الأوبك أن يكون أثر التقلبات الاقتصادية في الطلب على النفط خلال العام الراهن معتدلة إلى حد كبير مقارنة بالعام الماضي. ويتوقع أن يستمر تقلص طلب دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية oecd هذا العام بمقدار 200 ألف برميل يوميا، على الرغم من أنه يبلغ نصف مستوى الانخفاض الذي شهده طلب هذه البلدان في العام الماضي. بينما يتوقع أن يرتفع طلب البلدان غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بمقدار مليون برميل يوميا فوق مستوى طلبها بالعام الماضي.
وقدرت منظمة الأوبك أن عرض النفط من البلدان المنتجة خارجها قد ارتفع بمقدار نصف مليون برميل يوميا خلال عام 2012، بينما تتوقع أن يزيد عرض هذه البلدان خلال عام 2013 بمقدار 900 ألف برميل يوميا. وسوف تأتي معظم الزيادة في العرض من الولايات المتحدة الأميركية وكندا وجنوب السودان والسودان والبرازيل وأستراليا، بينما سينخفض العرض الذي ستقدمه كل من النرويج والمكسيك وسوريا والمملكة المتحدة. ويشير التقرير إلى أن إنتاج منظمة الأوبك وفقا لمصادر ثانوية قد بلغ 30.37 مليون برميل يوميا في شهر ديسمبر/كانون الأول 2012، وهو ما يقل بنحو 465 ألف برميل يوميا مقارنة بشهر نوفمبر/تشرين الأول 2012.
ويشير التقرير إلى أن الطلب على نفط المنظمة خلال عام 2012 قد شهد مراجعة هامشية فقط مقارنة بالتقدير السابق حيث بلغ 30.1 مليون برميل يوميا وهو ما يشير إلى انخفاض يبلغ 200 ألف برميل يوميا مقارنة بعام 2011. ويشير التقرير إلى أن الطلب على نفط المنظمة خلال عام 2013 من المتوقع أن يبلغ 29.6 مليون برميل يوميا، وهو ما يقل بنحو 400 ألف برميل يوميا مقارنة بالعام المنصرم.
والواقع أن تقرير منظمة الأوبك لم يشر بالطبع إلى كيفية الاتفاق على خفض حصة إنتاج المنظمة للحيلولة دون انخفاض الأسعار في العام الحالي، كما أن التقرير لم يتعرض بالطبع لقضية بالغة الخطورة تتمثل في تسارع معدلات الإنتاج والصادرات العراقية حيث يطمح العراق إلى زيادة صادراته بنحو نصف مليون برميل إضافية خلال العام الحالي، وهو ما سوف يشكل ضغطا أيضا على أسعار النفط في اتجاه الانخفاض.
إضافة إلى ذلك كله فمن المهم الإشارة إلى الدور الذي تلعبه المخزونات من النفط الخام والمنتجات لدى الدول المستهلكة الرئيسية في التأثير على حركة الطلب على النفط وعلى مستوى الأسعار. وهنا ينبغي أن نشير بداية إلى ضرورة التمييز عمليا بين نوعين من المخزون (5):
المخزون التجاري، وهو المخزون الذي تحتفظ به كل من الشركات والمصافي بغرض تأمين استخدامها لفترة زمنية قادمة. وهذا المخزون كان عرضة للتذبذب الحاد دائما، وذلك بناء على التطورات المختلفة التي يشهدها السوق سواء من حيث الأساسيات (تطورات العرض والطلب والأسعار)، أو في حالة توقع تطورات غير طبيعية تؤثر على السوق بخلاف الأساسيات (مثل الحروب الأهلية والثورات والاضطرابات السياسية داخل الدول المنتجة وبينها وبين غيرها من الدول المحيطة بها ...إلخ). وعلى الرغم من بعض التذبذب في كميات هذا المخزون التجاري، إلا أنه يعد بشكل عام مرتفعا، حيث ذكر تقرير الأوبك السالف الإشارة إليه أنه على الرغم من أن المخزون التجاري لدى بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قد شهد انخفاضا موسميا بمقدار 15.3 مليون برميل فإن المخزن ظل يزيد بمقدار 16 مليون برميل عن المتوسط خلال خمسة أعوام، مع اختلاف فقط في مكونات هذا المخزون حيث ارتفع المخزون من النفط الخام بمقدار 51 مليون برميل بينما تم سحب 29 مليون برميل من مخزون المنتجات. وفيما يتعلق بتغطية هذا المخزون للاستهلاك فإنه يبلغ 58 يوم استهلاك في شهر نوفمبر/تشرين الثاني، وهو ما يعني تسجيل زيادة قدرها يومي استهلاك مقارنة بمتوسط خمسة أعوام. والأكثر أهمية في هذا السياق الذي لم يذكره التقرير أن هذا المستوى يعد مرتفعا نسبيا مقارنة بالمعدل المعقول من وجهة نظر الأوبك لمستوى المخزون حيث ترى المنظمة أن مخزون بحد أقصى يبلغ 52 يوما هو معدل المخزون المناسب.
علاوة على هذا فإن تقرير المنظمة كان يقف عند إحصاءات تتعلق بشهري نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول، بينما تشير تقارير أسبوعية تصدرها الولايات المتحدة الأميركية (6) أكبر مستهلك وأكبر مستورد عالمي للنفط إلى أن مستوى مخزون النفط الخام لديها (المخزون التجاري والمخزون الإستراتيجي) قد بلغ 1058.4 مليون برميل في 18 يناير/كانون الثاني الحالي، وهو من أعلى مستويات المخزون تاريخيا، حيث يغطي أكثر من 60 يوم استهلاك وفقا لمستوى الاستهلاك الراهن، أي أنه يزيد بمقدار ثمانية أيام عن المستوى الذي تراه منظمة الأوبك مستوى مناسبا. ومن المهم الإشارة هنا إلى أنه كلما ارتفع مستوى هذا المخزون يميل الطلب على واردات النفط للانخفاض بتأثير انخفاض الطلب لتكوين المخزون ذاته، ونلاحظ هنا الانخفاض الكبير في الواردات الأميركية بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا خلال فترة الأربعة أسابيع الواقعة بين منتصف شهر ديسمبر/كانون الأول 2012 ومنتصف شهر يناير/كانون الثاني 2013، وذلك مقارنة بنفس الفترة خلال العام السابق.
---------- Post added at 01:01 PM ---------- Previous post was at 12:58 PM ----------
راجع حول أهمية المخزون في معالجة سابقة لنفس الموضوع قام بها الكاتب في: مجدي صبحي، ما هو اتجاه الأوبك في اجتماعها القادم؟! أهمية الاتجاهات الطويلة المدى في اتخاذ القرارات، مجلة عالم الاستثمار، دبي، دولة الإمارات العربية المتحدة،