PDA

View Full Version : وسطاء العملات الأجنبية وتجارة التجزئة



Ahmed Solimann
10-11-2019, 01:33
شركات الصرافة, والتي تسمي أيضا بوسطاء تبادل العملات الأجنبية أو فقط وسطاء الفوركس, هي شركات توفر التحويلات النقدية بالعملات الدولية للشركات والأفراد. سوق الصرف الأجنبي كبير للغاية حيث تبلغ حجم صفقات الوسطاء به ما يزيد عن 3 تريليون دولار يوميا. في الولايات المتحدة, جرى استبدال مواقع الصرافة التقليدية بالشركات التي تعمل عبر الانترنت مثل ترافيليكس وويلز فارجو. وسطاء العملات الأجنبية يختلفون عن متداولي الفوركس حيث يقوم الوسطاء فعليا بإجراء الصفقات استنادا على التسليم الفعلي للأموال. تتضمن هذه العملات صفقات الفوركس الفورية والتي تقوم بترتيب التسليم المادي خلال يومي عمل أو اقل بينما صفقات الفوركس الآجلة يزيد فيها تاريخ التسليم عن يومين. متداولي الفوركس والذي سيتم التعرض لهم أدناه ينخرطون في تداولات المضاربة بأكثر من التبادل الفعلي للعملات.

يتنافس وسطاء الفوركس إلى حد ما مع البنوك وشركات تحويل الأموال, إلا أنهم بشكل عام يركزون على شرائح مختلفة في السوق. كي تتمكن من التعامل مع احد وسطاء الفوركس, سيتعين عليك فتح حساب باستخدام حساب مصرفي أو بطاقة ائتمان. شركات تحويل الأموال مثل ويسترن يونيون مونيجرام لا تتطلب عادة فتح حساب لإجراء التحويلات المالية. وسطاء الفوركس أيضا يطلبون حد أدنى لمبلغ التحويل لا يقل عن 5,000 دولار أمريكي, بينما منظمات تحويل الأموال يمكنها تحويل أي مبلغ رغم أنها تفرض بعض الرسوم مقابل ذلك. البنوك بدورها تعتبر منافس مباشر بشكل اكبر لوسطاء الفوركس لأنهم يوفرون العديد من الخدمات التي يوفرها الوسطاء. في معظم البلدان, يعمل وسطاء الفوركس تحت نوع من الرقابة التنظيمية. على سبيل المثال في الولايات المتحدة, فان الوسطاء الرسمين يتعين عليهم أن يكونوا أعضاء في الهيئة الوطنية للعقود الآجلة وكذلك التسجيل كتاجر لعمولات العقود الآجلة لدى هيئة تداول العقود الآجلة. التعامل مع الوسطاء غير المسجلين قد يعرض العملاء لمخاطر خسارة أموالهم نتيجة وقوعهم كضحايا لبعض الشركات المحتالة.

على العكس من ذلك, فان تداول العملات أو ما يعرف بتجارة التجزئة يركز بشكل اكبر على المضاربة بأكثر من التسليم الفعلي للعملات. احد ابرز الأمثلة على العملات التي تستهدفها المضاربات هو راند جنوب أفريقيا والذي قد تتقلب قيمته بأكثر من 0.20$ يوميا. عن طريق شراء العملة, في حال توقع ارتفاع قيمتها, أو بيعها عند توقع تراجع قيمتها, فان المتداول الذكي يمكنه جني أرباح طائلة. شركات تداول العملات تعمل وفق النظام الهامشي والذي يعني أن المتداولين الأفراد لا يضطرون سوى إلى دفع جزء من القيمة الإجمالية للمعاملة. على سبيل المثال, لفتح مركز تداول بقيمة 100,000$ بهامش مبدئي 4%, سيتعين على المتداول الاحتفاظ بهامش مبدئي بقيمة 4,000$ فقط. هذا النظام يتيح الفرصة لتحقيق أرباح وخسائر اكبر مقارنة بالتداولات العادية. تداول العملات, خاصة عالية الكثافة, تستند على الصفقات الفورية بأكثر من نموذج المعاملات المستخدمة لدى وسطاء تبادل العملات الأجنبية.

لسنوات عديدة كانت تجارة العملات مقتصرة على المؤسسات المالية الكبرى وكبار المستثمرين. فتح حساب تداول في السابق كان يتطلب ما بين 10 إلى 50 مليون دولار أمريكي. في هذا الوقت, فان اغلب صفقات العملات كانت تتم بين البنوك بعضها البعض بأكثر من تعاملات البنوك مع العملاء. برغم ذلك, فان العديد من العوامل ساهمت في تغير هذا الوضع؛ كان من أبرزها انتشار أجهزة الحاسب الشخصية والانترنت في عقد التسعينات و بداية الألفية الجديدة. تواجد الانترنت بالإضافة إلى التداول بالهامش فتح أبواب سوق العملات أمام المستثمرين العاديين ما أدي إلى اتساع كبير في حجم السوق. في الفترة ما بين عامي 2001 إلى 2007, ارتفع إجمالي حجم سوق تبادل العملات الأجنبية بنسبة 10% سنويا, حازت التداولات بغرض المضاربة على نصيب الأسد منها. بحلول عام 2011, قدرت مجموعة Aite وجود 8.3 مليون شخص يشاركون في تداولات الفوركس بالتجزئة ضمن سوق تبلغ قيمة تداولاته اليومية نحو 315 مليار دولار. هذا الرقم يعني أن تجارة العملات تشكل ما يقرب 7.9% من إجمالي سوق تبادل العملات الأجنبية. احد العوامل التي ساهمت في ارتفاع قيمة التعاملات هو ما يسمي بالتداولات عالية الكثافة وهى احد استراتيجيات التجارة التي تستند على حجم كبير للتداول و أوامر صغيرة الحجم مصحوبة بهوامش منخفضة وفترات زمنية قصيرة للاحتفاظ بالصفقات تكون في اغلب الأحوال اقل من 5 ثواني.

وكما هو الحال في أي صناعة سريعة النمو, فان مخاطر الاحتيال ازدادت أيضا وفقا لهيئة تداول السلع الآجلة, جهة التنظيم الرسمية في الولايات المتحدة. في عام 2012, تم معاقبة مواطن أمريكي يعيش في بنما بالسجن ما يزيد عن 14 عام من قبل محكمة فيدرالية. وفقا لوثائق المحكمة, فان جيفري ورانس استخدم مخطط بونزي للاحتيال على 343 مستثمر في مبلغ يقرب من 17.6 مليون دولار. على نطاق أضيق, اعترف جريجوري بالدوين بارتكاب جريمة مماثلة في عام 2004 حين تلقي 228.500$ من 33 مستثمر قام باستخدامها في نفقاته الشخصية. السلطات دأبت على تحذير المستثمرين مرارا وتكرارا حول العروض التي تضمن لهم تحقيق أرباح سريعة بالمئات أو آلاف الدولارات مقابل استثمار أولي لا يزيد عن 5.000$. هذه العروض والتي تبدو جيدة بصورة يصعب تصديقها تكون دائما محاولات احتيالية. ظهور الانترنت ساهم في التواصل بين عدد كبير من المستثمرين الجدد, ولكنه في نفس الوقت تسبب في العديد من المخاطر الناشئة. يتعين على المستثمرين التزام جانب الحذر عند التداول مع شركات تقع في بلدان لا تتمتع ببيئة تنظيمية قوية لان العديد من هذه العروض عادة ما تكون مخططات احتيالية, وغياب التنظيم بدوره يعني أن المستثمرون قد لا يرون أموالهم مرة أخرى.

انهيار نظام بريتون وودز دفع الحكومات إلى البحث عن حلول عملية لأنظمة أسعار الصرف. البعض منهم انجذب نحو المصداقية التي توفرها أسعار الصرف الثابتة ولكنهم في الواقع العملي ضحوا في مقابل ذلك بإمكانية إتباع سياسة نقدية وطنية الأمر الذي تركه عرضه لهجمات المضاربين. البعض الأخر فضل المرونة التي يوفرها نظام تعويم أسعار الصرف إلا أنهم وجدوا أن غياب الشفافية كان له تأثير سلبي على حجم تجارتهم الخارجية. كلا النتيجتين أدي إلى بروز مناضلة ما يسمي بالثالوث غير المقدس. بغض النظر عن سياسة سعر الصرف المختارة, فان ظهور الانترنت والحواسب الشخصية سمح للمستثمرين بالمضاربة على القيمة المستقبلية للأسعار ومن ثم إمكانية تحقيق أرباح أو خسائر طائلة ولكن دون أن يتجنبوا مخاطر الوقوع كضحايا للمخططات الاحتيالية. في حالة تداول العملات جنبا إلى جنب مع سياسة أسعار الصرف, يبقي القول المأثور القديم صالحا: إذا بدا الأمر جيدا بصورة يصعب تصديقها, فانه على الأرجح.