PDA

View Full Version : لماذا يرى البعض أن سوق الفوركس ليس المكان المثالي لتحقيق الأرباح



amer28
01-21-2020, 19:02
يعتبر سوق العملات هو أكبر الأسواق المالية وأكثرها سيولة على الإطلاق. برغم ذلك، فإن نسبة محدودة للغاية من المتداولين هي التي تحقق النجاح في هذا العالم المثير. وبرغم أن البعض يلقي باللائمة على غياب الانضباط الذاتي وضعف استراتيجية التداول في تكبد الغالبية العظمى لخسائر كبيرة، إلا أن هناك بعض العوامل المتأصلة في سوق الفوركس التي تجعل منه مكان خطير للغاية. سنلقي في السطور القادمة نظرة على هذه العوامل التي لا تجعل من سوق الفوركس مكاناً مثالياً لتحقيق الأرباح.

صعوبة التنبؤ
تؤثر البيانات الاقتصادية والأحداث الجيوسياسية على قيمة العملات سواء بالسلب أو بالإيجاب. برغم ذلك، فإن تفسير هذه العوامل الأساسية ليس بالمهمة السهلة. قد تؤدي بعض التقارير الاقتصادية الإيجابية إلى إضعاف العملة، وليس تقويتها كما هو متوقع، بسبب ارتباطها بعدد من العوامل الأخرى. على سبيل المثال، هناك علاقة عكسية بين الين الياباني و مؤشر نيكاي. عندما يرتفع مؤشر نيكاي، تتراجع قيمة الين عادةً حتى إذا أتت المؤشرات الاقتصادية بأفضل من توقعات المحللين. ولهذا إذا أٌقدم المتداول على فتح صفقة شرائية استناداً إلى إيجابية البيانات الاقتصادية فإنه سيواجه خسارة في حالة وضع أوامر الإيقاف عند مستويات قريبة.

أحد الشواهد التي تدعم هذه الحجة هو الأحداث المثيرة التي شهدتها حياة جون ماينارد كينز ، وهو واحد من أهم وأعظم الاقتصاديين في تاريخ البشرية. كان كينز مسئولاً عن تأسيس البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، كما قدم لعلم الاقتصاد واحدة منأهم نظرياته على الإطلاق والتي حطمت أسطورة أن السوق الحرة كفيلة بتحقيق التوظيف الكامل بصورة آلية. مع نهاية الحرب العالمية الأولى، قرر كينز الدخول إلى سوق تداول العملات بل وقام بجمع أموال من أصدقائه لهذا الغرض. بطبيعة الأمر، فإن شخص بهذه العقلية الجبارة كان من المفترض أن يكون قادراً على تحقيق نجاح باهر حيث أن غزارة علمه كانت ستساعده على التنبؤ بالاتجاهات الرئيسية للعملات. برغم ذلك، وعلى عكس جميع التوقعات، خسر كينز جميع أمواله. يسوق كثيرون هذا المثال للدلالة على مدى الصعوبة البالغة التي تكتنف العمل في سوق الفوركس حتى بالنسبة لعقلية اقتصادية في مكانة جون كينز.

عدم وجود توقعات متسقة
يحدث في كثير من الأحيان أن يفشل المتداول في قراءة الوضع في أسواق العملات بطريقة صحيحة، الأمر الذي يقوده في نهاية المطاف إلى استنتاجات خاطئة. على سبيل المثال، قد تمر إحدى العملات بحالة من الضعف، ولكنها في حقيقة الأمر مجرد مرحلة توطيدية قبل البدء في ترند صعودي جديد تدعمه بعض عوامل الاقتصاد الكلي. أبرز مثال على ذلك هو ما حدث للدولار الأمريكي بعد الأزمة المالية العالمية في 2008. حققت العملة الخضراء خلال هذه الفترة أفضل أداء بين العملات الرئيسية بمجرد اندلاع شرارة الأزمة المالية. كان التوقع الغالب هو أن الدولار الأمريكي سيتكبد خسائر فادحة، ولكن حدث العكس بسبب تناقص السيولة المتاحة من الدولار لتسييل العمليات اليومية داخل النظام المالي. واضطر الاحتياطي الفيدرالي آنذاك إلى زيادة المعروض النقدي لتلبية شح السيولة. ومن المثير للسخرية، أن الأزمة المالية ذاتها قد بدأت من الولايات المتحدة بعد إفلاس بنك ليمان براذرز، وهو ما دفع كثير من المتداولين، وحتى المحللين، إلى توقع انخفاض قيمة العملة الخضراء. لسوء الحظ لم يتمكن أحد من استخلاص هذه النتيجة سوى عدد محدود من المتداولين الذين لديهم اطلاع على آليات العمل في النظام المصرفي، والتي ساعدتهم على تحقيق بعض الأرباح أو على الأقل حماية أنفسهم من الخسائر التي تكبدها آخرون. بكل تأكيد لا يتوافر لجميع المتداولين الأفراد أو حتى معظمهم ميزة الاطلاع على مثل هذه المعلومات الهامة.