PDA

View Full Version : التعامل في البورصة مضاربة أم مقامرة؟؟



Badreldeen
07-12-2020, 08:57
اي شخص يشتري ويبيع أسهما أو سندات أو أي سلعة أخرى بغرض الريح مستخدما بصيرة دكية فهو مضاربه، وبخلاف ذلك فهو مقامر"

ريتشارد وييكوف

المضاربة speculation كلمة سيئة السمعة ويعتبرها الكثيرون مرادفا ل لمقامرة.

ونحن في هذا المقال بالطبع نقصد المضارية المشروعة وفقا ل لقانون.

يعرف المعجم القانوني المضاربة بأنها: كلمة يختلف مفهومها باختلاف النص أو السياق، وهي مزيج من التوقع والتمني والحدس والانتهاز والاستغلال والمجازفة.

والمضارية في حد ذاتها متعد دة الأنواع والأغراض، فمنها المشروع ومنها غير المشروع، وقد تكون أغراضها تجارية كما قد تكون مالية أو اقتصادية أو سياسية أو غير ذلك. ولعل أبرز معانيها ما يأتي: المتاجرة )بيعا أو شراء( توخيا للكسب في سبيل ما يتوقع من تقلب الأسعار في المستقبل. التعامل الجزافي الذي تحفه الشكوك ويتأرجح بين الخسارة الفادحة والريح العظيم. الاعتماد على ما ينتظر من تقلب الأسعار، ممارسة الأشغال المنطوية على الخطر والمغامرة في سبيل الكسب العظيم. تريص بريح احتمالي في المستقبل أو استغلال الظروف لكسب محتمل.

أما المقامرة gambling طبقا لموسوعة عالم التجارة فهي: "الشراء بناء على تخمين ما سيكون عليه السوق بالنسبة لسلعة ما دون أية دراسة بقصد الاستفادة من تغير الأسعار، والقمار هو كل لعب فيه مراهنة".

وهناك فرق واضح بين المضارية والمقامرة إلا أن البعض يخلط بينهما في كثير من الأحيان. فتحقيق الأرباح بالمضاربة دائما ما يكون نتيجة اتخاذ القرارات السليمة، أما القرارت الخاطئة فتعرض صاحبها للخسارة. أما المقامرة فهي تصرفات لأشخاص لا يكون لقراراتهم أي أثر على نتيجة الرهان لفقدانهم القدرة على التأثير في تحقيق الريح أو الخسارة، وذلك كشراء ورقة يانصيب أو الرهان على حصان أو رمي حجر النرد ۰۰۰۰۰۰۰۰




إن أفعال المضارب تؤثر مباشرة على نتيجة أعماله. فالقرار يظل دائما بيده. أما المقامر الذي تنازل عن القرار للغير، فإن نتيجة رهانه تصبح دائما خارجة عن دائرة تأثير أفعاله. فليس بإمكانه عمل أي شيء يؤثر على ربحه أو خسارته، فكل ما عليه هو انتظار نتيجة سحب ورقة الحظ أو إعلان الفائز في السباق أو ثبات حجر النرد.

وقد تكون كل من دوافع المضارب والمقامر واحدة، فكلاهما يعرض نفسه للمخاطر نظير الحصول على فرص لتحقيق أرباح ضخمة، إلا أنه يمكن التفرقة بينهما على أساس طبيعة المخاطرة في كل منهما والفائدة الاقتصادية لهما. فألعاب القمار المختلفة تقوم بخلق مخاطر غير موجودة أصلا خارج هذه الألعاب، وذلك على النقيض من عمليات المضاربة التي تتعامل مع مخاطر موجودة بالفعل في عمليات تصنيع وتسويق السلع والمنتجات المختلفة في اقتصاديات السوق الحرة. وإن لم يتحملها المضارب فإن شخصا آخر عليه تحملها. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن ألعاب القمار ليست لها فائدة تذكر من الناحية الاقتصادية، بعكس عمليات المضاربة التي تؤدي دورا اقتصاديا مهما ومفيدا ليس فقط لأنها تضيف سيولة إلى هذه الأسواق، بل أيضا لأن المضارب يتحمل في هذه العمليات قدرا كبيرا من المخاطر بدلا من الزراع والصناع والعاملين بالتسويق الذين يسعون إلى التقليل من تلك المخاطر أو التخلص منها بالكامل ليتفرغوا
العملياتهم الإنتاجية.

أكدت بعض الدراسات أن عمليات المضاربة تنطق وتخفف ولا تزيد من حدة تقلبات الأسعار في الأسواق، فضلا عن كونها توفر السيولة اللازمة لإبرام الصفقات بسهولة ويسر. فالمضارية نشاط ضروري لتسهيل عمليات التحوط hedging التي يقوم بها كافة المنتجين للتأمين ضد تقلبات الأسعار الحادة، ونقل وتحويل مخاطر تغيرات الأسعار الكبيرة إلى الغير، وهو ما من شأنه تقليل تكاليف الإنتاج والتسويق ل لسلع والمنتجات المختلفة .

لقد ذهب ميلتون فريدمان Milton Friedman أبو النظرية النقدية الحديثة الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 1976 م - إلى تأكيد أنه لا يمكن أن يكون هناك بقاء دائم ومستمر للمضارب الذي يضر ويريك السوق ويتسبب في عدم استقراره، هذا المضارب يشتري عند صعود الأسعار ويبيع عند انخفاضها وبذلك يحقق الخسائر، حيث إنه اشترى غاليا وباع رخيصا، وعليه فإن مصيره حتما الي الزوال

كثيرا ما نسمع عن تذمر بعض المشاركين في البورصات العربية بأن ما لدينا ليس بورصة بل هو كازينو قمار كبير، وهي شكوى ليست في محلها. فالبورصة ليست مرتعا لكل الناس ويجب ألا تكون فعلى من لا يستطيع تحمل درجة سخونتها العالية الخروج منها فما نراه يحدث لدينا، يحدث - بل وأكثر منه - في جميع البورصات العالمية الأخرى ( 3 ). فعلى سبيل المثال، فإن مؤشر داو جونز للأسهم الصناعية DJIA الأمریکی وصل في 3 سبتمبر (أيلول) 1929 م إلى مستوى 386 نقطة ( 4 )، وفي أقل من ثلاث سنوات من هذا التاريخ انهارت أسعار الأسهم إلى 10.5 % فقط من قيمتها ، وحديثا سجل مؤشر نازداك كومپوزیت NASDAQ CITipsite 5133 نقطة بتاريخ 10 مارس (آذار) 2010 م وهو أعلى مستوى له منذ تأسيسه، وفي 10 أكتوبر (تشرين أول) 2002 م كان مستواه قد هبط إلى 1108 نقطة أي نحو 21.6 % من أعلى قيمة له. وبعض الشركات المكونة للمؤشر تدهورت أسهمها بنسب أكبر وصلت إلى فقدانها 90% من قيمتها خلال سنتين. ومستواه بإقفال 4 مايو (أيار) 2004 م تاريخ كتابة هذه السطور هو 1950 .

إن المضاربة هي في واقع الأمر أستثمار يتفاوت عانده المتحقق كثيرا عن العائد المتوقع منه، بحيث يصعب التفرقة بدقة ووضوح ما بين الاستثمار والمضاربة، فكلاهما واحد تقريبا، ولكن الشيء الذي يميزهما عن بعضهما هو درجة اختلاف العائد الحقيقي عن العائد المتوقع في كل منهما

هذا وستظل المضاربة دائما لعبة خطرة قد تعرض القائمين بها لخسارجمة وهو ما نبه إليه الكاتب الأمريكي الساخر مارك توين بقوله: "إن يناير شهر خطر للمضاربة، ثم استطرد معددا الشهور الخطرة الأخرى : فبراير مارس أبريل مايو يونيو يوليو ۰۰۰۰۰۰ . إلخ