hasback
03-18-2014, 11:24
إن المراقب لما يحدث في الساحة النفطية في بعض دول أوبك، يجد بعض الأصوات التي تُشكك في الإستراتيجية الناجحة – حسب رأيي- لمنظمة أوبك بقيادة حكيمة ومتزنة من المملكة العربية السعودية والتي من أهم نتائجها الاستقرار غير المسبوق في أسعار النفط في السنوات القليلة الماضية في الأسواق العالمية وثباتها النسبي، يؤكد نجاح هذه الإستراتيجية.. استقرار أسعار سلة أوبك ولأول مرة في التاريخ خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة (2011, 2012, 2013) ليصل معدل السعر لهذه السنوات الثلاث إلى 106 دولارات للبرميل بالرغم من كل التحديات والعوامل الكثيرة التي كان بإمكانها التأثير السلبي على سعر النفط.. يُعتبر هذا السعر عادلاً بكل المقاييس للدول المنتجة والمستهلكة للبترول على حد سواء.نجد أيضاً دليلاً آخر على نجاح هذه الإستراتيجية يتمثل في التوازن المثالي للعرض والطلب وعدم تأثير هذا السعر الذي قد يعتقد بعض الدول المستهلكة أنه عالياً نوعاً ما على النمو الاقتصادي العالمي الخجول جداً في هذه الفترة الزمنية والذي بدوره (استقرار الأسعار) أدى إلى استمرار تعافي هذا الاقتصاد تدريجياً من أسوأ كساد اقتصادي ألمَّ به في العقود الأخيرة.. كما أن هذه الإستراتيجية لعبت دوراً رئيساً في تهميش دور المضاربين في أسواق النفط العالمية، وذلك من خلال المحافظة على السعة الإنتاجية الإضافية والتعهد بتلبية أي نقص في الإمدادات النفطية لأي سبب ما.نجد أيضاً أن هذا المعدل السعري شجع الكثير من الدول والشركات للاستثمار في عمليات تنقيب وتطوير وإنتاج ما يُسمى بالنفط الصخري العالي التكلفة مما أدى إلى توازن أكثر للعرض والطلب والذي بدوره ساعد على تلبية الزيادة المطردة في الطلب والاستهلاك العالمي للنفط خصوصاً من قِبل الدول الصناعية الكبرى، وفي مقدمتها الصين والهند ودول شرق آسيا الأخرى.. كذلك ساعد هذا التوازن والاستقرار بطريقة غير مباشرة على تخفيف الضغوط الدولية على الدول الرئيسة في منظمة أوبك وساعدها على عدم رفع طاقتها الإنتاجية لتلبية ارتفاع الطلب مما سوف يؤدي بلا شك إلى إطالة عمر حقولها واحتياطياتها النفطية.هؤلاء المشككون يطالبون الدول الرئيسة في منظمة أوبك برفع إنتاجها النفطي بمعدل مليوني برميل في اليوم لخفض الأسعار ما دون 70 دولاراً للبرميل، وذلك لهدف إخراج شركات النفط الصخري العالمية من السوق النفطية وشطب النفط الصخري من المعادلة البترولية العالمية، يدّعي هؤلاء بأن رفع الإنتاج سوف يؤدي إلى خفض الأسعار بدون تأثير سلبي على دخل الدول المنتجة الرئيسة في منظمة أوبك وذلك لزيادة كميات النفط المباعة مقارنة بالكميات المباعة حالياً.. ولكنهم يتناسون الضغوط الكبيرة التي يمكن أن يحدثها ذلك على هذه الدول وفي مقدمتها دول الخليج العربي لاستثمار مئات المليارات من الدولارات لتطوير حقول جديدة ورفع معدل نضوب (استنزاف) الحقول المنتجة حالياً، وذلك لتغطية النقص الذي سوف يحدثه خروج النفط الصخري من المعادلة النفطية العالمية.الشيء الإيجابي الذي يجب أن أذكره هنا يتمثَّل في ثبات منظمة أوبك بقيادة المملكة العربية السعودية على إستراتيجيتها الناجحة وعدم التأثر بهذه الأصوات، وذلك تطبيقاً لمسؤولياتها الدولية لحماية الانتعاش الاقتصادي العالمي واستقرار أسعار النفط وتأمين إمدادات النفط تطبيقاً للمبدأ الإسلامي الشهير المتمثِّل في الحديث الشريف: «لا ضرر ولا ضرار».