hasback
05-04-2014, 12:38
تظل الأرقام المطلقة تحمل الكثير من علامات الاستفهام، وبخاصة إذا كانت تتعارض مع الواقع المعيشي.وخير دليل على ذلك ما ينشر عبر التقارير الدولية والإقليمية عن الناتج المحلي الإجمالي للعالم العربي، وكذلك معدلات النمو المتحققة لهذا الناتج.فالأرقام تعكس تحسنًا مضطردًا، بينما الواقع يفرز المزيد من الفقر والبطالة، والكثير من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية الأخرى.فبيانات التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2013، تبين أن الناتج المحلي الإجمالي للعالم العربي، وصل إلى 2.6 تريليون دولار عام 2012، في حين كان عام 2000 لا يتجاوز 676 مليارا. كما توضح بيانات نفس التقرير أن معدلات النمو للناتج المحلي للعالم العربي كانت من أفضل النتائج المتحققة مقارنة بأداء معدلات نمو الناتج المحلي للعالم، أو مقارنة بأداء مختلف أقاليم العالم خلال نفس الفترة.فقد حقق معدل النمو للناتج في العالم العربي 4.9% في المتوسط، خلال الفترة 2000 - 2012، وكانت معدلات الأداء هي الأفضل عام 2005 حيث حقق معدل النمو بالناتج المحلي للعالم العربي 9%، بينما كان عام 2009 هو الأسوأ وفق هذا المؤشر، حيث حقق معدل النمو 1.1%، بسبب التداعيات السلبية للأزمة المالية العالمية.ولا ينطبق هذا الأمر على الصعيد الإقليمي العربي فقط، بل ينطبق بشكل أكبر على الواقع القُطري للعديد من الدول العربية، سواء من حيث تزايد قيمة الناتج المحلي، ومعدلات النمو، وأيضًا انتشار الفقر والبطالة.ولعل الحالة السعودية خير دليل على ذلك، حيث تحقق المملكة العربية السعودية قيما مرتفعة في ناتجها المحلي وكذلك معدلات النمو. فقد ارتفع الناتج المحلي الإجمالي من 188 مليار دولار عام 2000 إلى 711 مليارا عام 2012.ومع ذلك، فإن معدلات البطالة السافرة بالمملكة تجاوزت 10% عام 2012 وفق بيانات وزارة العمل السعودية، أما البطالة المقنعة فنسبتها تتجاوز هذه النسبة بكثير، حيث عمدت الحكومة بعد ثورات الربيع العربي إلى تبني برامج تشغيل في الهيئات الحكومية والقطاع العام بمعدلات عالية من أجل استيعاب غضبة الشباب هناك.وكذلك اتسعت رقعة الفقر في السعودية. وإن كانت الأرقام الخاصة بالفقر تقديرية وليست رسمية، إلا أن الحديث يدور حول معدلات فقر تتزايد لتشمل نسبة 20% من المجتمع السعودي.وهذه الأمور لا تتفق وطبيعة الأرقام المعلنة عن فوائض بالميزانية السنوية للمملكة في ظل تحسن أسعار النفط. وهو ما يعني أن هناك ثمة خللا في توزيع ثمار النمو بين أفراد المجتمع السعودي.والحديث عن السعودية ليس حالة عربية، ولكنه ظاهرة. فما ينطبق على السعودية ينطبق على العديد من البلدان العربية، سواء كانت نفطية أو غير نفطية، وإن كانت بعض البلدان الخليجية تظهر أن معدلات الفقر بها متدنية، إلا أن بها العديد من المظاهر الاجتماعية السلبية، الدالة على عدم عدالة توزيع ثمار النمو الاقتصادي بها.فالجزائر, تلك الدولة النفطية، ذات الفوائض الاحتياطية من النقد الأجنبي التي تصل إلى 190 مليار دولار، لازالت تعاني من ارتفاع معدلات البطالة لتصل إلى 9.7% وفق بيانات 2012، ولا يختلف هيكل وارداتها عن كثير من الدول العربية، حيث يعد النفط السلعة التصديرية الأولى، ويتم استيراد العدد والآلات والغذاء