التضخم والتضخم الجامح

التضخم هو الزيادة المطردة في مستوى إجمالي السعر. أما التضخم الجامح فهو المرتفع جداً. على الرغم من أن البداية تعسفية، إلا أن الإقتصاديين في العادة يحتفظون بالمصطلح "التضخم الجامح" لوصف الحالات التي يكون فيها معدل التضخم الشهري أكبر من 50%. عند المعدل الشهري لـ 50%، فإن الشيء الذي كان يكلف 1$ في شهر يناير، سوف يكلف 130$ في شهر يناير من العام التالي.

مالذي يتسبب في التضخم؟ لا توجد أي صدمة منفردة، بغض النظر عن مدى حدتها، يمكنها أن تفسر الإرتفاع المطرد في الأسعار (المتسارع بشكل متواصل). الحروب العالمية نفسها لم تكن السبب في التضخم. تدمير الموارد خلال الحروب يمكن أن يفسر لماذا قد تكون الأسعار أعلى مما كانت عليه من قبل، و لكن الحروب نفسها لا يمكنها أن تفسر السبب الذي قد يدفع الأسعار إلى الإرتفاع بشكل سريع و مستمر خلال فترات التضخم الجامح.

التضخم الجامح ينتج عن النمو شديد السرعة في توفير العملة الورقية. و يحدث عندما تقوم السلطات المالية و النقدية للدولة بإصدار كميات كبيرة من النقومد لدفع تفدق كبر من النفقات الحكومية. في الواقع، هو شكل من أشكال فرض الضرائب حيث تقوم الحكومة بالكسب على حساب الأفراد الذين يحتفظون بالمال الذي تتراجع قيمته. هو، بالتالي، برامج فرض ضرائب كبيرة للغاية.

في التضخم الجامح، فإن الأسعار تنمو بشكل أسرع من أسهم المال، لأن الناس يحاولون التقليل من القوة الشرائية التي يحتفظون بها على شكل مال. و يحاولون تجنب ضريبة التضخم من خلال الإحتفاظ بثروتهم على شكل السلع المادية. و بينما يقومون بشراء هذه السلع، ترتفع الأسعار و يتسارع التضخم.

يميل التضخم الجامح إلى أن يكون ذاتي الإدامة. على فرض أن الحكومة ملتزمة بتمويل نفقاتها من خلال إصدار المال و بدأت برفع أسهم المال بقيمة 10% شهرياً. ثريباً، فإن معدل التضخم سوف يرتفع، مثلاً، بمقدار 10% شهرياً. الحكومة سوق تلاحظ أنها لم تعد قادرة على شراء نفس القدر بالمال الذي تصدره و من المرجح أن ترد عن طريق زيادة نمو المال بشكل إضافي. و تبدأ سلسلة التضخم الجامح. خلاله، سوف يكون هناك لعبة شد الحبل بين الجمهور و الحكومة. يحاول الجمهور أن ينفق المال الذي يحصل عليه بسرعة من أجل تجنب ضريبة التضخم، و الحكومة ترد بتضخم أعلى و معدلات أعلى من إصدار المال.

كيف ينتهي التضخم الجامح؟ الجواب القياسي هو أن الحكومة يتوجب عليها أن تقوم بإلتزامات ذات موثوقة للتقليل من النمو السريع في أسهم المال. أنصار هذا المبدأ يضعون في الإعتبار نهاية التضخم الجامح في ألمانيا كإحدى الحالات المماثلة. في نهاية عام 19823، قامت ألمانيا بتطبيق إصلاحات نقدية من خلال إنشاء وحدة جديدة للعملة أطلق عليها إسم "رينتيمارك". وعدت الحكومة الألمانية بأن العملة الجديدة يمكن أن تحوّل عند الطلب إلى سندات لديها قيمة معينة من الذهب. المؤيدون للجواب القياسي يجادلون بأن الضمان بالتحويل ربما يعتبر كوعد بتوقف الإصدار السريع للمال.

ما هي تأثيرات التضخم الجامح؟ أحدى تأثيراته التي لها تبعات جدية هو إعادة تخصيص الثروة. يقوم التضخم الجامح بنقل الثروة من الجمهور الذي يحتفظ بالمال إلى الحكومة التي تقوم بإصدار المال. كما يتسبب أيضاً بالربح للمقترضين على حساب المقرضين عندما يتم توقيع عقود القروض قبل أسوء مراحل التضخم. الأعمال التجارية التي تمتلك محلات المواد الخام و السلع تربح على حساب الجمهور. في ألمانيا، كسب المستأجرون على حساب الملاك لأن سقف الإيجار لم يحافظ على نفس الوتيرة مع مستوى الأسعار. "كوستانتينو بريسكياني-توروني" يقول بأنه دمر ثورة الفئات المستقرة في ألمانيا و جعل من الأسهل بالنسبة "للإشتراكيين الوطنيين" (النازيين) أن يحصلوا على القوة.

يقلل التضخم الجامح من فعالية الإقتصاد من خلال دفع الوكلاء بعيداً عن التعاملات المالية و قريباً من المقايضة. في الإقتصاد العادي، يتم الحصول على الفعالية الكبيرة من خلال إستخدام المال في التبادلات.

خلال التضخم الجامح، يفضل الناس الدفع بالسلع من أجل تجنب ضريبة التضخم. في حال تم الدفع لهم بإستخدام المال، فإنهم يقومون بإنفاقه بأسرع وقت ممكن. العمال في ألمانيا كانوا يحصلون على الأجور مرتين في اليوم و كانوا يقومون بالتسوق مباشرة لتجنب المزيد من الخفض في قيمة مكتسباتهم. التضخم الجامح يعتبر لعبة مدمرة "للبطاطا الحارة" حيث يقوم الأفراد بإستخدام المصادر الثمينة في محاولة تجنب الإحتفاظ بالمال الورقي.