ما هو مفهوم تعويم العملة ؟ و لماذا تلجأ بعض الدول لفعل ذلك ؟
المقصود بتعويم العملة ، أو كما يطلق عليه " سعر الصرف العائم " : هو جعل سعر صرف العملة الوطنية يخضع لآلية العرض و الطلب . أي ان المتحكم الرئيسي هنا في تحديد سعر الصرف هو ( قوى العرض و الطلب ) .
هذا يعني : أن أي تغيرات تشهدها قوى العرض و الطلب على العملات الأجنبية الأخرى يتبعها تقلبات في سعر صرف العملة الوطنية العائمة .
و تختلف سياسات الدول بشأن تحرير سعر صرف عملاتها الوطنية ، وفقاً لكفاءة الأداء الإقتصادي الوطني ، و درجة مرونة الجهاز الإنتاجي .
فهناك نوعين من تعويم العملة الوطنية :
1- التعويم الحر : و هو ترك تحديد سعر الصرف لقوى العرض و الطلب بشكل كامل ، دون تدخل من الحكومة أومن البنك المركزي. ( تحرير سعر الصرف بشكل كامل ).
2- التعويم الموجه أو المدار : و هو ترك تحديد سعر الصرف لقوى العرض و الطب ، و لكن! هنا تدخل الدولة بطريق غير مباشر عبر البنك المركزي بهدف توجيه سعر الصرف في إتجاه معين من خلال التأثير على حجم العرض و الطلب على العملات الأجنبية الأخرى .
و تتماشى سياسة التعويم الحر مع الدول الرأسمالية الصناعية المتقدمة مثال ( الولايت المتحدة الأمريكية - بريطانيا - سويسرا ). بينما تلجأ الدول التي تعاني من أزمات إقتصادية متعددة بتطبيق سسياسة التعويم الموجه . مثال (مصر ) .
و تلجأ بعض الدول إلى تحرير سعر صرف عملتها الوطنية من اجل الإصلاح الإقتصادي و التنموي ، و جذب الإستثمارت الأجنبية ، لتشجيع المنتجات الوطنية و خلق فرص عمل . و ربما يكون السبب الرئيسي غالباً في إقدام دولة ما على تحرير سعر صرف عملتها المحلية هو تخفيف عجز الموازنة العامة للدولة .
و حتى تقوم الدولة بتحرير سعر صرف عملتها المحلية ، فإن الأمر يتطلب رفع الدعم عن السلع الأساسية بشكل تدريجي ، مثال ارتفاع أسعار ( البنزين - الكهرباء - المياه ) مع الحد من زيادة أجور العاملين أو تثبيتها. مما يؤدي إلى ارتفاع تكلفة معيشة المواطن ، الأمر الذي يشكل خطورة على الطبقات الفقيرة بالمجتمع .
مما لا شك فيه: أن تطبيق سياسة تعويم العملة الوطنية يحقق اهدافه من حيث تقليل العجز التجاري ، فالمنتجات الوطنية تصبح أرخص كثيراً في الأسواق الخارجية، و من ثم تصبح أكثر تنافسية . و في المقابل ستصبح الوارادات أغلى كثيراً مما يصعب على المواطنيين شراء الكثير من السلع المستوردة نظراً لإرتفاع ثمنها بشدة مقابل العملة الوطنية ،و بالتالي يلجأ المواطنين إلى الإقبال على السلع المحلية ، مما يزيد من النشاط الإقتصادي داخليا و خارجيا ، الأمر الذي قد يؤدي إلى حدوث أزمة إقتصادية ، إذا لم يتزايد حجم الإنتاج الوطني بنسبة تساير (حجم الطلب ) .
و ليست كل دولة تتبع سياسة تحرير صرف عملتها تحقق أهدافها الإقتصادية و التنموية، فنجد أن تطبيق مثل هذه السياسة في الدول المتقدمة يزيدها تقدماً إقتصادياً ، بينما في الدول المتخلفة يزيدها تخلفاً ، فهناك علاقة طردية بين درجة مرونة الإنتاج الوطني و بين سعر صرف العملة العائمة ، فإذا استطاع الإنتاج الوطني يتزايد بنسبة تساير سعر صرف العملة العائمة ، فإن ذلك سوف يحقق أهدف تنموية و إقتصادية مثال ( الصين - اليابان ) و إذا حدث العكس فإن ذلك سوف يؤدي إلى إنهيار الإقتصاد الوطني مثلما يحدث في الدول المتخلفة إقتصادياً.
لذا يتوقف نجاح تطبيق سياسة تحرير سعر صرف العملة الوطنية على عدة عوامل أهمها :
1) درجة مرونة الجهاز الإنتاجي .
2) درجة مرونة الطلب من الخارج على الإنتاج الوطني من السلع و الخدمات القابلة للتصدير .
3) درجة مرونة الطلب الداخلي على السلع و الخدمات المستوردة .
4) درجة الجودة و المعايير الصحية و الأمنية للسلع المصدرة .