إن أول شيء نفعله صباحا كل يوم، في الغالب، لمدة قصيرة، تبدأ من ثوان معدودة إلى عدة دقائق، هو الإمساك بالهاتف الذكي الخاص بنا ومتابعة آخر التطورات على وسائل التواصل الاجتماعي، كالرسائل المنتظرة عبر الفيسبوك، رسائل جوجل، أو رسائل المدراء أو رفاق العمل على تطبيقاتك المفضلة، كذلك نتطلع لتأمل الردود على تعليقاتنا في منشورات آخرين، أو عدد مرات الإعجاب على منشوراتنا الخاصة، أو تلك المفاجآت غير المتوقعة من بعض الصفحات الساخرة، خاصة الفيديوهات المثيرة للانتباه والكاريكاتير، لكن، هل تعرف كم مرة في اليوم تلقي بنظرة إلى هاتفك الذكي؟أكثر مما تتوقع في الحقيقة، ربما للدرجة التي تجعل من هاتفك الذكي جزءا منك، كيديك مثلا أو قدميك، فأنت في المتوسط تضرب بأصابعك على شاشته ما يقرب الألفين وستمائة1 مرة في اليوم الواحد، وتلتقطه لتتأمله حوالي 85 مرة يوميا تمتد من عدة ثوان إلى دقائق أو ربما ساعات معدودة، ما يعني أن هذا الجهاز الصغير يظل ملتصقا بيديك طوال اليوم تقريبا، هنا ينفتح الباب إلى تساؤل مهم حول تأثير تلك الأشياء التي ظهرت فجأة في حياتنا وتفاعلنا معها سريعا على أدمغتنا، سلوكنا، كأفراد وكمجتمعات، حيث؛ إلى أية درجة يمكن لهذا التأثير أن يمتد؟هاتف ذكي قد يساوي عقلا غير ذكييدفعنا ذلك لتأمل دراسة2،3 نشرت قبل عدة أشهر عن العلاقة ما بين مجمل قدراتنا الإدراكية كبشر، ووجود الهواتف الذكية في حياتنا، وكانت التجربة هي إخضاع مجموعة من الناس، حوالي 600 طالب جامعي، إلى اختبارات تقيس قدراتهم الإدراكية المتعلقة بالذكاء السائل أو الذاكرة العاملة، لكننا سوف نقسم الخاضعين للتجربة إلى ثلاث مجموعات، الأولى سوف تخضع للاختبار بينما هاتفها الذكي بالقرب منها على نفس الطاولة، مقلوبا على وجهه، والثانية سوف تخضع للتجربة وهاتفها موضوع في الحقيبة الخاصة بها، والثالثة سوف يوضع هاتفها في حجرة أخرى بعيدة عنها.