على ما كان في السابق حقل ألغام صحراوي يفصل الأردن عن إسرائيل،صنع الملك حسين ورئيس الوزراء إسحاق رابين التاريخ. كان ذلك في تشرين الأول/أكتوبر 1994، وكان الزعيمان الأردني والإسرائيلي يوقعان اتفاق سلام، واتجها إلى طي صفحة عقود من الحرب والعداء.
كانت اللحظة الأيقونية في جزء كبير منها نتيجة لرؤية مشتركة للسلام من قبل رجلين قيل إن لديهما كيمياء شخصية بينهما. لقد كان يوماً "لا مثيل له"، كما أعلن الملك حسين العاطفي. كان "فجر عصر السلام الجديد... ونحن نجتمع معاً لنضمن، إن شاء الله، أنه لن يكون هناك المزيد من الموت، ولا المزيد من البؤس، ولا المزيد من الشكوك، ولا المزيد من الخوف، ولا المزيد من عدم اليقين".
ولكن بعد 26 عاماً، تبدو تلك الرؤية وكأنها وهم. إن بقاء معاهدة السلام - وهي واحدة من معاهدة سلام بين معاهدة سلام بين إسرائيل والعالم العربي - أصبح الآن موضع تساؤل.
وقال "نحن في ... أدنى مستوى في العلاقة ... ومنذ توقيع معاهدة السلام" صرح رئيس الوزراء الاردني عمر رزاز لشبكة "سي ان ان" في اذار/مارس الماضي. في ذلك الوقت، بدا الأمر كما لو أنه يمكن إنقاذ العلاقة، وأن إسرائيل وإدارة ترامب يمكن أن تثني عن الوفاء بوعودها بضم أجزاء من الضفة الغربية.
والآن، في حين أن الجدول الزمني المباشر للضم قد ينزلق قليلاً، يبدو أن إسرائيل لا تزال على وشك إعلان السيادة من جانب واحد على رقعة من الأرض تشكل جزءاً حاسماً من السياسة الخارجية والداخلية للأردن. وقد دفع ذلك صاحب السيادة الأردنية، الملك عبد الله، إلى الزاوية.
ويشاطر الأردنيون وجهة نظر الكثير من المجتمع الدولي عندما يتعلق الأمر بهذه القضية: فضم الضفة الغربية، كما يقولون، من شأنه أن يقتل حل الدولتين اللذين طال الترويج لهما. ومن شأن ذلك أن يقوض مبادرة السلام العربية لعام 2002 التي تحدد الدولة الفلسطينية المستقبلية على أساس حدود إسرائيل قبل عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. كما اعتقد العاهل الأردني منذ فترة طويلة أنه لن تكون هناك نهاية للاضطرابات في المنطقة دون حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهو أمر يبدو احتمالاً باهتاً باستمرار بعد فشل خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام في إعادة الفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات.
ولكن بالنسبة للأردن، لا يتعلق الأمر بالسلام في المنطقة فحسب. ومن شأن نهاية حل الدولتين أن يشكل تهديداً وجودياً للمملكة، مما يهز هويتها ومستقبلها.