كثيرا ما أُسأل عن كيفية وضع خطة مالية مناسبة، وما هي الأمور التي يجب أخذها بالاعتبار عند فعل ذلك. وهل تختلف الخطة المالية عن الخطط الأخرى (غير المالية).. إلخ.

ولم أجد للإجابة عن هذه التساؤلات أفضل من أضع بين أيديكم مثالا لشخص يرغب برسم خطة مالية بسيطة، وذلك لكي تتضح الصورة أكثر للراغبين بمعرفة كيفية وضع الخطط المالية.

مثال: شاب في أواخر العشرينات من العمر، موظف متزوج وله ثلاثة أطفال. لا دخل له سوى راتبه، ويرغب بالوصول للاستقلال المالي، وممارسة حياته الطبيعية دون مخاوف مالية.

ولنتابع معا المراحل التي وضعها هذا الشاب لتحقيق هدفه المالي.

المرحلة الأولى: وضع الأهداف

بدأ الشاب بكتابة هدفه على ورقة، قناعةً منه بأهمية الكتابة في عملية توجيه العقل للقيام باللازم لتحقيق هذا الهدف. لم يكتف بالكتابة وإنما عززها بأن جعلها ظاهرة في كل مكان يتواجد فيه (السيارة،غرفة النوم،مكتبه في العمل..).

المرحلة الثانية: مباشرة الادخار

قام صاحبنا بعد ذلك بتخصيص مبلغ شهري ثابت ليكون لبنة لكيان ادخاري قوامه ثلاثة آلاف دينار، بحيث يكون نقطة الانطلاق في عالم الاستثمار. وبما أنه لا يملك القدرات على الاستثمار في مشروع تجاري معين، بيّت النية على الاستثمار في الأسهم، حيث أنه يجد في نفسه القدرة على تعلم هذا النمط من الاستثمار.

المرحلة الثالثة: التعلم

بما أن عملية تجميع هذا الكيان الادخاري سوف تستغرق العديد من الشهور، قرر الشاب أن يستنهض جميع طاقاته لتعلم الاستثمار في الأسهم كونه الطريق المناسب له لاستثمار مدخراته وتحقيق حلمه المالي. قرأ العديد من الكتب، وحضر بعض الدورات المتخصصة، وتابع المواقع الإلكترونية الزاخرة بالمواد التعليمية في هذا المجال حتى تمكن من الإلمام بمبادئ الاستثمار في الأسهم.

المرحلة الرابعة: دخول السوق المالي

بمجرد اكتمال كيانه الادخاري (3،000 دينار) باشر الشاب توجيهه للاستثمار في أسهم منتقاة بعناية بهدف الاستثمار بها على المدى الطويل (ثلاث سنوات على الأقل). وبما أنه تعلم الاستثمار على أصوله، فقد حرص على تجنب المضاربة (شراء وبيع الاسهم بصورة مستمرة وعلى فترات قصيرة).

المرحلة الخامسة: دمج الادخار بالاستثمار

لم يتوقف الشاب عن نهجه الادخاري السابق، بل زاد من وتيرته بصورة تدريجية، وأضاف له عاملا مهما وهو أن قام بدمجه مع استثماراته في البورصة من خلال بث هذه المدخرات في زيادة أسهمه التي يمتلكها بهدف مراكمتها بصورة تسرّع من تحقيقه لهدفه المالي. وحرص كذلك على إعادة استثمار جميع العوائد (توزيعات الأرباح) التي يحصل عليها وذلك بشراء المزيد من هذه الأسهم، وبالتالي زيادة نسبة أرباحه منها مع مرور السنوات.

المرحلة السادسة: الدخل السلبي

وبعد مرور خمسة عشر عاما على هذا النهج الادخاري الاستثماري الحصيف، تمكن صاحبنا (مستعينا ببيع بعض أسهمه) من شراء بعض العقارات المدرة للدخل (شقق)، والتي منحته ما يسمى بالدخل السلبي (دخل ثابت لا يتطلب العمل من أجله).

المرحلة السابعة: الاستمتاع

لم يتخل هذا الشاب عن وظيفته نتيجة هذا التغير الإيجابي في حياته المالية، إلا أنه أصبح يعيش حياته دون مخاوف مالية، حيث أصبح يدير محفظة استثمارية تتضمن أسهما (تلك التي لم يبعها بعد) وبعض العقارات الصغيرة، وبالتالي انتقل للمرحلة الأهم في خطته المالية، ألا وهي الاسترخاء والاستمتاع بالحياة. ولكن هذا الأمر لم يمنعه من الاستمرار بالتوسع في استثماراته كلما سنحت الفرصة لذلك. فاستمر بشراء بعض الأسهم القيّمة من وقت لآخر، كما أصبح مهتما بصورة متزايدة بشراء العقارات الصغيرة التي تعرض عليه وذلك بهدف المحافظة على الثروة الصغيرة التي أصبح يتمتع بها الآن.

ملاحظة: هذه الخطة هي مجرد مثال ( وإن كانت لا تبعد كثيرا عن الواقع) وليس بالضرورة أن تكون خطتك مماثلة لها، الهدف هو إعطاء نموذج لكيفية صياغة خطة مالية بسيطة والمضي قدما في تحقيقها.