مقدمة
يواجه العالم حالياً أزمة مالية لم يمر بها منذ الكساد الكبير و محاولة منا لتوضيح أبعاد الأزمة للمستثمر المصرى، وتفعيلاً لدور الهيئة العامة للرقابة المالية فى تعليم وتوعية المستثمر المصرى بالفرص الإستثمارية المختلفة والمخاطر المرتبطة بها وذلك من أجل زيادة ثقة المستثمرين فى الإستثمارات طويلة الأجل فى سوق المال، رأت الهيئة ضرورة توضيح تلك الأزمة المالية الراهنة وتوابعها وأثرها على الأسواق المالية العالمية عامةً والسوق المصرى خاصةً لحماية السوق ومساعدة المستثمرين الأفراد على اتخاذ قرارتهم الإستثمارية بصورة عقلانية فى ضوء الوضع المالى الحالى.
2.كيف بدأت الأزمة المالية العالمية؟
بدأت الأزمة المالية فى الولايات المتحدة الأمريكية منذ أكثر من سنة عندما بدأت أزمة الرهن العقارى والتى تمثلت فى عدم قدرة المواطنين الأمريكيين على سداد مديونيتهم للبنوك وشركات التمويل وذلك نتيجة شراء المنازل و العقارات على آجال طويلة والاعتماد على منح قروض بمبالغ أعلى من قدرة المواطن الأمريكى على تحملها وسدادها ثم زيادة الفائدة على القروض وعدم قدرة المواطنين على تحملها، وبعدها جاء الإنهيار فى أسعار العقارات فى الولايات المتحدة وتبعاً لها عدد من دول أوروبا وتورطت بنوك كثيرة فى مشكلة مديونيات الرهن العقارى نتيجة تمويلها تلك القروض أو شرائها لسندات الدين المرهونة بها.
وتعتمد مصارف الاعمال على المصارف الاخرى لإعادة تمويلها. وفي حال وقوع ازمة ترفض المصارف اقراض بعضها البعض ومن ثم تكون هذه المصارف معرضة بصورة خاصة للازمة التي يطلق عليها تعبير "ازمة السيولة".
وتأزم الوضع عندما بدأت البنوك والمؤسسات المالية تفقد الثقة فى بعضها البعض ولم يعد أحد منها يصدق ما يعلنه الآخر عن وضعه المالى والمحاسبى وأصبح هناك شك بأن هناك ديون معدومة مخفية فتوقفت البنوك عن إقراض بعضها كما أصبح الإقتراض من الأسواق الثانوية فى غاية الصعوبة خوفاً من إنكشاف مخاطر غير متوقعة.
ومن هنا بدأت أزمة الإئتمان البنكية والتى تتمثل فى زيادة إصدار أدوات مالية مربوطة بتلك الديون وسندات الدين المرهونة وأوراق التأمين عليها وسندات الخزانة المشتراه مقابلها وزيادة إصدارات المشتقات المالية والأدوات المالية المرتبطة بها، ولم تفلح كل المحاولات فى القضاء على تلك الأزمة كضخ الأموال لزيادة السيولة، أو الشراء من قبل الحكومات لبعض المؤسسات المالية المنهارة، وكذلك محاولات تسهيل الإقراض ولو من البنوك المركزية كى تعود حركة السيولة بين البنوك.
وتعاقبت الاحداث مع افلاس مصرف "ليمان براذرز" وعملية دمج "ميريل لينش" فى "بنك اوف اميركا" وتحول اكبر مصرفين مستقلين في وول ستريت "مورغان ستانلي" وغولدمان ساكس" الى مجموعتين مصرفيتين قابضتين، واخيرا تدخل الدولة الاميركية بشكل استثنائي وغير مسبوق لانقاذ مجموعة التأمين العملاقة "ايه اي جي" وظهور بوادر موجة ذعر في السوق الأمريكية ثم انتقالها إلى الاسواق المالية العالمية والتى ترتبط إستثماراتها بالإقتصاد الأمريكى.