هناك قاعدة شهيرة في نظريات تكتيك كرة القدم تقول بأنّه عندما لا تمتلك فريقا قويا، عليك بالقراء ة الجيدة للخصم بهدف اللعب على نقاط ضعفه و قوته.
هذه القاعدة تتجسّد أمام أعيننا في الكثير من المباريات و المنافسات الكبيرة، و خير مثال لها ما حدث في نهاية التشامبيون ليغ الأوروبي بينالبارصا والتيلشي؛ التيلشي كان مقتنعاً بأنه لا يُمكن كبح جماح الآلة البارصاوية سوى بالتكتّل الدفاعي و استغلال الحملات المضادة السريعة و المُباغتة بقيادة رأس حربة كبير(دروغبا) تتوفر فيه كلّ مواصفات القوة و المهارة و التركيز..و فاز التيلشي باللقب أمام فريق يتّفق الخصوم قبل الأنصار انّه "أفضل فريق في العالم". و لو لعبتْ التيلشي بغير ذاك الأسلوب، لكان مصيرها هزيمة بالثلاثية أو الرباعية أمام أصدقاء ميسي.
الخطأ الفادح الذي ارتكبهغريتس في الكان السابق هو جهله بالخصوم التي واجهها في الغابون، و لو أنّغريتس قرأ بتمعّن منتخبي تونس و الغابون، لآلتْ نتيجتي المبارتين إلى عكس ما انتهتْ إليهما بالفعل. المنتخب المغربي في دورة غينيا و الغابون لعب كرة قدم جميلة و عصريّة، تماما كالأندية و المنتخبات الأوروبية. غير أنّ الخصوم- و خاصة المنتخب التونسي- تفطّن إلى هذا السلاح، و استطاعوا هزمنا بعد أن قرأنا مدرّبُهم قراءة فاحصة.
الطاوسي في هذه الدورة مطالب بالقراءة الجيدة لمنتخبات أغولا و الرأس الأخضر و جنوب إفريقيا؛ فالطاوسي حسب خلاصات المباريات الإعدادية و إمكانيات اللاعبين الذين بين يديه، لا يمتلك ذاك المنتخب الذي يستطيع فرض اسلوبه و شخصيته على الخصم. منتخبنا ضعيف ( و هذه حقيقة لا ينبغي أن تُزعجنا) و لا حلّ لديه سوى اللعب على نقاط قوة و ضعف الآخرين إنْ هو أراد المرور إلى الدّور الثاني على الأقلّ.
لا أعتقد أن السيّدرشيد الطاوسي في غفلة عن هذا الأمر، و إلا لما اصطحب معه إلى جنوب إفريقيافتحي جمال، الاختصاصي في التحليل و المعالجة المعلوماتية للمباريات. شخصيا لستُ أدري مدى نجاعة هذا التخصّص في عالم كرة القدم الذي لا يخضع دائما إلى العقل و المنطق، و لكنها مبادرة تكشف على الأقلّ وعي الطاقم التقني المغربي بأهمية هذا الجانب، ألا و هو "معرفة الخصم قبل مواجهته".