شهد عالم المال والأعمال في الآونة الأخيرة جملة من التحولات والتغيرات الناجمة في معظمها عن عديد الأزمات المالية والاقتصادية، والتي هزت العديد من الاقتصاديات، لتبرز حوكمة الشركات كأحد المواضيع الملحة على جدول أعمال الشركات والمنظمات الدولية، إذ أن هناك الكثير من الأحداث السلبية التي استحوذت على اهتمامات مجتمع الأعمال الدولي وكذا المؤسسات المالية الدولية.
ولا ريب إن قلنا أن أسباب هذه الاضطرابات تعود في معظمها إلى الفساد المالي والإداري، علما أن الفساد المالي يرجع في أحد جوانبه إلى دور مراجعي الحسابات وتأكيدهم على مدى صحة القوائم المالية وما تتضمنه من معلومات محاسبية، هذه الأخيرة التي تشكل النواة الأولى التي تبنى عليها قرارات الشركة، حيث أنها تعبر عن القيمة الاقتصادية لثروتها في لحظة معينة.
ولما تزايد الاعتماد على المعلومات المحاسبية المستمدة من القوائم المالية، وذلك نتيجة التغيرات الحاصلة في البيئة الاقتصادية والمتمثلة في اتجاه الدولة نحو خوصصة العديد من الأنشطة الاقتصادية، فإن تحليل تلك المعلومات من شأنه أن يعطي رؤية أوضح لمتخذي القرار. إلا أن المرونة الممنوحة إلى إدارة الشركة للاختيار بين بدائل السياسات المحاسبية قد يشكل نوعا من التلاعب واغتنام الفرص لتحقيق أرباح غير عادية، مما قد يؤثر على مصداقية المعلومات ومحتواها الإخباري.
من هنا تتجلى أهمية الإفصاح في الحفاظ على عدالة الفرصة ومصداقية المعلومات الواردة إلى السوق، مما يعزز الثقة في هذه المعلومات ويسهم في تنشيط السوق وتحقيق كفاءته. وبهذا تظهر العلاقة بين إتاحة المعلومات وتطبيق مبادئ وإجراءات الحوكمة في سبيل الحد من أعمال الغش والتلاعب ومن ثم رفع كفاءة السوق، وذلك من خلال الاعتماد من جهة على هذه المعلومات في ممارسة الرقابة على مختلف جوانب أداء الشركة، ومن جهة أخرى إعادة الثقة لدى المتعاملين في أسواق المال، مما يساهم في تحسين المناخ الاستثماري على المستوى المحلي أو الدولي